وقرر القضاء الأردني توقيف 19 شخصا ومنع 10 آخرين من السفر خارج المملكة بتهمة الاتجار في البشر في إطار ملف تنظيم رحلات لأداء مناسك الحج مؤخرا خارج البعثة الرسمية.
وقالت الأمانة العامة للقضاء الأردني إنه تقرر إغلاق شركات قامت بدور بارز في تسهيل الحج دون تصريح، وفقا لـ"سكاي نيوز".
وكشفت وزارة الخارجية الأردنية في أحدث بيان لها عن وفاة 99 من الحجاج الأردنيين أثناء أداء مناسكهم.
وأكد خبراء أن الإجراءات التي اتخذتها المملكة الأردنية من شأنها ردع المتورطين في هذه القضية، ومنع تكرارها في الأعوام القادمة، لا سيما بعد توجيه تهم الاتجار بالبشر لهذه الشركات.
الاتجار بالبشر
قال الخبير القانوني الدولي، حمادة أبو نجمة، إن قانون منع الاتجار بالبشر الذي صدر عام 2009، عرف مفهوم جريمة الاتجار بالبشر بأنه "استقطاب أشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بغرض استغلالهم عن طريق التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال والخداع، أو استغلال السلطة، واستغلال حالة ضعف، أو بإعطاء وتلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على هؤلاء الأشخاص".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذا المفهوم يعتمد أساسا على ممارسة الاستغلال لتحقق هذا الفعل حتى يعتبر فعلا مجرما بحكم القانون، وهو بذلك اهتم بتعريف مفهوم الاستغلال أيضا، لذلك هناك إمكانية انطباق حالة الحجاج الذين توفوا أو تضرروا نتيجة تعاملهم مع مكاتب أو أشخاص للسفر إلى السعودية بتأشيرة زيارة بهدف أداء شعائر الحج ترتبط بشكل رئيسي، فيما إذا كانت هذه المكاتب قد مارست الاستغلال بحقهم بأي صورة من الصور التي أشار إليها القانون، وهي من الناحية القانونية وكما هو واضح من نصوص قانون منع الإتجار بالبشر لا تنطبق على حالة الحجاج الذين تم تسميتهم بالحجاج غير الرسميين.
وقال إن جنحة الاحتيال فإمكانية انطباقها على هذه الحالة واردة جدا في حال ثبت أن هذه المكاتب قد مارست أي شكل من أشكال الإيهام بوقائع غير حقيقية، فلكي تقوم جريمة الاحتيال لا بد من قيام الجاني بفعل مادي يتمثل بالاستيلاء على مال الغير بطرق احتيالية بالإضافة إلى القصد الجرمي، وهو أن تتجه إرادة الجاني للاستيلاء على مال الغير من خلال الوسائل الاحتيالية التي قام باستخدامها القائمة على الغش والخداع، كاستخدام طرق احتيالية من شأنها إيهام المجني عليه بوجود مشروع كاذب أو حادث أو أمر لا حقيقة له أو إحداث الأمل عند المجني عليه بحصول ربح وهمي أو تسديد المبلغ الذي أخذ بطريق الاحتيال، أو إيهامه بمشروع كاذب، وربما يقوم شخص بتأسيس شركة لتكون طعماً لمساعدته في عملية الاحتيال والنصب والاستيلاء على أموال الآخرين.
وجريمة الاحتيال تعتمد بشكل رئيسي على تغيير الحقائق إذ لا بد أن يكون قد تم استخدام وسائل تعتمد على الغش والخداع والكذب وبالتالي تشويش ذهن المجني عليه مما يحمله على وضع ماله تحت تصرف الجاني، ولكنه لو كان يعلم الحقيقة لن يقوم بتسليم ماله لهذا المجرم، وهذه القاعدة التي ستحسم أمر إدانة أو عدم إدانة المتهمين.
وبحسب أبو نجمة، إمكانية إدانة هؤلاء تعتمد على ما إذا كان الحجاج غير الرسميين قد تم خداعهم أو إيهامهم مثلا بأن وضعهم قانوني أو أن الإجراءات التي تمت لسفرهم تسمح لهم بالحج وليس فيها مخالفة للقوانين السعودية، أي أنهم لن يتعرضوا للملاحقة ولن يتم منعهم من أداء مناسك الحج، وهذه أمور كلها وحسب ما يتم تداوله لا تنطبق على الكثير من الحجاج على اعتبار أن أغلبهم كانوا على علم بأن وضعهم مخالف للقانون، ولكنهم اعتمدوا واعتمدت المكاتب التي تعاملوا معها على أن تجارب السنوات السابقة كانت تمر دون ملاحقة أو متابعة من السلطات السعودية، واعتقدوا أن الأمر سيكون ميسرا على شاكلة ما سبق، ولكن هذا لم يحدث وتفاجأوا بإجراءات متشددة وملاحقات مما عرض العديد منهم للتسفير وآخرين لضربات الشمس والمرض أو الوفاة.
إجراءات رادعة
اعتبرت الدكتورة صباح الشعار، النائبة الأردنية السابقة، أن التحركات القوية الأردنية فيما يتعلق بقضية وفاة أكثر من 100 حاج أردني، جاءت في ظل شعور الشارع بالصدمة، وتضارب الأنباء وتراشق الاتهامات بين نظامي وغير نظامي للحجاج الأردنيين.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، سارعت الحكومة في تحويل الحادث إلى المدعي العام لمحاسبة المتسببين في هذه الفاجعة غير المسبوقة، والتي حدثت بسبب وجود سماسرة وضعف مراقبة مكاتب السفر والحج والعمرة.
وأكدت أن هذه الحادثة تضع الأردن أمام إجراءات وتعليمات صارمة، لتفادي الأزمة في المرات القادمة، والاستفادة من التجاوزات التي حصلت هذا العام من قبل السماسرة الذين لم يكن همهم سوى تحقيق أرباح على حساب حياة المواطنين.
وأوضحت أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأردنية فيما يتعلق بتحويل عدد من المكاتب إلى المدعي العام بتهمة الاتجار بالبشر، ولنيل العقوبة مرحب بها، ومن شأنها أن تردع هؤلاء السماسرة الذين تاجروا بأرواح الأردنيين خلال القيام بشعائر دينية.
وأوضحت الخارجية الأردن أن التحقيقات الأولية كشفت قيام مالكي شركات خاصة مرتبطة بعمليات نقل المسافرين ومالكي شركات حج وعمرة أو عاملين في هذا المجال باستقطاب ونقل وإيواء العديد من المواطنين الأردنيين لزيارة مكة خلال موسم الحج دون وجود تصاريح لأداء مناسك الحج وخارج إطار البعثة الرسمية.