ومنذ توقيع اتفاق التطبيع بين الرباط وتل أبيب أواخر سنة 2020، وقعت العديد من الاتفاقيات ومذكرات التعاون، غير أن الأزمة الأخيرة طرحت تساؤلات بشأن مسار العلاقة بين الجانبين.
وأعربت المملكة المغربية عن قلقها العميق جراء تدهور الأوضاع واندلاع الأعمال العسكرية في قطاع غزة، كما أدانت استهداف المدنيين من أي جهة كانت.
وجاء الموقف بعد عملية "طوفان الأقصى"، التي أطلقتها "كتاب القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس فجر السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
يقول خبيران مغربيان إن الاتفاقيات بين المغرب وإسرائيل لن تتأثر، إلا في حالة سعي إسرائيل لتغيير الخريطة الحالية التي هي عليها في الأراضي المحتلة، وفق قولهما.
من ناحيته، قال الخبير الاستراتيجي المغربي، إدريس قصوري، إن تفاقات المغرب استراتيجية، لا ولن تتأثر بالأحداث بين الفلسطينيين وإسرائيل، إلا إذا كانت إسرائيل هي المبادرة، وهي الغاشمة كما حدث في تسعينيات القرن الماضي، حين أغلق المغرب مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "المغرب يعد البلد العربي الوحيد على الإطلاق الذي تربطه علاقات مشروعة وقوية وذات مصداقية مع كل من فلسطين وإسرائيل".
ويرى أن "علاقاته تستند للتاريخ والدين والمشروع الدولي، وتحتكم للعقل والتوازن والسلم، وليس للعاطفة والتأجيج والتوظيف السياسي".
وأشار إلى أن المغرب قد يعد البلد الوحيد الذي يبحث للفلسطينيين وللإسرائيليين عن حل مناسب دون مزايدات سياسية خاسرة، وهو البلد الوحيد الذي يواكب الطرفين في وقتي السلم والحرب، على حد تعبيره.
ومضى بقوله: "لا يجب قراءة الأحداث قراءات تحريفية، أو إعطاءها تأويلات سياسيوية، إذ أن تطور الأحداث لن يحرج المغرب في شيء".
وتابع: "العالم يشهد بأن حماس هي من هاجم المستوطنات، وهي من نكلت بوحشية خارج الدين وخارج المواثيق والقوانين الدولية كلها بالمدنيين وبالعجزة قبل العسكريين، وهذا وحده كفيل بإنصاف المغرب من سياسة حماس وحزب الله وإيران".
وأشار إلى أن "علاقة المغرب مع أمريكا هي تاريخية منذ اعترافه باستقلالها، وعلى أسس الحليف الاستراتيجي، كما شيد علاقته مع إسرائيل على أسس الهوية المغربية لليهود المغاربة، ووحدة الأديان الثلاثة التي يرمز إليها القدس الشريف، والتي تلعب فيها إمارة المؤمنين دورا على أساس كون المغرب دولة فاعلة وذات مصداقية في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني".
ويقول الخبير المغربي أوهادي سعيد، إن "الحرب المعلنة بين حماس وإسرائيل، تمثل امتحانات مهما لمن لازال لم يفهم الموقف المغربي الرسمي من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أنه "منذ أن سوق خطأ الاتفاق الثلاثي "الأمريكي المغربي الإسرائيلي"، ظن العديد من المتتبعين أن المملكة المغربية قايضت القضية الفلسطينية بالاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وهو غير صحيح بالمرة".
وتابع: "بيان الديوان الملكي واضح بشأن الموقف المغربي الثابت في هذه القضية، وهو تأييد حل الدولتين مع دعم الدولة الفلسطينة وعاصمتها القدس الشرقية".
واستطرد: "منذ اندلاع الحرب الحالية سارعت المملكة إلى موقف أكثر توازنا، وهو التنديد بالعنف في حق المدنيين من الطرفين، والتأكيد أن حل الدولتين هو الذي بإمكانه تفادي مزيدا من الدماء والضحايا الأبرياء".
وبشأن مصير الاتفاق بين المغرب وإسرائيل، أوضح أن "المملكة المغربية لم تسمح بفتح سفارة بالرباط والإبقاء فقط على القائم بالأعمال، كما أنها لم تتردد بالتنديد بالممارسات الإسرائيلية المستفزة، والسعي إلى مزيد من الاستيطان وقتل المواطنين الفلسطينيين العزل".
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة الأمريكية حاولت الضغط لدفع المملكة المغربية وبعض الدول العربية بالتنديد بما قامت به "حماس"، يوم السابع من أكتوبر، إلا أن المملكة المغربية رفضت قطعا ذلك، وهو ما يبين أن المغرب مستعد لإيقاف تنفيذ الاتفاق الثلاثي، إذا تطورت الأمور إلى تغيير للوضع الميداني، ومحاولة إسرائيل التوسع أكثر وتغيير الخريطة الحالية".
وكان المغرب أعاد علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل في ديسمبر/ كانون الأول 2020، في إطار اتفاقات أبراهام التي شملت دول عربية أخرى برعاية الولايات المتحدة.