العملية العسكرية الروسية الخاصة

باحث: زيلنسكي أصبح من أيتام بايدن.. وروسيا غير قابلة للهزيمة بالمعنى التاريخي

أوضح الكاتب والباحث السياسي السوري، الدكتور أسامة دنورة، أن التوجه الجديد لزيلنسكي لا يمكن فصله عن تنحي بايدن عن السباق الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية وزيادة حظوظ ترامب وخاصة مع حظوظ كامالا هاريس، المحدودة الكاريزما والقدرة السياسية والخبرة، بأن تحل محل بايدن، فلا شيء يبشر باستمرار حكم الديمقراطيين في البيت الأبيض.
Sputnik

ترامب يريد التخفف من أوكرانيا

وأكد دنورة أن ترامب يريد أن "ينهي التورط الأمريكي المباشر وغير المباشر السياسي والمادي والعسكري، في الحرب في أوكرانيا، وقد صرح بذلك مراراً"، مشيراً إلى أنه "حتى لو لم يتنحَّ بايدن فرئيس ديمقراطي جديد يمكن أن يعيد حساباته تجاه الأزمة الأوكرانية، وربما كمالا هاريتس ستستمر في نهج بايدن إلى حد ما، باعتبار أن قسماً كبيراً من الطاقم الذي يصنع القرار في الخارجية والبنتاغون ومجلس الأمن القومي سيستمر بشكل ما، ولكن لو كان الرئيس الديمقراطي مختلفاً عن هذا الطاقم الحاكم فغالباً سيجري إعادة تقييم شامل للتورط الأمريكي في أوكرانيا".

زيلينسكي من أيتام بايدن

ولفت الدكتور دنورة إلى أنه "في حالة عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وتنحي بايدن، وهذا الأمر احتمالاته مرتفعة، سيصبح زيلنسكي من أكثر من ينطبق عليهم الوصف بأنهم "من أيتام بايدن"، إذ قفز قفزة في المجهول في مواجهة دولة عظمى وتطرف في هذه المواجهة، ورفض سابقاً المفاوضات وقام بمواجهات ونظم هجومات إرهابية ضد الأراضي الروسية واعتمد بشكل مطلق على الدعم الغربي المتطرف في مواجهة روسيا، مبيناً أنه إذا أعيدت مراجعة السياسة الأمريكية فزيلنسكي سيكون أكبر المتضررين على مستوى العالم من زوال حكم بايدن من البيت الأبيض".
خبير: مهمة بايدن بإشعال الحروب انتهت وزيلينسكي لا يريد إنهاء الصراع

تخلي أمريكا عن زيلنسكي سيتفتت الهياكل النازية

وقال الدكتور دنورة: "إن التوجهات النازية لنظام زيلنسكي قائمة بالأساس على توظيف أمريكي، فلا نسستطيع تجاهل الوقائع في ذلك، تنظيم "سنتوريا" أو كتيبة "آزوف" (المصنفة إرهابية في روسيا) وغيرها.. تعتمد بالدرجة الأولى على غض بصر ودعم أمريكي عن طريق الإيحاء أو المساعدة عبر أجهزة الاستخبارات الأوروبية الغربية، والتسليح والدعم المالي المباشر".
وأشار الباحث إلى أن "الكتائب النازية التي تبناها زيلنسكي، وجعل منها النواة لقتال الجيش الروسي، هي دون الانخراط الأمريكي الكامل في الحرب مع روسيا تصبح خيالاً وهياكل فارغة لا معنى لها، فعندما يظهر أن الغرب وتحديداً الولايات المتحدة تخلت عن زيلنسكي فإن هذه الهياكل النازية الموجودة في أوكرانيا سوف تتفتت سريعاً جداً، أولاً لأنها ستدرك أن المعركة خاسرة وثانياً لأن الدعم المباشر وغير المباشر المقدم من أمريكا والغرب الجماعي بأسره سوف يتوقف، وبالتالي سوف تجد نفسها في حالة انعدام وزن وستتفتت وتذهب طي النسيان".

وأوضح الدكتور دنورة أن "الطرف الروسي من الممكن أن يتجاوب مع أي مسعى من الطرف الأوكراني لإنهاء القتال ولكن ضمن شروط أعلن عنها الروس مراراً، أولاً عدم الانضمام إلى حلف الناتو، وثانياً احترام سيادة المناطق التي انضمت إلى روسيا الاتحادية وهي تاريخياً من ضمن الأراضي الروسية وفيها أغلبية سكانية من الجنسية الروسية وهذان شرطان أساسيان، وأن يكون هناك اتفاق أو معاهدة بعدم الاعتداء، بما في ذلك ألا تكون أراضي أحد البلدين مقراً أو ممراً للاعتداء على البلد الآخر، وبالتالي أن يكرس حياد أوكرانيا بين الناتو وروسيا ضمن اتفاقيات".

