هل يؤثر تصاعد التوترات في "الشرق الأوسط" على التسوية في ليبيا؟

تشهد منطقة الشرق الأوسط تصعيدا، تتباين بشأنه الرؤى، كما هو الحال بالنسبة للأزمة الليبية، التي تراوح مكانها.
Sputnik
تتجدد المخاوف في ليبيا بشأن مصير المشهد الذي تعثر أكثر من مرة في الوصول إلى الانتخابات، بفعل الخلافات الدولية بين الأطراف الفاعلة في الأزمة، وهي التوقعات ذاتها التي تتباين إثر التوترات في لبنان وغزة وإيران من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى.
وأعلن المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، اليوم الأربعاء، أن إسرائيل مهدت الطريق لعقابها القاسي بقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، إسماعيل هنية.
خامنئي: إسرائيل مهدت الطريق لعقابها الشديد بسبب قتلها هنية
أكد خامنئي لوكالة أنباء "إرنا" الإيرانية، أن إسرائيل ستواجه عقوبة قاسية، بسبب قتلها لإسماعيل هنية. وقال خامنئي: "لقد قتل النظام الإسرائيلي الإرهابي المجرم ضيفنا العزيز في منزلنا وجعلنا نحزن، لكنه مهد الطريق أيضا لعقوبته القاسية".

خطوة سياسية

في الوقت الذي يستعد فيه البرلمان الليبي لتلقي طلبات ترشح لرئاسة الحكومة، تتجه الأنظار ناحية الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، الأمر الذي قد يفرض تغيرات على الساحة الدولية، وطبيعة الاهتمامات.
تتباين الرؤى الليبية بشأن تأثير المعطيات الدولية على الأحداث في المشهد الليبي، غير أنها تتفق بشأن التأثير الكبير حال ما ذهبت الأوضاع إلى مواجهات إقليمية، تتسع معها رقع الصراع والخلاف العالمي، الذي ينعكس على مسار الأزمة الليبية التي تحتاج لتوافق دولي لإنهاء المرحلة الانتقالية.
في الإطار استبعد البرلماني الليبي علي الصول، تراجع الاهتمام بالقضية الليبية، نظرا للصراع الدولي القائم بين الأطراف.
ليبيا... مجلس الدولة يرفض إعلان عقيلة صالح فتح باب الترشح لرئاسة حكومة موحدة

تباين الموقف الدولي

وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن المجتمع الدولي يدير الأزمة في ليبيا، ويعمل على تطبيق السيناريوهات المخطط لها، مع وجود سيناريوهات بديلة، حال فشل إحداها.
بشأن الخطوات التي اتخذت بين الأطراف الليبية، وتوافق أعضاء من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، وما يمكن أن يثمر عنه، أوضح الصول، أنه مرهون بالتوافق الدولي والمنظومة الدولية المعطلة الخلافات القائمة والتوترات المتزايدة، والتحركات المتضادة على صعيد القضايا كافة.

مؤامرة الغرب

وشدد على أن حالة عدم الاستقرار في ليبيا وجميع دول المنطقة، هو ما سعى له الغرب، من أجل السيطرة على الدول التي أصبحت هشة بفعل ما صنعته بعض الدول من فوضى السنوات الماضية.
في إطار متصل، قال محمد السلاك المتحدث السابق للمجلس الرئاسي الليبي، المشهد في ليبيا يتجه نحو التقدم نسبيا، بناء على التوافق الليبي-الليبي، إضافة إلى أن اتفاق القاهرة الأخير، بدأ يجد طريقه للتنفيذ رغم العوائق.
آمر قوة مكافحة الإرهاب في ليبيا: التهديدات الإرهابية لا تنتهي ونحن جاهزون لمكافحتها

