لماذا وصف "الإصلاح القضائي" في إسرائيل بـ"الانقلاب".. وما تأثيره على الخريطة السياسية في البلاد؟
12:35 GMT 23.02.2023 (تم التحديث: 13:34 GMT 23.02.2023)
© Fotolia / Gino Santa Mariaمحكمة
© Fotolia / Gino Santa Maria
تابعنا عبر
أثار خطة الإصلاح القضائي في إسرائيل ردود الفعل المتضاربة داخل البلاد نفسها وخارجها، وهو ما سبب قلقا واضحا لدى القادة والزعماء حول العالم بشأن مستقبل إسرائيل.
منذ دخول الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة بنيامين نتنياهو، سدة الحكم في تل أبيب، في يناير/كانون الثاني الماضي، وهي تعتزم تدشين خطة إصلاح للقضاء اعتبره البعض بمثابة "انقلاب قضائي" خاصة وأن سيترك الأثر البالغ والمشهود على المستقبل السياسي في إسرائيل.
الغريب أن نتنياهو وحلفاءه في الحكومة لا يزالون مصرين على المضي قدما في خطة إصلاح النظام القضائي الإسرائيلي، رغم معارضة شديدة في الداخل وطلبات إقليمية ودولية برفضه وعدم إقراره.
بدوره، صادق البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" بعد جلسة ليلية عاصفة، الثلاثاء الماضي، على تلك الخطة بقراءة أولى، من خلال تشريعات تحد من دور السلطة القضائية في البلاد، وذلك لصالح السلطتين التنفيذية والتشريعية، ضمن خطة حكومية لنتنياهو ووزير العدل الإسرائيلي، ياريف ليفين، وهي خطة مثيرة للجدل تعتبرها المعارضة "انقلابا قضائيا".
המחאה נגד הרפורמה: מפגינים נשכבו על נתיבי איילון | עדכונים שוטפים >>> https://t.co/ubqsfadzhu@DanaYarkechy pic.twitter.com/yBxmTDXBOm
— כאן חדשות (@kann_news) February 18, 2023
خرج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى التظاهر في المدن والبلدات الرئيسية في البلاد للتظاهر ضد خطة "إصلاح النظام القضائي" للأسبوع السابع على التوالي، في أيام السبت من كل أسبوع، حيث خرجت حوالي 115 ألف متظاهر إسرائيلي، السبت الماضي، تنديدا بما أسموه "القضاء على الديمقراطية" في إسرائيل.
لماذا تعتبر الخطة الإصلاحية للقضاء "انقلابا"
تقوم التشريعات القضائية الجديدة في إسرائيل على تغيير لجنة تعيين القضاة بحيث يمتلك الائتلاف الحكومي في البلاد سلطة مطلقة عليها، كما تسلب المحكمة الإسرائيلية العليا وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد سلطاتها في التدخل بمشاريع القرارات التي يقرها الكنيست نفسه، بل يتم الالتفاف عليها.
ويفترض مع تقويض أركان المحكمة الإسرائيلية العليا، تعزيز صلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية، مع تمكين الحكومة الإسرائيلية من التحكم في اختيار القضاة، بحسب هوى أعضاء الكنيست "البرلمان الإسرائيلي"، أي فتح الباب أمام هوى وأغراض هؤلاء الأعضاء في اختيار القضاة.
ويمكن بدوره تغيير تشكيل لجنة اختيار القضاة بحيث تكون تحت سيطرة الائتلاف الحكومي، بأغلبية 9 أعضاء مقابل 7 أعضاء معارضة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يحاكم بتهم فساد وخيانة أمانة، ويريد من خطة الإصلاح القضائي تقويض الجهاز القضائي والسيطرة عليه من أجل إلغاء محاكمته، حيث يحاكم في 4 تهم كاملة، معروفة باسم القضية "1000" والثانية "2000" والثالثة "3000" والرابعة "4000".
ولم تقف الإصلاحات القضائية عند هذا الحد، بل تعمل تلك الإصلاحات على الحد من صلاحيات المستشار القضائي للحكومة والمستشارين القضائيين لمختلف الوزارات الحكومية الإسرائيلية.
ويذكر أن المروَّج الأساسي لخطة الإصلاح القضائي في إسرائيل، هو حزب "الليكود" الحاكم بقيادة نتنياهو، خاصة مع شريكته المحامية طاليا ساسون، المديرة السابقة لقسم الوظائف الخاصة في النيابة العامة الإسرائيلية، حيث ترى صحيفة "هاآرتس" العبرية أنه كما نجح نتنياهو في السيطرة على أجزاء كبيرة من الإعلام الإسرائيلي، فإنه يرغب أيضا في السيطرة على القضاء في البلاد من أجل التهرب من جرائمه التي يحاكم عليها أمام القضاء الإسرائيلي.
وعلى الرغم من الموافقة في البرلمان الإسرائيلية على التشريعات القضائية في البلاد بالقراءة الأولى وبأغلبية 63 صوتا (من أصل 120 بالكنيست) مقابل 47 معارضا، فإنه من المفترض أن تتم الموافقة على تلك الإصلاحات، في وقت لاحق، على القراءتين الثانية والثالثة، لتصبح التشريعات قانونا نافدا في إسرائيل، ليغير بدوره الخريطة السياسية الإسرائيلية.