وأشار الدكتور دنورة إلى أن "الروس ربما يطلبون أن تكون الشروط متبناة في إعلان دستوري أو ملحقة بالدستور الأوكراني أو التزاما دائما طويل الأمد بضمانات معينة تتعلق بالرقابة على انتشار قوات أجنبية على الأراضي الأوكرانية، أو ربما اتفاقية أجواء مفتوحة تتيح للطرف الروسي أن يرصد متى أراد كل الأراضي الأوكرانية، ولربما الحديث عن وجود تعاون عسكري ومفتشين متبادلين بين الطرفين".
وأوضح الدكتور دنورة أنه "عندما تزول القيادة والانخراط الأمريكي الذي هو أساس للموقف الغربي في دعم أوكرانيا سيفقد الأوربيون الغربيون الرغبة في الانخراط في هذا الصراع لعدة أسباب، أولا هم سيشعرون أنهم غير قادرين على الانتصار، وثانياً سيعيدون حساباتهم بعيداً عن الضغط الأمريكي السياسي فيما يتعلق بالعداء مع روسيا وتأثير هذا العداء عليهم اقتصادياً فيما يتعلق بالطاقة والأمن الاستراتيجي والتجارة المتبادلة وغيرها، وسيكون تراجع انخراط الناتو الذي تلعب فيه الولايات المتحدة الأمريكية دور المحرك الأساسي سبباً إضافياً لتراجع أوروبا الغربية عن دعم زيلينسكي".
نجل ترامب يسخر من زيلينسكي بعد انسحاب بايدن من السباق الرئاسي "بصورة"

الأوربيون يدفعون أتاوة لمعامل السلاح الأمريكية

وقال دنورة: "إن الدول الأوروبية الغربية تعمل إلى حد كبير على توجيه أو إرسال المساعدات العسكرية إلى جيش زيلينسكي ليتم استبدال هذا العتاد بما هو أحدث منه، وبالتالي سيكون الاعتماد في ذلك بالدرجة الأولى على أمريكا، أي إن الأوروبيين لا يقدمون فقط السلاح المستعمل أو القديم لزيلينسكي لكنهم أيضاً يدفعون أتاوة لمعامل السلاح الأمريكية لتحديث ترسانتهم، فهم سيعيدون حساباتهم إما بتأجيل خطط تحديث أو شراء العتاد الحديث المكلف جداً والذي يمثل أعباء على الميزانية، أو التوجه إلى المعامل الأوروبية بحيث يكون الأمر غير مؤثر على دورة المال ضمن الدورة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أن هذه التكاليف ستدخل ضمن الفوائد التي ستجنيها المعامل الأوروبية "فرنسا إيطاليا سويسرا إسبانيا والسويد وغيرها" كلها تصنع سلاحاً متقدماً بنوعية عالية لكن الشراكة مع الولايات المتحدة وحلف الناتو تجعل الأمريكي هو المصدر المفضل لدى العديد من الحكومات الغربية، وبالتالي هذه الأتاوة تدفعها الدول الغربية على خلفية الصراع في أوكرانيا".

وبين الباحث السياسي أن الاستقرار في أوكرانيا مستقبلاً يرتبط بابتعادها عن أن تكون خط صدع بين الناتو وروسيا، فبقدر ما تبتعد أوكرانيا عن أن تكون طرفاً في الصراع ضد روسيا وبقدر ما يتكرس هذا الحياد ضمن معاهدات وترتيبات أمنية وقانونية طويلة الأمد ستعود أوكرانيا إلى حالة ازدهار.

أخلاقيات الحرب.. استراتيجية روسية بمواجهة أوكرانيا

وأوضح الدكتور دنورة أن "برامج المانحين الغربيين ستتراجع إلى حد ما وستسفر عن إعادة الإعمار في أوكرانيا، ولكن قسم من هذا سيستمر حتى لو خرحت أوكرانيا من إطار المواجهة مع روسيا فهذا لن ينهي كل جهود إعادة الإعمار الغربية والدولية في أوكرانيا، لكنه سينزع التسييس من هذا الجهد وحتى لو لم يكن هناك منح غربي وتمويل لعملية إعادة الإعمار في أوكرانيا، علينا أن نتذكر أن الطرف الروسي لم يقم عملياً بتدمير واسع النطاق وممنهج للبنية التحتية الأوكرانية، وهذا يدل على أخلاقيات الحرب العادلة التي هي واحدة من الاستراتيجيات والمبادئ التي تتبعها الدولة الروسية في مواجهة أوكرانيا، مشيراً إلى أن روسيا لم تقد حملات لتدمير الاقتصاد الأوكراني ولم تقم بتدمير واسع النطاق للبنى التحتية ولم تستهدف البنى المدنية التي تخدم المواطنين ولا المطارات المدنية ولا محطات القطارات".

