هل يتحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية بعد توقف محادثات الانسحاب الأمريكي وما هو موقف الفصائل التي أعلنت انتهاء الهدنة؟
بداية يقول المحلل السياسي العراقي، أياد العناز، "علينا أن نعلم أن المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق قائمة ضمن عدة محاور منها، الانسحاب العسكري وفق معطيات وآفاق ميدانية تتعلق بما ستؤول إليه الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، وما ستشهده المنطقة من متغيرات سياسية وأمنية".
الردع المشترك
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "إن وجود بعض الفصائل المسلحة التي أعلنت عن مواقفها في حالة الرد الإيراني على إسرائيل بعد عملية الاغتيال التي طالت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الراحل (إسماعيل هنية)، بأنها ستكون إحدى الأدوات التي ستساهم في الردع المشترك، وتكون ضمن إطار وحدة الساحات، في حين أعلنت أطراف سياسية أخرى رفضها أن يكون العراق ساحة لصراع دولي وإقليمي يستهدف الجبهة الداخلية ومصلحة الشعب العراقي".
وأشار العناز إلى أن "بقاء القوات الأمريكية والتحالف الدولي أصبح حالة قائمة لحين انتهاء الظروف المحيطة بالعراق وتطور الأحداث بعد إطلاق سراح العديد من سجناء ومقاتلي داعش من قبل قوات سوريا الديمقراطية، والأساس أن الجانب الأمريكي دائما ما يؤكد على بقائه في العراق، وهو ما قرره في آخر الحوارات التي جرت في واشنطن وحددها نهاية 2025".
ولفت العناز إلى أن " الصورة تبقى واضحة في عملية استهداف القوات الأمريكية وقواعدها وقواتها من قبل الفصائل المسلحة في حال حدوث أي تطور في المواجهة القادمة بين إسرائيل وإيران".
ظروف المنطقة
من جانبه، يقول المستشار العسكري العراقي السابق، صفاء الأعسم، إن "موضوع بيان الخارجية المتعلق بتأجيل الإعلان عن موعد انتهاء مهمة قوات التحالف لن يجعل من العراق بؤرة للصراع الإقليمي والدولي في المنطقة، نظرا لأن موضوع التأجيل جاء كنتيجة طبيعية للظروف الصعبة وغير اليسيرة التي تمر بها المنطقة والشرق الأوسط بشكل عام وليس على العراق بشكل فردي".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، "الجميع يعرف أن العراق هو قلب الشرق الأوسط ولديه الآن قدرات وإمكانيات كبيرة تمكنه من الانفتاح بشكل أكبر على دول العالم و لديه علاقات طيبة مع الجميع وعلى كافة المستويات".
وتابع الأعسم: "نظرا للأحداث الأخيرة التي جرت في إيران لا نستطيع أن نتنبأ ماذا سيحدث في قادم الأيام، ولكن حتما هناك رد إيراني على عملية اغتيال اسماعيل هنية في طهران، يمكن أن يكون الرد مباشر من طهران أو عن طريق فصائل المقاومة المدعومة من الجانب الإيراني، وبالتالي يمكن أن تكون هناك ضربات من قبل فصائل المقاومة باتجاه إسرائيل تحديدا أو المصالح الأمريكية داخل المنطقة، وحتما سيكون هناك تداعيات على كل دول المنطقة نتيجة تلك التطورات".
أمريكا وإيران
وأشار المستشار العسكري إلى أن "هناك كرة من النار تتدحرج ضمن منطقة الشرق الأوسط يعني حقيقة لا نعرف أين ستصل أو أين ستضرب الكرة، ولكن العراق الآن لديه علاقات طيبة بالجميع، حتى أنه اشترك بوساطة في سبيل تهدئة الموقف ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران ولديه علاقات قوية بكل دول الجوار، وأتصور أن فصائل المقاومة الآن غير قادرة على الخروج بعيدا عن نطاق القائد العام للقوات المسلحة، وكلها مرتبطة ضمن الاطار التنسيقي، وبالتالي ملتزمة بقرارات الحكومة، لكن هناك فصائل ترتبط بإيران وغير مشتركة بالحكومة وهذه هى التي قد يصعب السيطرة عليها، لكن اعتقد أن الحكومة الحالية لديها سياسة قادرة على التهدئة داخل العراق".
وقال الأعسم: "لا نتمنى أن نكون ساحة لتصفية حسابات ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران والكل يعرف أن العراق الآن بموقف لا يسمح له أن يشترك لا بمعركة ولا الدخول في متاهات هو في غنى عنها، الموقف الأمريكي واضح جدا من العراق والموقف أيضا من إيران ونحن حلفاء استراتيجيين سواء بالنسبة لإيران أو بالنسبة لأمريكا".
وكان العراق قد أعلن الخميس الماضي، تأجيل إعلان إنهاء مهمة التحالف الدولي في البلاد بسبب التطورات الأخيرة، مؤكدا في الوقت نفسه عدم وجود قوات أمريكية على أراضيه.
وقالت وزارة الخارجية العراقية، في بيان، إنه "لا توجد قوات أمريكية في العراق باستثناء المستشارين العسكريين الموجودين تحت مظلة التحالف الدولي".
وأضاف البيان أن "اللجنة العسكرية العليا ركزت خلال الأشهر الماضية على تقييم خطر تنظيم داعش (الإرهابي المحظور في روسيا ودوليا) بهدف الوصول إلى موعد نهائي لإنهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي".
وأوضح أنه "على هذا الأساس، سيتم إنهاء وجود مستشاري التحالف الدولي بكل جنسياتهم على أرض العراق".
وتابع: "كنا قريبين جداً من الإعلان عن هذا الاتفاق، ولكن بسبب التطورات الأخيرة تم تأجيل الإعلان عن إنهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي في العراق".
كما أكد البيان أن العلاقة الثنائية مع الولايات المتحدة في جميع المجالات، بما في ذلك العلاقة الأمنية، منفصلة تماماً عن مسار العلاقة مع قوات التحالف الدولي، لافتا إلى أن هذه العلاقة قائمة قبل التحالف وستستمر بعده.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد صرح مرارا بأن "القوات الأجنبية لم يعد لها دور في البلاد بعدما أصبح العراق، يمتلك قدرات أمنية متطورة"، مطالبا بإنهاء وجود التحالف الدولي على أراضيه.
يشار إلى أنه منذ بداية تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تعرضت القواعد الأمريكية التي تقود التحالف الدولي في العراق، وكذلك القوات الأمريكية في سوريا، لهجمات منتظمة.