على الرغم من ذلك، فإن يائير لابيد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، قد خرج في أغلب المظاهرات للتنديد بالخطة الإسرائيلية الجديدة التي تهدف إلى تقويض أركان القضاء في بلاده، حيث أكد أن بلاده ستتفكك بعد أشهر قليلة والداخل الإسرائيلي سينشغل بالكراهية، حيث صرخ داخل قاعة الكنيست، فور التصديق بالقراءة الأولى على قانون الإصلاح، موجها حديثه لياريف ليفين، وزير العدل الإسرائيلي، زاعما أنه هو رئيس الحكومة الحقيقي في بلاده، كونه صاحب فكرة "خطة إصلاح النظام القضائي" في إسرائيل.
من جهته، يقول بنيامين نتنياهو إن الخطة الجديدة للإصلاح القضائي تهدف إلى إعادة التوازن بين السلطات الإسرائيلية، رغم وصف المعارضة بأن الخطة تعني "الانقلاب القضائي"، وأنها ستقضي على الديمقراطية، خاصة وأن الخطة تشمل منع المحكمة العليا من إلغاء قوانين يسنها الكنيست نفسه، وتتناقض مع قوانين أساس تعتبر دستورية.
وترى المعارضة الإسرائيلية أن الخطة تعني تعزيز قوة السياسيين في لجنة تعيين القضاة وعدم إشراك نقابة المحامين الإسرائيليين فيها، وإلغاء ذريعة عدم المعقولية بنظر المحكمة في قرارات تتخذها الحكومة.
في سياق متصل، كشف استطلاع للرأي أجرته قناة "كان" التابعة لهيئة البث الرسمية، أن 49% من ناخبي حزب "الليكود" اليميني بزعامة نتنياهو، أعربوا عن تأييدهم لوقف الخطة الحكومية، واللجوء إلى الحوار مع المعارضة بزعامة يائير لابيد.
סקר כאן חדשות: 49% ממצביעי הליכוד בעד עצירת החקיקה והידברות - 36% בעד המשך הרפורמה ללא פשרות#חדשותהשבת @kerenu9 pic.twitter.com/sjeVM1bac3
— כאן חדשות (@kann_news) February 18, 2023
فيما قال 36% من ناخبي "الليكود"، إنهم يؤيدون المضي قدما في خطة الإصلاح القضائي دون حلول وسط مع المعارضة، بينما قال 15% من ناخبي الحزب الممثل بـ 32 مقعدا بالكنيست من أصل 120، إنهم لم يحددوا موقفهم بعد.
وأقدم متظاهرون إسرائيليون على سرقة "مصفحة بريطانية" للتظاهر ضد سياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكتابة "ديمقراطية" أو الاستقلال على المصفحة للاحتجاج على سياسات الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة نتنياهو.
אחרי גרירת הטנק מתל-סאקי: מפגינים גררו שריונית בריטיתhttps://t.co/KG7rTZ31bZ pic.twitter.com/4ouuUJehAH
— החדשות - N12 (@N12News) February 18, 2023
وأكدت القناة السابعة العبرية أن المتظاهرين الذين سرقوا المصفحة هم أيضا الذين أقدموا على سرقة دبابة من موقع تذكاري في هضبة الجولان السورية المحتلة وتعقبتهم الشرطة الإسرائيلية وألقت القبض عليهم.
في السياق نفسه، دعا الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الحكومة والمعارضة في بلاده إلى التفاوض، معتبرا أن إسرائيل "على شفا انهيار دستوري واجتماعي"، محذرا من أن خطة الحكومة لإصلاح القضاء في شكلها الحالي "قد يكون لها أثر سلبي على الأسس الديمقراطية للبلاد".
بدوره، لم يقف جو بايدن الرئيس الأمريكي، صامتا أمام خطة الحكومة الإسرائيلية الجديدة الخاصة بالإصلاح القضائي، حيث شدد على أن إجراء أي تغييرات أساسية في إسرائيل يتطلب بناء إجماع شعبي، موضحا أن استقلال النظام القضائي يعد عنصرا مهما من عناصر الديمقراطية، مضيفا أن "عبقرية الديمقراطية الأمريكية وكذلك الديمقراطية الإسرائيلية تكمن في أنهما مبنيتان على مؤسسات قوية وعلى قضاء مستقل"، موضحا أن إجراء مثل هذه التغييرات يتطلب إجماعا واسعا من أجل اقتناع المواطنين به.
לאחר שנגנב טנק מאתר ההנצחה תל סאקי במחאה על המהפכה המשפטית, ותיקי מלחמות ישראל, המוחים גם הם נגד המהפכה, השמישו באישור מלא את הנגמ"ש הבריטי הישן המוצג בקיבוץ גשר
— חדשות 13 (@newsisrael13) February 18, 2023
לכל הפרטים - https://t.co/9idu3KOZrd@OrHeller pic.twitter.com/GE52jv7L8s
وقال بايدن إن "تحقيق توافق في الآراء بشأن التغييرات الأساسية مهم للغاية لضمان قبول الجمهور لها"، وكرر كلمات وزير الخارجية أنتوني بلينكين، الذي أشار بشكل غير مباشر إلى خطة نتنياهو وأكد أن العلاقة بين الدولتين "تقوم على القيم الديمقراطية".
يبدو أن خطة الإصلاح القضائي ستغير من الخريطة السياسية في إسرائيل، خاصة مع خروج مظاهرات بأعداد غفيرة لم يسبق تاريخ إسرائيل أن شهدها من قبل، كما أن المعارضة في البلاد اتفقت على أن تلك الخطة تعد "انقلابا"، وهو ما ينذر بمخاطر على مستقبل إسرائيل.