حكومة مرتقبة

وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، بشأن ترقب الشارع الليبي لتشكيل حكومة جديدة، للإشراف على مرحلة الانتخابات، أن هناك بعض الشروط يجب أن تتوفر فى رئيس الحكومة الجديد، يأتي في مقدمتها الحاجة الماسة إلى أن يتحلى بالتفهم التام لطبيعة مهمته، وبالتالي مهمة حكومته الأساسية.
وأوضح أن مهمة الحكومة الجديدة، التمهيد للانتخابات، ما يتطلب أن يكون رئيس الحكومة الجديد ممن خبروا دواليب الدولة جيدا ولديه القدرة على التعامل مع الأطراف الفاعلة، بكل تعقيداتها وتشابكاتها على نحو يخدم الهدف الاستراتيجي الأسمى، وهو إجراء انتخابات، والاستجابة لتطلعات ملايين الليبيين في ضخ دماء جديدة والانتقال إلى مرحلة استقرار مؤسساتي ودستوري.
وتابع السلاك: "فيما يخص آلية الاختيار لم ينشر الجسمين أي تفاصيل بشكل رسمي، ولكن ما رشح من تسريبات يفيد بأن ثمة آلية اختيار مشتركة تعتمد على فتح باب الترشح من قبل مجلس النواب، ومن ثم تشكيل لجنة مشتركة بين المجلسين تحت إشراف أممي للنظر في المترشحين، وأي مرشح يلقى اعتراض من 60 عضوا من مجلس الدولة، يتم استبعاده ثم يعقد مجلس النواب جلسة تصويت منقولة على الهواء مباشرة، ومن يتحصل على 51% من الأصوات يقع عليه الاختيار رئيسا للحكومة".
ليبيا.. حكومة الوحدة الوطنية تنفي تبعية ليبيين قبض عليهم داخل قاعدة عسكرية في جنوب أفريقيا لها
وبشأن مقر عمل الحكومة الجديدة، لفت إلى ضرورة مناقضة الأمر بشكل جاد، خاصة أن طرابلس هي العاصمة الحاضنة لمؤسسات الدولة السيادية والسفارات والبعثات الدبلوماسية، ومن ناحية أخرى فإن ثمة تخوف من تكرار سيناريو السنوات الماضية، بخضوع الحكومة لنفوذ التشكيلات المسلحة، وبالتالي يصبح قرارها غير مستقل.
وتابع: "من هنا ربما تبرز بعض الحلول التي طرحت من قبل، لكنها لم تنفذ، مثل إنشاء منطقة آمنة في العاصمة بعيدا عن سيطرة التشكيلات المسلحة، تحرسها قوات نظامية أو الانتقال بالحكومة إلى مدينة بعيدة عن سيطرة التشكيلات المسلحة".

مسارات معقدة

فيما يتعلق بالمخاوف من وجود ثلاث حكومات في المشهد، تابع السلاك: "في ظني أن "حكومة حماد" المكلفة من البرلمان لن تتوانى عن التسليم للحكومة الجديدة، حال اعتمادها من مجلس النواب وفقا للأطر القانونية والدستورية".
ويرى أن موقف "حكومة دبيبة" يظل متعنتا، فيما يخص هذا الجانب، ما لم يطرأ عليه تغيير مستقبلا وفقا للمعطيات الجديدة وموقف الأسرة الدولية والبعثة الأممية، حال اكتمال الترتيبات الخاصة بانتخاب الحكومة الجديدة بنجاح.
وفي وقت سابق، رفض المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إعلان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح فتح باب الترشح لرئاسة حكومة موحدة للبلاد.
المجلس الأعلى للدولة في ليبيا يبحث دور روسيا في دعم الأطراف الليبية وصولا للانتخابات
وبرر المجلس رفضه لتلك الخطوة بأنها خطوة "منفردة"، داعيا إلى "الاتفاق أولا على آلية لتشكيل الحكومة"، كما أكد أن "التوافق وعدم الانفراد بالقرار هو ما سعينا لتحقيقه ووضعنا نقاطه الأساسية في اللقاء الثلاثي برعاية جامعة الدول العربية في إطاره العام".
وأوضح المجلس في بيان نشره عبر حساباته الرسمية بمنصات التواصل: أنه "كان من المقرر استكمال مسار التوافق بوضع آليات متعلقة بكل النقاط، إلا أن الخطوة المنفردة التي قام بها مجلس النواب باعتماد ميزانية ضخمة بالمخالفة للاتفاق السياسي والتي تكرس الانقسام حالت دون حدوث اللقاء".
وخلال اجتماع القاهرة الذي شارك فيه أعضاء من مجلسي النواب والأعلى للدولة، اتفق المجتمعون في القاهرة، على تشكيل حكومة جديدة واحدة تحضّر للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
ودعا البيان الختامي لمجلسي النواب والدولة الليبيين إلى "تشكيل خريطة سياسية لإنهاء الأزمة وصولا للانتخابات، ودعوة مجلس النواب للإعلان عن فتح باب الترشح والشروع في تلقي التزكيات ودراسة ملفات المرشحين لرئاسة حكومة كفاءات بقيادة وطنية تشرف على تسيير شؤون البلاد".
مناقشة