خوري: هناك توافق بين أوساط الشعب الليبي على ضرورة دفع العملية السياسية قدما

قدمت ستيفاني خوري، نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، القائمة بأعمال رئيس البعثة، أمام مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، إحاطة حول الأوضاع في ليبيا.
Sputnik
وأوضحت المسؤولة الأممية أن "هذا العيد هو أول عيد أضحى بعد فاجعة درنة، وفيه نستحضر ذكرى من فقدوا أرواحهم في هذه الفاجعة الأليمة، غير أن الليبيين أظهروا تمسكاً ملفتاً بأواصر الوحدة والقدرة على الصمود في وجه المحنة التي ألمّت بهم".
وتابعت خوري: "منذ أن توليت مهام القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، منصب نائبة الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية، شرعت في مشاورات للاستماع لهواجس الشعب الليبي وأولوياته بما في ذلك آراؤهم بشأن عملية سياسية شاملة للجميع يقودها الليبيون ويملكون زمامها وحتى هذه اللحظة".
هل يتحسن الوضع الاقتصادي في ليبيا بعد اكتشافات المؤسسة الوطنية للنفط وزيادة معدلات إنتاجها؟
ولفتت خوري إلى أن "الأغلبية الساحقة من المواطنين الليبيين، هم بحاجة للتوصل إلى اتفاق سياسي كي يتم إجراء انتخابات وطنية ذات مصداقية تفضي إلى إعادة الشرعية لجميع المؤسسات"، كما ناقشت خوري "ضرورة وجود عملية تتحرى الشمول يقودها الليبيون لتخطي الجمود السياسي ومساندة الشعب الليبي في تحقيق تطلعاتهم نحو السلام والاستقرار والازدهار والديمقراطية".
وأضافت أن "الليبيين طرحوا أفكارهم حول الشكل الذي يفترض أن تكون عليه أية عملية سياسية تُجرى في المستقبل، بما في ذلك دور الأطراف المؤسسية الليبية الخمسة الرئيسة، ومن ضمنها مجلسا النواب والدولة أو حوار بمشاركة أوسع أو مزيج من هذا وذاك، فضلا عن مبادرات أخرى".
وأكدت خوري أن "العديد من الليبيين أكدوا احترامهم للنتائج التي ستفضي إليها الانتخابات، ولقد شدد بعضهم على أهمية إدراج ما يكفي من تفاصيل وآليات تنفيذ أي اتفاق مستقبلي لضمان التزام الأطراف ببنوده، كما طرحوا أيضا أفكارا حول خريطة طريق تتناول الجوانب الجوهرية بما فيها ما إذا كان يتوجب التركيز على الإشكاليات المتعلقة بتشكيل حكومة مؤقتة والخطوات الكفيلة بالتوجه نحو إجراء الانتخابات".
وأردفت، قائلة: "أعرب بعض المواطنين والمسؤولين عن ضرورة الوقوف على المسببات الجذرية للنزاع مع التركيز على الإشكاليات المتعلقة بالاقتصاد والبنيات الأمنية وهياكل الحكم في ليبيا، وضرورة تعزيز اللامركزية والشمول والإنصاف والشفافية".
وأوضحت بأن "العديد من الليبيين أعربوا عن مخاوفهم العميقة إزاء واقع الانقسام على الأرض، ووجود مؤسسات حكم موازية"، وأكدت بأنها تشاطرهم هذه المخاوف، واعتبرت أن "هذه التطورات كفيلة بزعزعة الاستقرار الاقتصادي والأمني، ناهيك عن تقويضها سيادة ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها وسط مخاوف بشأن تأثير التوترات الجيوسياسية على ليبيا".
ليبيا.. حكومة الوحدة الوطنية تبحث مع السفير الروسي تفعيل التعاون المشترك
وبحسب خوري، فإنه "بالإضافة إلى الحل السياسي الوطني، شدد العديد من الليبيين أيضا على ضرورة إجراء انتخابات محلية، وهي خطوة مهمة لضمان تحقيق المساءلة عن تقديم الخدمات وإعادة الشرعية لقسم هام من المؤسسات الليبية، وفي 9 يونيو (حزيران الجاري)، أطلقت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عملية تسجيل الناخبين للانتخابات البلدية في 60 بلدية في جميع أنحاء ليبيا، وحتى الآن، سجل أكثر من 36000 مواطن في مراكز التسجيل بالحضور الشخصي ومن خلال نظام الرسائل النصية القصيرة، وهذه خطوة مهمة على الرغم من أن تسجيل الناخبين وبالأخص الناخبات، يبقى منخفضاً إلى حد ما، وتبذل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، بدعم من البعثة، جهوداً لتشجيع المزيد على التسجيل".
