وجاءت الحملة الأخيرة تحت عنوان "بغاتها الوقت نبدلو القانون" وتعني "حان الوقت لتغيير القانون".
وتهدف الحملة لصياغة تشريعات جديدة من شأنها ضمان المساواة بين الجنسين في البلد المغاربي، الذي يشهد حراكا حقوقيا في هذا الشأن منذ فترة ليست قصيرة.
ويدعم دستور2011 المساواة بين الجنسين، خاصة من خلال الفصل 19، الذي جعل حق المناصفة دستوريا، وينص الفصل الـ 19 من دستور 2011 على أن الرجل والمرأة يتمتعان، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
ومن ضمن القوانين، التي تطالب بها الجمعيات النسائية في المغرب، القانون الجنائي المغربي، إضافة للمطالبة بتعديل مدونة الأسرة، التي عرفت مراجعة في عام 2004، وكذلك قوانين حضانة الأطفال بعد الطلاق والإرث والحريات الشخصية والإجهاض وزواج القاصرات، وهي محل مطالب من شرائح متعددة في المغرب.
مدونة الأسرة
وشكلت مدونة الأسرة، وهي مجموع القوانين المتعلقة بالأسرة وأحكام الزواج والطلاق وغيرها، عندما صدرت في عام 2004 قفزة نوعية فيما يتعلق بالعديد من الملفات المرتبطة بالمرأة، لكن الكثير من الإشكاليات تمثل معضلة حقيقية في ظل المؤشرات الحالية.
وتقول الناشطة الحقوقية المغربية فاطمة الإدريسي: "رغم مساعي الدولة للحماية القانونية للأسرة والمرأة، وضمان الحقوق فيما يخص الجانب الاجتماعي والاقتصادي لها، فإن وضع المرأة القانوني لا يزال غير كاف لحمايتها في ظروف كثيرة".
وتوضح، في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن أوجه المعاناة تتمثل في "الصعوبات التي تواجهها هي وأطفالها خاصة فيما يتعلق بالطلاق والأمد الذي يستغرقه والصعوبات القانونية وانعدام من يتكفل بأسرتها أثناء ذلك، خاصة إذا كانت لا تتوفر على دخل يكفل لها ولأطفالها حياة كريمة".
تقول فاطمة الإدريسي: "هناك ضروريات تتعلق بحقوق المرأة يجب العمل عليها، منها ضمان المسكن والحق في الدراسة والصحة لأطفالها".
ولفتت إلى أن القانون في الكثير من الأوضاع يسيء للمرأة خلال عمليات التقاضي، ويعرضها للخطر.
وترى الحقوقية أنه بات من الضروري أن تتحمل الدولة مسؤوليتها في حالة عجز الأب عن تقديم النفقة للأبناء، وإحداث صندوق على شاكلة "صندوق مال الضمان" يتدخل ويحل محل الأب في حالة عجزه عن الإنفاق على أبناءه بعد الطلاق".
وفي مارس/ آذار الماضي، نظمت فيدرالية رابطة حقوق الإنسان في المغرب وقفة تضامنية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة للمطالبة بمزيد من الحقوق للنساء المغربيات.
وقالت الهيئة الحقوقية التي نظمت الوقفة تحت شعار "المساواة والحرية أساس التنمية"، إن "الثامن من مارس يعد فرصة للنضال وللمطالبة بتعزيز الحقوق الإنسانية للنساء، خاصة أنه يتزامن هذه السنة مع الحملة الترافعية التي تخوضها الحركة النسائية والحقوقية في المغرب من أجل ملائمة التشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ودستور2011".
وشارك في الوقفة التي تم تنظيمها أمام البرلمان عدد من الحقوقيات والمناضلات اللاتي رفعن شعارات مطالبة بحقوق المرأة وتعديل مدونة الأسرة وإنصاف المرأة في قضايا الإرث والملكية والقانون الجنائي.
