وقال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن "حزب الله" سيدفع ثمنا غير مسبوق"، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إن "حزب الله اللبناني سيواجه عواقب هجومه المميت على مجدل شمس، حتى مع إنكاره السخيف".
ووسط التهديدات الإسرائيلية، حذّر وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بوحبيب، من أن "شن حرب على لبنان سيكون مدمرا للجميع وليس فقط للبنان"، مشيرًا إلى أن الحكومة اللبنانية "طلبت من الولايات المتحدة الأمريكية حثّ إسرائيل على ضبط النفس".
وطرح بعض المراقبين تساؤلات عن شكل الرد الإسرائيلي على حادث مجدل شمس، وتداعياته على لبنان والمنطقة، لا سيما وأن "حزب الله" لن يقف مكتوف الأيدي، وسط مخاوف من الدخول في حرب إقليمية شاملة.
"كذبة إسرائيلية" ولكن
اعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، علي عبدو، أن "ما فعله نتنياهو في الجولان، يساهم أكثر في تغذية الفتنة التي بدأها عبر عملية التضليل والكذب وإيهام الرأي العام العالمي بأن المقاومة هي المسؤولة عما حدث، في حين أن البصمات الإسرائيلية واضحة والمسرحية الإسرائيلية جلية في بث بذور الفتنة بعد فشل آلة الحرب العسكرية".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، الرفض الشعبي كان واضحا بعدم استقبال نتنياهو من قبل أهالي هذه المنطقة، وواضح رفضهم تحميل المقاومة مسؤولية العملية، وكانت المفاجئة السرعة في ظهور التصريحات المؤيدة للمقاومة، ورفض الجميع تحميلها المسؤولية، بحسب قوله.
وأكد أن "هذه العملية راكمت من أخطاء نتنياهو، الذي دفع إلى زيادة الالتفاف حول المقاومة. من كان مترددا بالأمس أو يحافظ ضمنا على دعم المقاومة بدون إعلان خرج اليوم ليقول إن الوطنية راسخة والقومية أكبر من قبل، وأنه لا مكان للإسرائيلي وكذبه في هذه المنطقة".
وتابع: "من الواضح أننا أمام سيناريو تصعيد، خاصة أن نتنياهو يحاول فصل الجبهات التي كانت سببا في خسارته حتى اليوم في غزة، ولو استطاع أو تمكن من فصلها، قد يذهب إلى هدنة في غزة ويحول جيشه باتجاه لبنان، وهو ما فشل حتى هذه اللحظة".
ويرى أن "في كل مرة يلزم نتنياهو نفسه بتصعيد يساهم بخسارته في الميدان، وأمام الرأي العام الإسرائيلي، الأمور لم تذهب لحرب شاملة بسبب عدم قدرة الإسرائيلي على ذلك، وعدم أخذ الضوء الأخر من أمريكا، التي لا تريد الدخول في حرب كبرى شاملة بل تريدها واستمراريتها، وفقا لآلياتها وإدارتها".
ويعتقد أنه "بسبب وعي المقاومة، التي لا تعمل بطريقة انفعالية بل تراكم نقاط الانتصار لديها، هي مستعدة اليوم لأي سيناريو قد تقوم به إسرائيل، وفقا لما ستقوم به تنفيذا لتهديداتها أو تراجعها، وسيكون رد المقاومة حاسما وحازما، وفقا للفعل الذي سيستدعي ردا قد تنكسر بعده كل القواعد المرسومة".
وأنهى حديثه قائلًا: "نعم يمكن لنتنياهو أن يبدأ عملية عسكرية قد تتدحرج بعدها الأمور إلى حرب كبيرة في لبنان والمنطقة، ولكنه لا يعرف كيف ستنتهي ولن يكتب نهايتها بيده".
ضربات مضادة
من جانبه، قال الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس "المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية"، إن "إسرائيل تدرك جيدًا بأن حجم الضربة التي سوف توجهها إلى لبنان، سيكون لها ضربة مقابلة أشد قوة".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، بغض النظر عن الجدل الدائر بشأن الرد الإسرائيلي أو حديث وزير الخارجية اللبنانية أو التصريحات بشأن أن تكون الضربة الإسرائيلية محدودة ومركزة، ويكون هناك رد من الحزب محدودا منعا لانفجار الأوضاع بشكل كبير، إلا أن المخاوف من تطور الأوضاع بشكل يفتح باب الصراع على مصراعيه بين إسرائيل و"حزب الله" قائمًا، بحسب قوله.
ويرى أن "كل المدن الإسرائيلية والمطارات والأماكن الحساسة لن تكون بمأمن حال فُتحت هذه الجبهة، بيد أن الجميع يسعى لضبط إيقاع إسرائيل بشكل كبير، لا سيما في ظل إنكار "حزب الله" علاقته بحادث هضبة الجولان السورية، وأن إسرائيل هي من تدّعي بأنه وراء العملية".
وأردف أن "إسرائيل لديها رغبة في شن هذه الضربة، لكن لديها حسابات معقدة، وفي حال فعلتها عليها أن تفعلها بشكل لا تنفلت معها الأوضاع وتدفع "حزب الله" بشن هجوم مضاد قوي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى انفجار الصراع بين الجبهتين".
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة الأمريكية والأطراف الدولية لا ترغب في فتح الصراع بين إسرائيل و"حزب الله"، حيث لن يقف عند هذا الحد، وقد يتسبب في انفجار أوضاع الشرق الأوسط بشكل لا يمكن لأحد معه ضبطه أو السيطرة عليه".
وفي وقت سابق، أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، رفع جاهزية الجيش إلى المرحلة التالية من القتال في الشمال، وذلك بعد قصف منسوب لـ"حزب الله" اللبناني على بلدة مجدل شمس في هضبة الجولان السوري المحتلة، إذ جاء ذلك في كلمة له أثناء تفقده موقع الهجوم في مجدل شمس، بحسب بيان للجيش الإسرائيلي، يوم أمس الأحد.
وقال هاليفي: "نرفع بشكل كبير جاهزيتنا للمرحلة المقبلة في القتال في الشمال، وبالتزامن مع ذلك، نخوض القتال في غزة. نحن نعرف شن الغارات بعيدا جدا عن دولة إسرائيل".
وأسفرت حادثة مجدل شمس في الجولان عن مقتل 12 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 30 آخرين، حيث وجّه فيها الجيش الإسرائيلي أصابع الاتهام إلى "حزب الله"، في حين نفى الحزب نفيا قاطعا الأمر.
وتوعدت إسرائيل بالرد، فيما دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى عقد مجلس الوزراء على الفور وإعلان الحرب في جبهة شمال البلاد على الفور.