مع وصول الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة.. ما إمكانية استئناف التفاوض حول غزة في ظل الأوضاع الحالية؟

وسط حالة ترقب لرد إيران المحتمل على اغتيال إسماعيل هنية، وكذلك رد "حزب الله" على اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر، يطرح بعض المراقبين تساؤلات عن مصير مفاوضات تبادل الرهائن بين إسرائيل و حركة حماس.
Sputnik
ومع وصول وفد إسرائيلي رفيع المستوى إلى مصر، اليوم السبت، بمشاركة رئيسي الـ"موساد" والـ"شاباك" ومنسق العمليات، ذكر موقع "واللا" الإسرائيلي، أن "الوفد الإسرائيلي سيناقش مع رئيس المخابرات المصرية ومسؤولين أمنيين، الترتيبات الأمنية على محور فيلادلفيا ومعبر رفح".
وأشار إلى أن "مغادرة الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة كانت نتيجة ضغط أمريكي لمواصلة مفاوضات صفقة الرهائن".
ويرى خبراء أن مفاوضات تبادل الرهائن والتهدئة في غزة، لن تمضي قدمًا هذه الفترة، بعد مسلسل الاغتيالات الإسرائيلية، والجميع بانتظار حجم الرد الإيراني وتداعياته، سواء بالعودة للتفاوض أو الحرب الشاملة.
تصعيد التوتر بين "حزب الله" وإسرائيل.. هل يعرقل مفاوضات تبادل الأسرى في غزة؟

تحرك إيراني

أكد فادي أبو بكر، المحلل السياسي الفلسطيني، أن "المفاوضات الحالية ستواجه حالة من الجمود بسبب ما يشعر به نتنياهو وحكومته عقب الاغتيالات الأخيرة، مما قد يجعلهم أكثر تصلباً في مواقفهم ويطرحون شروطاً تعجيزية".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، هذا الوضع بالتأكيد سيعوق أي تقدم في مفاوضات تبادل الأسرى ووقف الحرب على قطاع غزة، ويزيد من تعقيد الأمور أكثر.
ويرى أن "الرد الإيراني سيكون حاسمًا في تحديد مسار المفاوضات المقبلة، فرد فعل قوي من إيران قد يؤدي إلى تصعيد كبير، بينما رد محدود قد يفتح المجال لجهود دبلوماسية جديدة".
وأكد أن "احتمالات النجاح في التفاوض تظل مرتبطة بشكل كبير بالتحركات الإيرانية والأحداث الإقليمية المتسارعة".
"صاروخ قصير المدى"... الحرس الثوري الإيراني يكشف تفاصيل جديدة بشأن عملية "اغتيال هنية"