وأضافت: "علاوة على ذلك، وحتى عشية عيد الأضحى، تم منع افتتاح 10 من أصل 12 مركزاً للتسجيل بالحضور الشخصي في عدد من بلديات شرق ليبيا"، وحثت خوري السلطات على السماح بفتح تلك المراكز وتمكين الليبيين من التسجيل وممارسة حقوقهم السياسية.
وتابعت: "إن الحد من النزاعات والحفاظ على الاستقرار يظلان في طليعة اهتمامات أغلب الليبيين، ففي شهر أبريل (نيسان الماضي)، حدثت اشتباكات قصيرة لكن عنيفة في منطقة عين زارة المكتظة بالسكان في طرابلس، وفي مواجهة خطر مزيد من التصعيد في العاصمة، شارك قادة التشكيلات المسلحة بنجاح في جهود الحوار لتهدئة الوضع، وفي شهر مايو (أيار الماضي)، جاءت الاشتباكات المتفرقة التي وقعت بين مجموعات مسلحة في منطقتي الجميل والزاوية، وتفجير سيارة مفخخة في طرابلس، الأسبوع الماضي، فضلا عن التقارير التي تفيد باستمرار حشد السلاح داخل البلاد، جاءت كلها لتشكل تذكيراً صارخاً بهشاشة المشهد الأمني ​​في ليبيا. هذه الديناميات تؤكد الأهمية البالغة لتوحيد وإصلاح المؤسسات الأمنية وأهمية جهود الوساطة المحلية".
ومضت، بالقول: "ورغم عدم تسجيل أي انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار خلال الفترة التي تغطيها هذه الإحاطة، إلا أن التقدم في انسحاب القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة ما يزال متعثراً، وقد أدى الوضع الأمني ​​في عدد من دول الجوار، من بين عوامل أخرى، إلى تعطيل التواصل الذي بدأته اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) مع لجان التنسيق التي أنشأتها هذه الدول للتعامل مع هذا الأمر".
وشددت المسؤولة الأممية على بذل المزيد من الجهود من جانب السلطات الليبية للتصدي للألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب، وقد أفادت تقارير عن إصابة 12 طفلاً في أوباري وطرابلس، خلال شهري أبريل ومايو الماضيين، لوحدهما.
ما التحديات التي تواجهها المفوضية العليا لإتمام الانتخابات المنتظرة في ليبيا؟
وأكدت خوري أن "الوضع الاقتصادي بات أشد صعوبة، إذ تواجه الأسر والأعمال التجارية الصغيرة ارتفاعاً في الأسعار، وانخفاضاً في القوة الشرائية أو صعوبة في الحصول على النقد. إن الثروة التي تنعم بها ليبيا لم تُترجم إلى توزيع عادل للموارد وولوج للخدمات وحصول متكافئ على الفرص لجميع الليبيين، ولا سيما الشباب والنساء، لذا فإن توحيد الميزانية الوطنية ضرورة قصوى".
وحثت أصحاب الشأن كافة على حل ما تبقى من خلافات لضمان إقرار الميزانية بشكل سريع والاتفاق على تنفيذها على نحو يتسم بالشفافية ويخضع للمساءلة.
وفيما يتعلق بوضع حقوق الإنسان، قالت خوري بأنه يراودها قلق عميق إزاء التقارير التي تفيد بوقوع انتهاكات في جميع أنحاء البلاد، ولا سيما النمط المتكرر من الاختطاف أو الاعتقال والاحتجاز التعسفي لليبيين. وفي 17 مايو الماضي، اختفى عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي، في بنغازي.
وفي 19 أبريل الماضي، توفي الناشط السياسي سراج دغمان، في ظروف غامضة أثناء احتجازه في بنغازي، وما يزال النائب حسن الفرجاني، من بين آخرين، محتجزاً بشكل تعسفي في طرابلس.
