هل يؤثر غياب المحكمة الدستورية على الانتخابات الرئاسية في تونس؟

مع إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في 6 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، تجدد الجدل بشأن غياب المحكمة الدستورية باعتبارها أحد المؤسسات الديمقراطية لإنجاح الاستحقاق الانتخابي.
Sputnik
وكان دستور 2014 السابق، وهو أول دستور للبلاد بعد ثورة 2011، قد نص على وجوب إرساء المحكمة الدستورية خلال سنة من الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في 26 أكتوبر 2014، غير أن الخلافات السياسية حالت دون احترام هذه الآجال ولم ترى المحكمة النور إلى حد الساعة.

المحكمة حسب الدستور الجديد

وجدد الدستور التونسي الجديد لسنة 2022 التأكيد على إرساء هذه المحكمة ونص في الفصل 125 منه على أنها "تتألف من 9 أعضاء، الثلث الأول من أقدم رؤساء الدوائر بمحكمة التعقيب، والثلث الثاني من أقدم رؤساء الدوائر التعقيبية بالمحكمة الإدارية، والثلث الثالث من أقدم أعضاء محكمة المحاسبات، وينتخب الأعضاء رئيساً للمحكمة من بينهم".
النيابة التونسية تأمر بالتحفظ على قياديين في حركة "النهضة"
ويمكن لرئيس المحكمة الدستورية، وفقاً للفصل 109 من الدستور، أن "يشغل منصب رئيس الجمهورية عند شغور المنصب لوفاة أو استقالة أو لعجز تام أو لأي سبب من الأسباب بصفة موقتة لأجل أدناه 45 يوماً وأقصاه 90 يوماً".
وحددت المادة 127 من الدستور مهام المحكمة ومنها "مراقبة دستورية القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو ثلاثين عضوا من أعضاء مجلس نواب الشعب أو نصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم".
ومع بداية السباق الانتخابي لرئاسة تونس، تساءل مراقبون: هل يؤثر غياب المحكمة الدستورية على الانتخابات الرئاسية؟ وهل بات من الضروري تشكيلها الآن؟

ضرورة إرساء المحكمة

يرى القيادي في حركة النهضة، بلقاسم حسن، أن "الانتخابات الرئاسية القادمة أمام احتمالين إثنين؛ إما أن تكون انتخابات ديمقراطية أو أن تكون انتخابات شكلية لا توجد فيها ضمانات ومعايير الديمقراطية".
ويضيف القيادي بالحركة في تصريحات لـ"سبوتنيك": "نريد أن تتوفر لكل المترشحين ضمانات ديمقراطية وأن يكونوا كلهم على قدم المساواة وهذا لن يحصل في ظل غياب المحكمة الدستورية".
حركة "النهضة" التونسية: انتخابات الرئاسة المقبلة لن تكون ديمقراطية دون تكافؤ الفرص
وأضاف بلقاسم حسن أن حركة النهضة تعتبر أن الانتخابات الرئاسية هي استحقاق وطني دستوري، مشيرا إلى أن "الحركة معنية بالانتخابات الرئاسية ولم تقرر بعد المشاركة أو المقاطعة" .
ولم تعلن حركة النهضة إلى حد الآن عن مرشحها للانتخابات الرئاسية وهو ما اعتبره العديد من المتابعين للوضع السياسي نهاية الحركة وانسحابا لها من الساحة السياسية.
ويرى أستاذ القانون الدستوري، صغير الزكراوي، بأنه لا يوجد ديمقراطية دون إرساء المحكمة الدستورية على اعتبار "وجود شبه إجماع على أن المناخ العام الذي تعكره الإيقافات الأخيرة لا يمكن أن يفضي إلى انتخابات شفافة وحرة ونزيهة"، مشيرا إلى أن المحكمة الدستورية هي الضامن الوحيد لعدم وجود تجاوزات".
وأكد الزكراوي أن المحكمة الدستورية تكمل النظام السياسي و"لا يمكن تصور أي نظام ديمقراطي دون محكمة دستورية"، لافتا إلى أن "تركيز المحكمة الدستورية مرتبط بالإرادة السياسية للدولة"
وأشار الزكراوي إلى وجود نوع من الخوف والحذر من إرساء المحكمة الدستورية، قائلا إن "المحكمة الدستورية هي الحلقة المفقودة على الساحة السياسية".

غياب المحكمة الدستورية لا يؤثر على الانتخابات

على الجانب الآخر، يعتبر أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي، أن المحكمة الدستورية يمكن تعويضها بالمحكمة الإدارية التي يمكن لها مراقبة الدعاوى التي سيرفعها المترشحون والمترشحات للانتخابات، إما على إثر الطعن في القرار الترتيبي للهيئة العليا للانتخابات أو بعد رفض الترشحات المقدمة.
ما تأثير نتائج الانتخابات الفرنسية على مستقبل العلاقات مع تونس؟
ويضيف لـ"سبوتنيك": "المحكمة الإدارية هي من تتولى الآن الإشراف القضائي على الانتخابات وهي التي تتلقى الطعون وتبتّ في الجرائم والتجاوزات الانتخابية بالتنسيق مع هيئة الانتخابات".
ويتابع الخرايفي: "بالنسبة إلى وجود المحكمة الدستورية من عدمه في علاقة بالانتخابات الرئاسية أعتقد أنه لا يمكن الحديث عنه الآن لأنه لا يوجد قانون للمحكمة الدستورية أصلا، وإنما لدينا نصوص دستورية".
ولا ينفي الخرايفي أهمية وجود المحكمة الدستورية، قائلا: "كان من المفيد للمؤسسات الدستورية أن تكون موجودة ومن المؤسف غياب مبادرة في هذا الصدد لا من البرلمان أو الحكومة أو الرئاسة".
ويعتبر القيادي في حركة الشعب، أسامة عويدات، في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن غياب إرساء المحكمة الدستورية لن يؤثر على الانتخابات الرئاسية بشكل مباشر باعتبار وأن الانتخابات الرئاسية تتمثل في صندوق اقتراع ومترشحين.
وأوضح: "غياب المحكمة الدستورية يؤثر بشكل غير مباشر في حالات معينة، من بينها حالة الشغور وحالة الأحكام الانتقالية".
ويقول عويدات إن "ما يمكن أن يؤثر على العملية الانتخابية هو المناخ الانتخابي في علاقة بكل ما هو اجتماعي لأن الشعب التونسي سيتوجه إلى مكاتب الاقتراع وسيتساءل هل غيرت الانتخابات من واقعه المعيشي؟ والإجابة ستكون لا شيء".
وأشار القيادي في حركة الشعب إلى أن المقلق ليس غياب المحكمة الدستورية وإنما غياب زخم جماهيري وشعبي لهذه الانتخابات، وهو ما قد يشكك في نتائجها التي من المتوقع أن تكون ضعيفة.
مناقشة