وأضاف الباحث أنه "بمجرد استعادة أوكرانيا حالة السلام الطبيعية وخروجها من إطار الصراع فهي قادرة إلى حد بعيد على استعادة دورتها الاقتصادية السليمة وهذا يعني أنها كدولة شاسعة المساحة وفيها آفاق كثيرة للاستثمار الزراعي أو الصناعي سوف تجلب الكثير من الاستثمارات دون أن يكون هناك قرار سياسي وراء هذا الجذب، وذلك سيحتاج لرفع التصنيف الائتماني لأوكرانيا للحصول على استثمارات وقروض، ويتطلب أن لا تكون هناك حالة حرب قابلة للتجدد وإنما سلام مستدام قائم على أسس ومضامين تمنع عودة الصراع إلى ما كان عليه، وهذا مصلحة مؤكدة لأوكرانيا وشعبها".

العملية العسكرية الروسية الخاصة
بايدن ينقل صلاحياته بشأن أوكرانيا لوزيري الخزانة والخارجية

الغرب لن يواجه روسيا

وأكد دنورة أن "الدول الغربية لن تذهب إلى مواجهة روسيا في أوكرانيا لأن ذلك يعني الوصول إلى حافة الحرب النووية أو الحرب الشاملة وبالتالي سيستمر الأوكرانيون كمحاربين بالوكالة عن الغرب الجماعي ودفع الأثمان البشرية والمادية الكبيرة جداً من الاقتصاد والمواطنين، فالغرب لن تدمر به بنى تحتية ولن يفقد الاستثمارات أو القدرة البشرية أو الأرواح في هذه المواجهة هو فقط يقدم السلاح المتقادم لتستمر هذه المطحنة التي تهدف إلى استنزاف الروس على حساب تدمير أوكرانيا".

وقال الدكتور دنورة: "اعتباراً من فشل هجوم الربيع الذي عول عليه الأمريكي والغرب والأوكراني أنه سيقلب موازين القوى إذ قام على أساس قدرة بشرية وعتاد كبير ودعم استخباري ومادي منقطع النظير، ومع فشل هذا الهجوم سيضع نظام زيلينسكي نفسه أمام طريق مسدود وكذلك الغرب، وسيضطر إلى إعادة التفكير في هذه الحرب وهذا ما يحدث اليوم، فحتى لو بقي بايدن سيكون الغرب وأمريكا مضطرين لإجراء هذا التقييم بعد أن ثبت أن القتال ضمن المعطيات الحالية ومهما حاول الأمريكي زيادة قدرة زيلينسكي ليكون له ذراع في الداخل الروسي وضرب أهداف مدنية وصناعية روسية، فستبقى المواجهة خاسرة فلا قبل للجيش الأوكراني المتداعي بمواجهة الجيش الروسي الكبير الذي يدخل في هذه المواجهة بوصفها عملية عسكرية خاصة وليست حرباً شاملة".

روسيا غير قابلة للهزيمة

وأشار الباحث السياسي إلى أنه "حتى لو زاد عيار المواجهة لتصبح أقرب ما تكون إلى الحرب الشاملة فأي منظّر أو خبير عسكري يدرك تماماً أن المواجهة مع روسيا ستؤول إلى مآلات تشبه ما حصل مع هتلر ونابليون، فروسيا بعمقها الاستراتيجي وقدراتها البشرية والمادية الهائلة وتراثها الثقافي غير قابلة للهزيمة من أعدائها هذا إن لم نأخذ بعين الاعتبار قدرات الردع النووي والتي ستكون حاضرة فيما لو تعرضت أراضي روسيا لخطر فأي فعل غربي لاستهداف روسيا سينتهي إلى لا شيء".

وأوضح الخبير الاستراتيجي السوري أن "الأوروبيين في قطاعات كبيرة من نخبهم السياسية ومواطنيهم، ليسوا مبتهجين بالتأكيد بإعادة نشر الصواريخ الأمريكية والقدرات النووية على أراضيهم، لأن ذلك يعني أنهم عادوا ليكونوا في عين العاصفة وأنهم سيدفعون الثمن في حال تصاعد وتيرة الصراع لتصل إلى حدود الحافة النووية، فهم سيكونون النسق الثاني الذي سيدفع الثمن الهائل لخدمة المصالح الأمريكية بعد النسق الأول الذي هو أوكرانيا وبولونيا، اللتان قد دفعتا ثمناً هائلاً فيما لو حاول الناتو التصعيد ضد روسيا إلى حدود لا يمكن التحكم بمآلاتها وضبطها، فيدرك الأوروبيون والناتو أن الاستنزاف وصل إلى طريق مسدود والمواجهة الشاملة أيضاً أمام طريق مسدود إذ يصل إلى حافة المواجهة النووية وهذا لا قبل لأحد على احتماله".
خبيرة فرنسية تتحدث عن سببين أجبرا زيلينسكي على الاعتراف بضرورة التفاوض مع موسكو
مناقشة