اشتباك وتصعيد

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، ثائر نوفل أبو عطيوى، أن "التطورات والمستجدات المتلاحقة على الجبهة الشمالية اللبنانية وبعد حادثة اغتيال القيادي البارز في "حزب اللهط فؤاد شكر، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أحداث تؤشر إلى حالة التصعيد القريبة القادمة على الجبهة اللبنانية وكذلك على صعيد طهران وتوعدها بالرد على حادثة اغتيال هنية، بسبب اغتياله داخل أراضيها".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "حالة التصعيد غير المسبوقة على أكثر من محور واستمرار الحرب ومواصلة العدوان على غزة، واستعدادات إسرائيل لسيناريوهات عديدة محتملة، والبدء في تجهيز الجبهة الداخلية الإسرائيلية للاستعداد لحرب قادمة، كلها مؤشرات تجعل من الأوضاع أقرب لاشتعال جبهة مفتوحة وساحة مواجهة، من الممكن أن تؤدي إلى حرب إقليمية يطول زمنها ومداها".
وأكد بالقول: "هذا رغم تدخل العديد من الدول للضغط على كافة الأطراف ذات العلاقة بسحب فتيل التصعيد واستعادة الأوضاع إلى حالة من الهدوء، ليتجنب الجميع شبح حرب إقليمية شاملة".
ويرى أن "سياسة الاغتيالات التي تقوم بها إسرائيل بشكل متواصل تفتح نار الاشتباك والتصعيد، الأمر الذي يتطلب من الإدارة الأمريكية أن تضع حدا لإسرائيل، وأن تضغط عليها من أجل إيقاف مسلسل الاغتيالات".
عائلات الأسرى الإسرائيليين: نتنياهو ما يزال رافضا لأي صفقة مع "حماس"
ويعتقد أبو عطيوي أن "التطورات والمستجدات المتلاحقة تؤثر على سير المفاوضات وصفقة التبادل، لأن استمرار حالة التوتر والتصعيد والاغتيالات ينسف بالكامل عملية المفاوضات ويحجم دور الوساطات، التي تسعى إلى تقدم ملحوظ على مسار التفاوض من أجل إنجاز صفقة تبادل ووقف الحرب وإطلاق النار بشكل دائم ونهائي في قطاع غزة، الأمر الذي يعني أن الوصول لاتفاق وإنجازه يعني إيقاف الحرب ليس على غزة فقط، بل على جميع الجبهات وقواعد الاشتباك والتصعيد".
وأوضح أنه "في ظل وجود التصعيد واستمرار التوتر لن يكون هناك أي تقدم ملموس على مسار المفاوضات، إضافة إلى تعنت وحجج والتعديلات المستمرّة والمتواصلة من نتنياهو، ما يحتاج من الولايات المتحدة الأمريكية التدخل الحقيقي والفاعل من أجل الضغط عليه لإقناعه بالقبول بإبرام صفقة التبادل".
ومضى قائلًا: "رغم وصول الوفد الإسرائيلي الخاص بمفاوضات وقف إطلاق النار وإبرام صفقة التبادل للعاصمة المصرية القاهرة، لمناقشة التفاصيل والتعديلات إلا أن كافة الأمور والأوضاع مرهونة في حالة التصعيد والمواجهة من عدمها واستبدالها في مسار تفاوضي حقيقي وجاد لإنجاز صفقة التبادل، وكل هذا مرتبط بإقناع إسرائيل بالعدول عن استمرار التصعيد والاغتيالات".
وكانت مصادر قد قالت إن "إسرائيل تسعى إلى إدخال تعديلات على خطة تهدف إلى التوصل لهدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس".
دبلوماسي إسرائيلي بارز: ندفن أنفسنا في غزة
وقالت المصادر (مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدران مصريان) إن "إسرائيل ترى أنه يتعين فحص النازحين الفلسطينيين عند عودتهم إلى شمالي قطاع غزة عند وقف إطلاق النار؛ إذ أنهم يخشون من أن يدعم هؤلاء السكان مقاتلي حماس الذين ما زالوا يتحصنون هناك"، وفقا لتقارير غربية.
ويمثل هذا التعديل تراجعا إسرائيليا عن توافق يسمح للمدنيين، الذين فروا إلى الجنوب بالعودة إلى ديارهم بحرية.
وقال المصدر الفلسطيني والمصدران المصريان، إن "حركة حماس رفضت المطلب الإسرائيلي الجديد، إلا أن مسؤولا إسرائيليا كبيرا قال إن الحركة لم تطلع بعد على المقترحات الحديثة التي من المتوقع أن تُعلن في الساعات المقبلة".
وأشار المصدران المصريان إلى وجود نقطة خلاف أخرى تتعلق بمطلب إسرائيل الاحتفاظ بالسيطرة على حدود غزة مع مصر، وهو ما ترفضه القاهرة باعتباره خارج إطار أي اتفاق نهائي يقبله الجانبان.
ولم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو البيت الأبيض أو وزارة الخارجية المصرية بعد على طلبات للتعليق على مطالب إسرائيل.
ولا تزال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مستمرة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حينما أعلنت حركة حماس، التي تسيطر على القطاع، بدء عملية "طوفان الأقصى"؛ وأطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي غالبيتهم من المستوطنين، علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، حتى الآن، عن سقوط نحو 40 ألف قتيل وأكثر من 90 ألف جريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وذلك ممن وصلوا إلى المستشفيات، فيما لا يزال أكثر من 7 آلاف مفقود تحت الأنقاض الناتجة عن القصف المتواصل في أنحاء القطاع.
مناقشة