قضية اليوم بطلها آلاف النازحين الذين فروا إلى غابات "أولالا" الإثيوبية المجاورة للحدود السودانية، لكنهم لم يجدوا الأمن الذي يبحثون عنه، وحاصرهم الموت من كل الجهات فقرروا العودة للموت في بلادهم، لكن طريق العودة مليء بالأشواك ورائحة الموت في كل مكان.
بعد تعرض العالقين في الغابات لشتى أنواع الرعب والانتهاكات من قبل المليشيات والعصابات وحتى من الطبيعة بسقوط الأمطار الغزيرة والسيول، قرر أكثر من ثلاثة آلاف من هؤلاء العالقين العودة إلى بلادهم بعد ما لم يجدوا الطعام ولا الدواء ولا الأمن في مناطق نزوحهم هربا من ويلات الحرب، لكن طريق عودتهم كان قاسيا فليست هناك أي وسيلة للنقل في تلك المناطق ولا مفر من العودة سيرا على الأقدام في ظروف شديدة القسوة ووقوعهم كصيد سهل للعصابات والمليشيات.
طريق العودة
يروى العالقون في الغابات لـ"سبوتنيك"، المعاناه التي لا تزال قائمة منذ أيام وهم في طريق العودة ويتم توقيفهم وأحيانا أخرى منعهم من الوصول للأراضي السودانية، كل هذا يحدث في ظل انعدام تام لكل ما ينقذ الحياة علاوة على صعوبة وصول وسائل الإعلام لهم سوى عن طريق التواصل مع العالقين أنفسهم عبر الهاتف، الحقيقة محزنة تشتعل الحروب ويتحدث الساسة ويضيع الضعفاء من البسطاء ويموتون كمدا دون أن تصل حتى أصواتهم في اللحظات الأخيرة من الحياة.
وتروي نضال مهدي، عضو تنسيقية عودة النازحين من غابات أولالا الإثيوبية لـ"سبوتنيك"، المعاناة التي يتعرض لها هؤلاء العالقين من كبار السن من النساء والرجال المرضى والأطفال الصغار الذين لا يستطيعون البقاء في الغابات والدفاع عن أنفسهم وأيضا يجدون صعوبة في العودة سيرا على الأقدام لأن ظروفهم الصحية لا تساعدهم على ذلك.
غابات الرعب
وتقول نضال: "قرر اللاجئون أو الفارون والعالقون في غابات أولالا الإثيوبية العودة إلى بلادهم بعد المخاطر الكبيرة التي تعرضوا لها سواء من الطبيعة القاسية والحياة في الغابات أو من العصابات والمليشيات التي تسكن تلك المناطق والبعيدة عن سلطات الدولة، فهم من يحكمون ويتحكمون في تلك المناطق ولا تحكمهم تقاليد أو أعراف، بل قانون الغاب هو الذي يحتكمون إليه، لا رحمة ولا رأفة مع من تركوا ديارهم وأموالهم هربا من الموت، لكن الموت سبقهم إلى تلك الغابات".
وأشارت مهدي، إلى أن العالقين في تلك الغابات لكي يعودوا إلى الحدود السودانية عليهم السير على الأقدام لمسافة لا تقل عن 80 كم وسط الغابات والأوضاع السيئة والحيوانات المفترسة وقطاع الطرق والمليشيات والأمطار والسير في الأماكن الوعرة، الأمر الذي جعلهم يتعرضون إلى كافة أنواع الانتهاكات من قتل واغتصاب وإرهاب وتجويع وكل أنواع الرعب.
قضية إنسانية
وأردفت مهدي: "قضية اللاجئين سواء في الغابات الإثيوبية أولالا، هى قضية إنسانية سكت عنها الإعلام المحلي والدولي، وفي حالتنا هذه نجد آلاف النازحين قد علقوا في مصيدة الموت في الغابات، لكنهم في النهاية قرروا العودة والموت في بلادهم، لكن طريق العودة كان أشد قسوة وما زالت كل الظروف تقف في طريق عودتهم، الأمر الذي يستدعي تدخل العالم الحر والمنظمات الإنسانية لإنقاذ لآلاف البشر من النساء والأطفال والمرضى وكبار السفن تطبيقا لكل المواثيق والأعراف الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وأولها الحق في الحياة".
