وكانت كامالا هاريس قالت في مؤتمر صحفي، بعد اجتماعها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو: "لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن نكون مخدرين تجاه المعاناة ولن أصمت".
وانتقد مسؤول إسرائيلي هذه التصريحات، وقال: "نأمل ألا تفسر حركة حماس الفلسطينية الأمور التي قالتها هاريس في مؤتمر صحفي، على أنها خلاف يتطور بين إسرائيل وأمريكا، مما قد يؤخر التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين".
وطرح البعض تساؤلات بشأن تصريحات هاريس، ودلالاتها وما الذي يمكن أن تضيفه في هذا الشأن حال فوزها برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
إرادة أمريكية
اعتبر محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست السابق، أن حديث مرشحة الرئاسة الأمريكية هاريس عن غزة وفلسطين ذات أهمية، لا سيما في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر فيها غزة والمنطقة العربية بأكملها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يبقى السؤال المطروح عند وصولها للسلطة، هل تستطيع أن تؤثر على أرض الواقع، وأن تتمكن من فرض وقف شامل لإطلاق النار، وأن تنهي هذه الحرب.
وتابع: "هذا الحديث يتعلق بوصول هاريس أو بايدن للرئاسة، فإذا أرادت واشنطن يمكنها الضغط بشكل مكثف وصريح وواضح، وتملك كل الإمكانيات والسبل لفرض قرارها على حكومة إسرائيل".
ويرى كنعان أن الإدارة الأمريكية الجديدة تستطيع أن توقف هذه الحرب الإجرامية المدمرة، التي أكلت الأخضر واليابس، وسقط من خلالها عشرات آلاف الشهداء والجرحى وتم تدمير القطاع بشكل شامل، مما يؤكد أن هذه الحرب لم تشهدها منطقة الشرق الأوسط والعالم منذ سنوات طويلة.
مطالب
من جانبه يرى الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري، والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن تصريحات هاريس تأتي في سياق السياسة الأمريكية التقليدية، والتي ترفض الاستيطان، وتأييد الحرب ضد مدنيين، وترفض التجويع، لكن تبقى بحاجة إلى إرادة لفرض وتنفيذ هذه السياسة، وهو المحك، والأمر المؤسف الذي يجعل الشعارات والتصريحات الأمريكية لا يتم تطبيقها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الجانب الإسرائيلي، وخاصة مكتب نتنياهو شن هجوما لاذعا على هاريس بسبب هذه التصريحات، رغم أن بايدن وترامب أدليا فيما سبق بتصريحات مماثلة، فالجانب الإنساني والإغاثي لا يمكن إنكاره في تصريحات الثلاث مرشحين، لكن نتنياهو يحاول التملص من الصفقة، ويحاول القول بإن هاريس هي التي تعطل الصفقة بتصريحاتها.
وأكد أن هناك مخاطر كبيرة على واشنطن بسبب سياسة نتنياهو وحكومته، فالغضب يتصاعد ضد الولايات المتحدة وليس الجانب الإسرائيلي فقط، والفاتورة الباهظة التي تتكبدها الولايات المتحدة، سياسيا وأخلاقيا وقانونيا واقتصاديا وأمنيا، لا يقابلها أي عائد، فعندما انتهكت إسرائيل التصريحات الأمريكية ودخلت معبر رفح، وفي المقابل لم تقدم أي إنجاز يتم تسويقه للتغطية على هذا الأمر، سبب حرجا بالغا للإدارة الأمريكية.
وتابع: "هاريس رأت الانحياز والتدخل السافر لنتنياهو في الانتخابات، حيث لم يذكرها في خطابه أمام الكونغرس، وأشار بإسهاب كبير لترامب والصداقة والخطوات التي اتخذها فيما سبق، كأنها حملة دعائية لبرنامج انتخابي مساند لترامب وتجاهلها، وهذا يشي بمواجهة، خاصة أنها قالت إنها لن تصمت".
ويرى أن هاريس بعد أن حصلت على دعم عائلة أوباما أصبحت منافسة قوية لترامب وتدرك بأن تأييد هذه الجرائم والإبادة والتجويع من شأنه أن يفسح المجال أمام روسيا والصين للتدخل في المنطقة، وتقيم أواصر علاقات تاريخية كانت قد توارت لفترة، خاصة أن موسكو وبكين قد دعما فيما سبق وبقوة الجانب العربي والحق العربي في الصراع الإسرائيلي.
وأشار إلى أن هذه العوامل تؤثر على اختيارات هاريس وتجعل أمام نتنياهو عقبات كثيرة في ترويج الأكاذيب التي يحاول ترويجها طوال الوقت.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، إن تعليقات نائبة الرئيس الأمريكي التي ستخوض انتخابات الرئاسة كامالا هاريس بشأن الوضع الإنساني في غزة قد "تعرقل التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن".
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن مصدر دبلوماسي بارز، قوله إن "إمكانية التوصل لاتفاق قد تتعرقل في حال ترجمت حماس تعليقات هاريس على أنها خلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل".
وأشارت هاريس إلى تحول كبير في سياسة الولايات المتحدة تجاه غزة، حيث أبلغت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرورة إبرام اتفاق سلام وأصرت على أنها لن تكون صامتة بشأن المعاناة في القطاع الفلسطيني.
قالت هاريس، التي أصبحت الآن المرشحة الديمقراطية المفترضة للرئاسة بعد إعلان بايدن عدم ترشحه لانتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني، إن الوقت قد حان لإنهاء الحرب "المدمرة".
دعت هاريس إلى إقامة دولة فلسطينية وحثت نتنياهو و"حماس" على الاتفاق على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين لإنهاء الحرب التي بدأت منذ هجوم "حماس" في 7 أكتوبر على إسرائيل. وقالت: "كما قلت للتو لرئيس الوزراء نتنياهو، حان الوقت لإبرام هذا الاتفاق".
وتواصل إسرائيل حربها على قطاع غزة منذ الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مما أدى إلى سقوط نحو 40 ألف قتيل ونحو 90 ألف مصاب غالبيتهم من النساء والأطفال إضافة إلى آلاف المفقودين".
وقام رئيس وزراء إسرائيل في الوقت الحالي بزيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ألقى خلالها كلمة أمام الكونغرس الأمريكي.