باحث سياسي: التحولات الجيوسياسية تقتضي تنفيذ رؤية بوتين في مكافحة الإرهاب

أكد الخبير والباحث السياسي السوري الدكتور ساعود جمال ساعود، أن الحديث عن تحويل الهيكل الإقليمي لمكافحة الإرهاب التابع لمنظمة شنغهاي للتعاون، إلى مركز عالمي يمكّن دول المنظمة من اتخاذ الاحتياطات اللازمة ضد كل التهديدات الأمنية.
Sputnik
وقال ساعود: "هناك ضرورة لمواجهة الإرهاب العابر للحدود، ولا سيما التنظيمات الموظفة لمصالح غربية معادية، على سبيل المثال ما تشهده روسيا من مخاطر عند حدودها، فقد رأينا أن الناتو كان يجهز مراكز أسلحة بيولوجية على الحدود الروسية، ومنذ أيام أحداث داغستان وغيرها".

الناتو.. خطر عالمي

وأضاف الدكتور ساعود، المختص في العلوم السياسية الدولية، في حوار خاص مع "سبوتنيك": "ثاني هذه الظروف هو المخاطر التي فرضتها دول حلف الناتو على لسان الأمين العام السابق، إذ هددت بنشر الأسلحة النووية واستخدامها في حال اضطرت، وهذا خطر عالمي، وكذلك التدخل بالشؤون الداخلية للدول كتايوان، والتلاعب بقضية مسلمي الإيغور إعلامياً من قبل الأمريكيين. ومن تلك الظروف وضع حلول لمشاكل الحدود فما تزال إشكالية ضبط الحدود قائمة دولياً في ظل انتشار المخدرات وعصابات السلاح وانتقال الإرهاب، وهذا تطلّب تضافر الجهود الدولية لمجموعة تنموية كشنغهاي لمنعه من تهديد أمنهم، إضافة إلى الأطماع الأمريكية في جيوسياسية دول منظمة شنغهاي لتمرير مشاريعها كمشروعها ممر الهند - أوروبا، الذي ينافس مبادرة الحزام والطريق الصينية، الأمر الذي قد يجعلهم يفتعلون المشاكل الأمنية لتحقيق مصالحهم، وهذا ما نلاحظه من محاولاتهم جذب بعض دول جنوب آسيا إلى جانبهم".
شي جين بينغ يدعو دول منظمة شنغهاي للعمل لبناء عالم متعدد الأقطاب

العالم يحتاج رؤية الرئيس الروسي

أوضح الدكتور ساعود أن "التحولات الجيوسياسية تقتضي تنفيذ طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والأمثلة كثيرة منها ما حصل في آسيا الوسطى عقب انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان وتركه حركة طالبان، ما أثار العديد من السيناريوهات الأمنية الخطيرة، وكانت أغلب المؤشرات سلبية، ذلك فرض أن دول آسيا الوسطى وجيرانها بحاجة لحلف أمني جديد"، مشيراً إلى أن "منظمة شنغهاي تلافت الموقف بذكاء عندما منحت إيران صفة عضو بعد أن كانت عضواً مراقباً، وحصل استيعاب لحكومة طالبان وانفتاح حذر وتأكيد من قبل جيران أفغانستان على أهمية الأمن وضبط الحدود، وبذلك تمكنت دول المنظمة القريبة من أفغانستان من درء خطر طالبان، وفتح قنوات تواصل معها، ما يبرر تطلع الهيكل الإقليمي لمكافحة الإرهاب في المنظمة إلى التعاون الفاعل بين دول المنظمة لمواجهة الإرهاب والتطرف".

مركز عالمي لمكافحة المخدرات

وبين الدكتور ساعود أن "هذا الطرح يأتي بناء على جهود دول المنظمة في مجال مكافحة المخدرات على الصعيد القانوني والعملي، فقد تمثلت قانونياً بالاتفاقيات كاتفاقية عام 2004 للتعاون في مكافحة المخدرات، وبيان رؤساء الدول الأعضاء في شنغهاي للتعاون بشأن تهديدات المخدرات لعام 2015، وتجسدت عملياً بعمليات أمنية لدول شنغهاي، إذ تمت مصادرة 69 طناً من مادة الهيروين المميتة من التجار على حدود دول شنغهاي حوالي 14% من العقاقير المصادرة في العالم".
بوتين: هيكل مكافحة الإرهاب التابع لمنظمة شنغهاي للتعاون سيتحول إلى مركز عالمي
وأشار ساعود إلى أن "أهمية إنشاء هذا المركز تبرز من مقدار الاهتمام والتنظيم والتنسيق على المستويين الإقليمي والدولي بين الدول المعنية، وهذا يعني مستقبلا تحقيق المزيد من الدعم لمقومات التنمية المستدامة بين دول المنظمة التي ستكون مركز نظام عالمي جديد لمكافحة المخدرات وجملة المخاطر التي تهدد الأمن والسلم الدوليين".

نظام عالمي متعدد الأقطاب

ولفت ساعود إلى أن "الحديث عن عالم متعدد الأقطاب بين دول شنغهاي يعني أعلى درجات التنسيق والتعاون اقتصادياً وعسكرياً والسير السياسي باتجاه معارض لهيمنة أمريكا وحلفائها، وهذا شرط ضروري، فالحديث عن عالم متعدد الأقطاب ليس فقط بإيجاد مراكز ثقل متوازية من ناحية القوة الصلبة، فجزء كبير من الصراع اقتصادي وله تبعات عسكرية، وللسياسية دور مكمل ولكنه ناظم ويقود إما للتوافق أو للتناقض"، مشيراً إلى أن "التعدد القطبي يجب أن يسير باتجاهين عسكري واقتصادي، وقد لفت الرئيس الروسي إلى ذلك، ما يعني أن التكتلات الاقتصادية مثل شنغهاي و"بريكس" يجب أن تعمل على تعزيز التعاون بين أعضائها بالاتجاه الذي يمكّنها من خلق توازن مع مجموعة السبع على سبيل المثال".
بوتين: منظمة شنغهاي للتعاون و"بريكس" تشكلان الركائز الأساسية للنظام العالمي الجديد
وأوضح ساعود أنه "من الناحية العسكرية نرى اليوم تشبيك روسيا مع الصين، ذا طبيعة اقتصادية بحتة وأن هناك تعاوناً من الناحية العسكرية وإن كان خجولاً، لاعتبارات جيوسياسية تتعلق بأمريكا بشكل مباشر، كما أن روسيا تتعاون مع كوريا الشمالية النووية ودول أخرى في جنوب غرب آسيا كإيران ذات الثقل الإقليمي، وبعض الدول العربية، هذه التحركات العسكرية ما تزال تحتاج للتأطير عبر أخذها شكل أحلاف عسكرية، ولكن من حيث المبدأ إن قوة روسيا وكوريا الشمالية والصين وإيران وبعض دول أمريكا اللاتينية ومن يسير بركبها عربياً، كفيلة بإحداث شبه توازن ردعي عسكري مع الولايات المتحدة وحلفائها، والدليل الأبرز، أن روسيا اليوم تسبب أرباكا أمنيا وعسكريا للناتو بأجمعه".
مناقشة