بعد أربعة أيام في طريق عودتهم للحدود السودانية سيرا على الأقدام تقول مهدي: "وصل الآلاف بعد أيام من المعاناة والخوف إلى منطقة الشهيدين حيث أوقفتهم الأمطار والأمراض والشعور بالتعب والإعياء، نظرا لأنهم يحملون أمتعتهم وأطفالهم وكبار السن منهم على عاتقهم، وتمر الأيام وهم في طريق العودة وتحاصرهم الأمطار والمياه من كل الاتجاهات، لكنهم رغم كل تلك الويلات مُصرون على العودة لأنهم يرون أن ويلات الحرب ربما تكون أقل وطأة من الويلات في الغابات".
مأساة إنسانية
من جانبه يقول جلال محمد، القيادي في العديد من المنظمات الإنسانية والتطوعية لـ"سبوتنيك": "اللاجئون بغابات أولالا خرجوا سيرا على الأقدام منذ أيام في طريق العودة لبلادهم رغم استمرار الحرب، لكن رحلة العودة كانت مليئة بالكوارث الطبيعية في ظل وضع سيء نتيجة النزوح والحرب، فلا أدوية ولا غذاء ولا أي من مقومات المعيشة التي يحتاجها الإنسان للبقاء على قيد الحياة لإنقاذ أرواح الأطفال وكبار السن الذين ضعفت مقاومتهم"، لافتا إلى أن النازحين أو اللاجئين في الغابات الإثيوبية أصبحوا تجارب لاستخدام جميع أنواع الأسلحة من قبل المليشيات.
ويقول عمر الصديق، عضو تنسيقية عودة النازحين العائدين من الغابات بالقرب من الحدود السودانية لـ"سبوتنيك"، إن نسبة كبيرة من العائدين من الغابات في أولالا موجودون في هذا التوقيت في معسكر على الحدود الإثيوبية السودانية، ولا تزال المفاوضات بينهم وبين السلطات الإثيوبية جارية، حيث اشترط الجانب الإثيوبي أن يقوم اللاجئين بتسليم بطاقات اللجوء حتى يتم فتح المعابر لهم.
أكد مجلس السيادة السوداني، اليوم الخميس، أن "الموقف السوداني متمثل بالتمسك بتنفيذ اتفاق إعلان جدة".
وقال مجلس السيادة السوداني إن "رئيس المجلس الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أكد هاتفيا لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، عدم ممانعته الجلوس مع ممثلي منبر جدة للنقاش بشأن التنفيذ مع رفض توسعة قائمة الوسطاء".
وأعلن المبعوث الأمريكي إلى السودان، توم بيريللو، في وقت سابق اليوم الخميس، استئناف اليوم الثاني من المحادثات الدبلوماسية في جنيف بشأن السودان.
وأكد بيريللو، عبر حسابه على منصة "إكس": "مواصلة الجهود الرامية لتحقيق نتائج ملموسة مع الشركاء الدوليين بناء على مخرجات اجتماعات جدة".
استضافت سويسرا، أمس الأربعاء، محادثات سلام بوساطة أمريكية لإنهاء الحرب في السودان. وكانت الحكومة السودانية، قد أعلنت في وقت سابق، عدم مشاركتها في محادثات جنيف مع قوات الدعم السريع.
فيما أعلنت الأخيرة الاستجابة لدعوة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، للتفاوض مع الحكومة السودانية في جنيف، التي تستضيف مباحثات بين أطراف سودانية ووسطاء بين الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، في وقت سابق من اليوم الخميس، أن الوزير أنتوني بلينكن، تحدث هاتفيًا مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، وأكد له ضرورة المشاركة في محادثات السلام الجارية في سويسرا، لتحقيق التنفيذ الكامل لإعلان جدة، للالتزام بحماية المدنيين في السودان.
وتتواصل منذ 15 أبريل/ نيسان 2023، اشتباكات عنيفة وواسعة النطاق بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق متفرقة بالسودان، حيث يحاول كل من الطرفين السيطرة على مقار حيوية.