وقالت ستيفاني خوري إن "البعثة كانت قد دعت إلى إجراء تحقيقات شفافة ومستقلة في جميع حالات الوفاة أثناء الاحتجاز وفي حالات الاختفاء، وإلى إطلاق سراح المحتجزين تعسفيا"، واستطردت، بالقول: "لا يزال المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء يتعرضون أيضاً للاحتجاز التعسفي والتعذيب والابتزاز والعمل القسري والترحيل، وهناك حاجة إلى إطار قانوني وسياسي شامل لمعالجة وضعهم وإدارة موضوع الهجرة بما يتماشى مع المبادئ الدولية".
وأضافت: "في ضوء الحرب المروعة في السودان وتأثيرها على ليبيا، أطلقت وكالات الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني يوم 28 مايو الماضي، بالتنسيق مع السلطات الليبية، خطة الاستجابة لعام 2024 للاجئين السودانيين في ليبيا، وتنص الخطة على مبلغ 43.8 مليون دولار لتلبية احتياجات السكان المستهدفين والمتوقع أن يصل عددهم إلى 195,000 شخص، بما في ذلك اللاجئين السودانيين والمجتمعات المحلية المضيفة".
في ظل الانقسام ... ما إمكانية تطبيق "نظام الكفيل" في ليبيا
وذكرت خوري أن "التطورات التي ذكرتها في السابق تبين هشاشة الوضع والاحتياجات الكثيرة للشعب الليبي، والتحديات المتعددة التي يواجهها، لذا فإن البعثة وأسرة الأمم المتحدة في ليبيا، تواصل دعم نهج متعدد الجوانب لمعالجة هذه القضايا المثيرة للقلق، بما في ذلك تعزيز العمل بشأن الأولويات الاقتصادية والأمنية وحقوق الإنسان، إلى جانب الجهود السياسية".
وتابعت: "تواصل الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل الأمنية مناقشتها الداخلية مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في خطوة مشجعة، استعدادا للاجتماع المقبل لمجموعة العمل الأمنية المعنية بليبيا، كما تعكف الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل الاقتصادية أيضاً على مناقشة جدول أعمال لاستئناف عملها في دعم الجهود الليبية، وتنخرط المجموعة المعنية بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني أيضاً في دعم الجهود الوطنية للتصدي للاحتجاز التعسفي ولجهود تحقيق مصالحة وطنية قائمة على الحقوق".
ولفتت خوري إلى أنه "من الأهمية بمكان دفع عملية المصالحة الوطنية قدماً، وأشيد هنا بعمل المجلس الرئاسي ولجنة العدالة والمصالحة بمجلس النواب اتفاقهما على مشروع قانون واحد للمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية يحفظ حقوق الضحايا ويلتزم بالمعايير الدولية".
ودعت جميع الهيئات ذات الصلة إلى "الانخراط بنفس الروح كي يتسنى اعتماد هذا التشريع الحيوي على أساس التوافق والبعثة جنباً إلى جنب مع الاتحاد الأفريقي، على استعداد لمواصلة التيسير وتقديم المشورة الفنية".
وأكدت أن "البعثة تواصل دعم الجهود الليبية من أجل تمكين الشباب والنساء بشكل أكبر، وقد أعرب الشباب الليبي عن رغبتهم في القيام بدور فعال في إيجاد الحلول لمجتمعاتهم المحلية وصياغة مستقبل بلادهم. واتساقاً مع قرار مجلس الأمن رقم 2250 لسنة 2013 بشأن الشباب والسلام والأمن، أطلقت البعثة، في مايو الماضي، استراتيجيتها الجديدة لإشراك الشباب، والتي تركز على التدريب والمناصرة والتشبيك بهدف تمكين الشباب".
وفي ختام إحاطتها، أكدت خوري أن "هناك ثمة توافق بين أوساط الشعب الليبي على ضرورة الدفع قدماً بالعملية السياسية، لأن الوضع القائم غير قابل للاستمرار، وبينما تتعمق الانقسامات المؤسسية والسياسية، فإن عامة الليبيين يتوقون إلى السلام والاستقرار والازدهار والمصالحة، وبات من الضروري القيام بعمل حازم وموحد من جانب الليبيين وبدعم من المجتمع الدولي لإحراز تقدم في العملية السياسية".
مناقشة