وأضاف رئيس تحرير (البعث)، بسام هاشم، في حديث لـ "سبوتنيك" أن الرئيس بوتين عرض هيكلية هذا الاقتصاد الذي يعمل جنبا إلى جنب مع حلفائه في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية على تكريسها، انطلاقا من إدراكه بأنه الوقت قد حان لإسدال الستار على "القرن الأمريكي" الذي ولد مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي، مع حلول الولايات المتحدة الأمريكية محل قوى الاحتلال التقليدية (فرنسا وبريطانيا)، والهيمنة على نفط الخليج العربي، والتحكم باقتصاد العالم عبر صندوق النقد والبنك الدوليين، ومن ثم اتفاقية (بروتون وودز).
وأوضح رئيس تحرير "البعث" السورية أن الرئيس بوتين تحدث عما يشهده العالم حاليا من تحولات عميقة، مبرزا استعداد روسيا لملاقاة هذه التحولات، بما فيها التحولات التكنولوجية والقطاع المالي وقطاع خدمات النقل، مدللا على ذلك بتناوله الواضح لنمو حجم حركة المرور على طول ممرات النقل الدولية في اوراسيا بعيدا عن مناطق النفوذ التقليدية لدول الغرب، والتي لطالما شكلت لمئات السنين ما يمكن تسميته بـ "درة التاج" الاستعماري الغربي، مشيرا إلى أن روسيا سجلت انتصارات تاريخية في "حرب الطاقة"، وهي اليوم تكرر انتصاراتها في "حرب نزع الدولرة" عبر مأسسة التعامل بالعملات المحلية، وصولا إلى بنية نقدية مستقلة يمكن استلماحها ضمن استراتيجيات "بريكس" المعلنة.
وأشار هاشم إلى أن شعوباً عديدة رزحت تحت قسوة الهيمنة العمياء للدولار الأمريكي، واستلب قرارها الوطني، موضحا أن الرئيس بوتين لامس الأفق العالمي الجديد من خلال الشراكة مع دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي معلنا أن روسيا تضمن توازن مصالح شركائه بعيدا عن التبعية والهيمنة التي لطالما مارسها الغرب بحق دول العالم، بما في ذلك حلفائه التاريخيين، ليؤكد بوتين بأن "روسيا لم تتصرف قط كمستعمر، على غرار الولايات المتحدة"، في إقرار بأن العالم الجديد سيكون مغايرا لذلك الذي شهدناه على امتداد القرن الماضي.
وأوضح هاشم أن الرئيس بوتين كان يقصد من حديثه، خلال الجلسة العامة لـمنتدى بطرسبورغ، عن العجز التجاري الأمريكي الذي يبلغ تريليون دولار سنويا، الإشارة إلى "الاستعمار الجديد في نسخته الحديثة باستخدام الوضع الاحتكاري للدولار"، حيث تنفق الولايات المتحدة سنوياً أكثر مما تنتج بمقدار تريليون دولار، ملمحا إلى أن ما يسمى الرفاهية الأمريكية مبنية على نهب اقتصادات العالم، وسرقة ثروات الشعوب من خلال إخضاعها القسري لسطوة للدولار، تماما كما بنت رفاهيتها إبان استعمارها للقارة الأمريكية على جماجم سكانها الأصليين.
وأضاف هاشم بأن تناول الرئيس بوتين للنمو المضطرد للاقتصادات الناشئة في آسيا يندرج وكأنه قرع للجرس في وجه الغرب، مؤكدا بأن إدراجه لترتيب الاقتصادات العالمية الأقوى (الصين التي هزمت الولايات المتحدة كأكبر اقتصاد عالمي، والهند التي حجزت بطاقتها كثالث اقتصاد، وروسيا التي تقدمت على اليابان من حيث تعادل القوة الشرائية)، إنما يؤكد على أن العالم بدأ وجهته الجديدة بعيدا عن القرن الأمريكي.
وختم رئيس تحرير صحيفة (البعث) بالقول: بكل ما أمكنه من اختصار، وصف الرئيس بوتين، وبثقة، شكل الهيكل الاقتصادي العالمي الجديد الذي يولد اليوم، وسيزداد قوة مع حلول منتصف القرن الحالي.
ويتضمن المنتدى أكثر من مئة وخمسين جلسة مواضيعية بمشاركة أكثر من 1000 متحدث ومشرف في هذه المجالات، ومن المفترض أن يتم من خلال الأحداث الكشف عن مفهوم "مكان ودور روسيا في العالم المتعدد الأقطاب الناشئ".
ورحبت روسيا بضيوف المنتدى بطريقة استثنائية، حيث وضعت جدرانا ضخمة من الورود انتشر عبقها في قاعات المنتدى، مع ألواح من حلوى البرالين (السعادة) ومنصات نشرت عليها فاكهة الفروالة والضيافة للمشاركين في المنتدى.
ويشمل جدول الأعمال أيضا مناقشة شروط تطوير العلاقات بين الدول، فضلا عن تشكيل نقاط نمو جديدة. نحن نتحدث عن قادة اقتصاديين جدد يمكنهم إنشاء بديل لمراكز النفوذ الحالية، بحسب المتحدث.
وينعقد منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي – 2024، في الفترة من 5 إلى 8 يونيو/ حزيران.