في الإطار نفسه، قال الحقوقي المغربي محمد الطيب بوشيبة، في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن العديد من المتغيرات يجب مواكبتها.
وتابع: "ما بعد الأزمة العالمية والاقتصادية وجائحة كورونا وتداعياتها على العمالة وما تنطوي عليه من آثار اجتماعية، أصبح التحدي الأكبر هو البحث عن التدابير السريعة الواجب اتخاذها على المستويين المتوسط والبعيد، من أجل الحفاظ على المكاسب المحققة بالنسبة للمساواة بين الجنسين والمضي بها قدما، وتخفيف الآثار السلبية للأزمة".
ولفت إلى أن التمييز المباشر وغير المباشر والأنماط المقولبة، وعدم توفر سبل الحصول على الموارد الإنتاجية لجميع الدول والتحكم بها، والأشكال غير المنظمة وغير النمطية للعمالة، ليست سوى أول الغيث من تلك التحديات التي تواجهها المرأة في سوق العمل.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2022، قال رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، إن المغرب قطع أشواطا مهمة من أجل تعزيز مكانة المرأة في المجتمع منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، حيث قام بإصلاحات كبرى تبتغي النهوض بوضعية النساء في المجتمع، وفتح الآفاق لإعطائهن الفرص المطلوبة في كل الميادين.
وأضاف أخنوش أن الملك محمد السادس قام بإصلاحات جوهرية لمدونة الأسرة سنة 2004، ثم أقر بعدها مبدأ المناصفة بين الجنسين في دستور 2011، موضحا أن "عدد النساء المنتخبات في مجلس النواب ارتفع إلى 96 بدلا عن 81، سنة 2021، وهو ما يشكل ربع أعضاء الغرفة الأولى.
وأشار إلى أن "التمكين الاقتصادي يعد أولوية للحكومة قصد تعزيز المساواة بين الجنسين، وذلك في أفق تفعيل الحكومة لكل التزاماتها في هذا الصدد بحلول سنة 2026".
تحسن مستوى حضور المرأة
أفرزت انتخابات سبتمبر/ أيلول 2021، تطورا كبيرا في نسبة حضور المرأة في البرلمان، بحصولها على 96 مقعدا، تسعون منها ضمن حصة الكوتا والباقي خارج منطق المحاصصة، لكن بعض الآراء تذهب إلى أن 6 مقاعد فقط خارج إطار "الكوتا" يعد تمثيلا ضعيفا لها.
وتزايد عدد المستشارات البرلمانيات إثر انتخابات 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، التي أسفرت عن فوز 14 مستشارة من بين مقاعد الغرفة الثانية البالغ عددها 270 مقعدا بمعدل قياسي يقارب 12 في المئة.
وفي وقت سابق، أكدت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، أن النساء والفتيات يوجدن في صلب النموذج التنموي الجديد الذي اعتمده المغرب في وقت سابق.
وقالت الوزيرة، في مداخلة خلال أشغال الدورة الـ67 للجنة وضع المرأة، التي انعقدت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك ما بين 6 و17 مارس الماضي، إن "إطلاق الورش الملكية للحماية الاجتماعية، الذي مكّن في 2022 من تعميم الحماية الصحية، جاء في إطار الجهود المبذولة بهدف تقليص الفوارق الاجتماعية وتقوية صمود الأسر، من خلال تحسين الاستهداف عبر المنظومات المعلوماتية للسجل الوطني للسكان، والسجل الاجتماعي الموحد".
وحصلت المرأة المغربية على بعض الحقوق تتمثل في إقرار التمييز الإيجابي 10 في المئة في الانتخابات التشريعية لسنة 2002، ومدونة الأسرة سنة 2004، وكذلك إقرار قانون منح المرأة الجنسية لابنها إن كانت متزوجة بأجنبي، وكذلك التوقيع على رفع كافة أشكال التمييز ضد النساء.