وفق الخبراء، فإن واشنطن تريد إحكام قبضتها على المشهد في ليبيا، عبر خطة يبدو ظاهرها من توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، غير أنها قد تقود لمواجهة عسكرية جديدة في ليبيا، أو الإبقاء على الانقسام المؤسساتي.
ويرى الخبراء أن القمة التي تلتئم اجتماعاتها السنوية الـ75 لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، في واشنطن ما بين 9 و11 يوليو/ الجاري، ستدفع باتجاه تشكيل "الفيلق"، الذي يخدم مصالحها في المنطقة.
وفي مايو/ أيار الماضي، احتضنت العاصمة الفرنسية (باريس)، اجتماعاً ضم فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وأمريكا، وجرى خلاله الاتفاق على تشكيل قوة عسكرية مشتركة، بزعم دعم العملية الانتخابية، وفق تقارير صحفية غربية.
تتزامن تحذيرات الخبراء مع نشاط شركة "أمينتوم" الأمريكية العسكرية الخاصة في المنطقة الغربية، خاصة في ظل عمل واشنطن على سحب قواتها من النيجر، والتي يجب أن تغادر بحلول منتصف سبتمبر/ المقبل، إنهاء النيجر الاتفاق العسكري مع واشنطن في وقت سابق.
وتتمثل عملية الفيلق الأوروبي في وجود قوات غربية في ليبيا تحت مزاعم حماية الحقول النفطية والمصالح هناك، ومحاربة الإرهاب والعمل على بسط السيطرة، تمهيدا لبقاء دائم عبر آليات قد تقر خلال الفترة المقبلة.
يقول رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في ليبيا، طلال الميهوب، إن الدعم الأمريكي للجماعات المسلحة في الغرب الليبي، وسعيها لتشكيل ما يعرف بـ "الفيلق الأوروبي- الليبي"، يحول دون أي استقرار في البلاد.
ما وراء تحرك واشنطن
يضيف الميهوب في حديثه مع "سبوتنيك"، أن ما تسعى له واشنطن سيدفع بالمجموعات في الغرب الليبي إلى رفض أي مسار بشأن الانتخابات، أو التوافق بشأن توحيد المؤسسة العسكرية، ما يحول دون التوافق بين الأطراف الليبية.
وحذر الميهوب من التحركات الأمريكية في الغرب وما يمكن أن يترتب عليها من تعطيل للمسار السياسي.
وشدد على أن الشارع الليبي يرفض أي تواجد لقوات أمريكية أو أوروبية في غرب البلاد، بينما يرغب في السير نحو الانتخابات، التي تعرقلها المجموعات المسلحة المدعومة من الغرب.
تحايل غربي
فيما قال محمد السلاك المتحدث السابق باسم المجلس الرئاسي الليبي، إن "المقترح في ظاهره يهدف إلى نواة لتوحيد المؤسسة العسكرية، تبدأ بقوة مشتركة تؤمن الحدود الجنوبية، لكن في الهدف الحقيقي هو الحد من النفوذ الروسي في المنطقة ووضع الأطراف الليبيه في الواجهة".
وتابع السلاك: "تكمن خطورة هذا الفيلق في كونه أداة عسكرية لتحقيق أهداف خارجية، واستبعد تماما أن تكون القوات المسلحة جزءا من هذا التخطيط".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن "قمة الناتو" المرتقبة خلال أيام ستدفع بهذا الاتجاه لخدمة مصالح دول الحلف في ليبيا، ومن ثم أفريقيا.
ولفت إلى أن "موقف الأطراف السياسية، يجب أن يرفض بشدة تسييس ملف توحيد المؤسسة العسكرية، وتوظيفه لخدمة مصالح غربية، لا شأن لليبيا بها، مع الدفع بالجهود البناءة لتوحيد المؤسسة العسكرية، وفق ضوابط وطنية خالصة، والبناء على تفاهمات اللجنة العسكرية المشتركة" 5+5 "، التي تراجع دورها مؤخرا رغم ما حققته دون الإفصاح عن الأسباب".
مخاوف من التورط
وتابع: "على الرغم من النفي المتكرر من الطرفين، تشير المعطيات الحالية إلى عكس ذلك، ولابد للسلطات فى الغرب الليبي أن تنتبه جيدا ولا تتورط في هكذا مسألة لتجد نفسها أداة لتصفية حسابات دولية وإقليمية لن تجلب أي نفع لليبيا، بل ستزيد الأمور تعقيدا".
واستطرد: "إن كان الأمر له علاقة بملف المرتزقة والمقاتلين الأجانب، فلابد من الالتزام الكامل برحيل الجميع، وفق خطة واضحة المعالم وبجدول زمني وإشراف دولي بشكل متزامن وليس طرفا دون آخر".
وفي أبريل/ نيسان، الماضي، شجبت لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب الليبي قرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة "غير المبرر" بتخصيص قطعة أرض من الكلية الجوية مصراتة لصالح قوات "الأفريكوم"، من أجل محاربة الإرهاب.
وقالت اللجنة: "من المعروف أنه لا يوجد أثر للإرهاب الآن بتواجد القوات المسلحة الذي تمكنت من تحرير الوطن من قبضتهم".
تأتي التحركات الغربية في ظل المساعي المحلية والإقليمية لدعم التوافق بين الأأطراف الليبية من أجل إجراء انتخابات يُأمل أن تنهي مرحلة الانقسام الواقع في ليبيا منذ سنوات.