نبيلة منيب في حوار لـ"سبوتنيك": العالم بحاجة لتوازنات حقيقية... و"بريكس" فرصة جادة للتوازن الاقتصادي

قالت البرلمانية المغربية والأمين العام السابق للحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، إن العلاقة بين روسيا والمغرب مرشحة لمزيد من التطور والتعاون الكبير في مجالات عدة.
Sputnik
وأضافت في حوارها مع "سبوتنيك"، أن "العالم بحاجة لتوازنات جديدة تحفظ لشعوب الدول النامية، العيش الكريم الذي افتقده في ظل الغطرسة الغربية والهيمنة المتواصلة".
وشددت على أن "الانفتاح على العديد من الدول في مقدمتها روسيا، يمثل أولوية هامة، كما تمثل "مجموعة بريكس"، فرصة كبيرة لجميع الدول الساعية لخلق بيئة متوازنة يكون لشعوبها فيها موقعها تحت الشمس، الذي سلب وفقد على مدار عقود بسبب هيمنة وغطرسة المعسكر الذي دمر سوريا والعراق وأفغانستان وليبيا، ويسعى لتقسيم المقسم".
منتدى "بريكس" للإدارات المحلية يختار مذيعة "سبوتنيك" للحديث عن الشباب العربي
إلى نص الحوار:
بداية كيف ترين أهمية تطوير العلاقات مع الجانب الروسي؟
أعتقد أننا بتنا في حاجة ماسة إلى التوازن الدولي، ونحن ننظر إلى هذا العالم بأنه لا مكان لشعوبنا للعيش فيه بشكل ملائم، بسبب الغطرسة المفروضة منذ انهيار جدار برلين، خاصة أن التوازنات السابقة بين المعسكر الشرقي والغربي، كان لنا معها موقعنا تحت الشمس.
نحن اليوم نعيش حالة من التدخل في كل شيء من قبل معسكر أراد أن يفرض هيمنته وغطرسته على كل العالم، لكن الفرصة اليوم تتمثل في مجموعة "بريكس"،، وتمثل فرصة جادة لكل الدول الساعية للتوازنات والتنمية، والخروج من الغطرسة التي دمرت أفغانستان والعراق وسوريا واليمن وأفريقيا، وتقسم المقسم.
لذلك نحن نرى أن هناك بوادر إيجابية، منها التعاملات الثنائية بالعملات الوطنية بين روسيا وبعض الدول، وهي فرصة هامة للمغرب، إذ يجب أن يعمل على تطويرها، خاصة أن العلاقات التقليدية بين أوروبا والمغرب، هي علاقة مستعمِر ومٌستعمر، كانت دائما مجحفة في فرض ثقافتها وتبادلات تجارية في صالحهم.
برلماني مغربي: ما تطرحه روسيا بشأن "النظام العالمي العادل" محل تأييد كبير
بكل التأكيد نحن سعداء بالانفتاح المغربي على روسيا والصين، وغيرها من الدول من أجل التخلص من قبضة المستعمر القديم الذي ظل على استعماره بطرق غير مباشرة.
ما أهم الملفات التي تمثل أولوية للشارع المغربي المرتقب مناقشتها في السنة الرابعة للبرلمان؟
هناك العديد من الملفات المطروحة، والتي أبرزتها المندوبية السامية للتخطيط، ومراكز الدراسات المغربية، والتي تتعلق باتساع دوائر الفقر والفوارق الاجتماعية، بالإضافة لما يرتبط بالإقلاع الاقتصادي، حيث يعاني المغرب بشكل أكبر من إشكالية الطاقة، في ظل الضغوط التي تمارس عليه من أجل خصخصة شركات البترول، والتي أغلق بعضها، الأمر الذي يتعارض مع الحديث عن خلق فرص العمل والإقلاع الاقتصادي.
الجانب الآخر والذي يدفع إليه المغرب كما بعض الدول الأخرى، يتمثل في خصخصة الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم، وهو ما يضر بالعيش الكريم على مستوى البلاد، ويزيد من مؤشر البطالة والفقر والفوارق الاجتماعية.
اقتصادي مغربي: انعقاد اللجنة المشتركة مع روسيا محطة هامة لتطوير التبادل والاستثمارات
من هنا يمكن القول أن الأولوية بالنسبة للمغاربة تشمل فرص العمل والتعليم، والتنمية، بما ينعكس بشكل كبير على جميع المستويات، خاصة في ظل إشكالية الجفاف، وما يتبعها من تأثيرات.
بشأن أزمة استيراد النفايات من أوروبا... هل يمكن للأحزاب حسم الأمر داخل البرلمان؟
في الحقيقة، فإن ميزان القوى ليس في صالحنا، في ظل عديد القضايا التي تمثل أولوية لمطالب الشارع المغربي اليوم، ولا أظن أن يكون التحرك الحزبي في مستوى الكارثة التي يقبل عليها المغرب باستيراد هذه النفايات، لكن على كل حال نحن نقوم بدورنا، وننتظر انطلاق أشغال السنة الرابعة للبرلمان لمناقشة الأمر بشكل جاد، على مستوى الرأي العام الوطني.
من الناحية القانونية هل يمكن وقف استيراد هذه النفايات؟
من الناحية القانونية، فإن القانون يسمح بتصدير واستيراد النفايات غير الخطيرة، لكن بعض الألفاظ تظل فضفاضة، خاصة أن النفايات المرتقب استيرادها، وفق الخبراء الذين تتبعوا الأمر تتضمن مواد خطيرة ومن غير الجائز استيرادها.
كما نؤكد على خطورة الأمر، وما يترتب عليه من تأثير على مستقبل الإنسان والبيئة في المغرب، ويبدو أنها لا تهم الحكومة الحالية.
السفير الصيني في روسيا لـ"سبوتنيك": شي جين بينغ يعتزم حضور قمة "بريكس" في أكتوبر المقبل
كيف ترون تعامل الوزيرة المسؤولة بشأن تساؤلات البرلمان حول أزمة النفايات؟
جواب الوزيرة في الملف، لم يكن مقنعا، هي تختبىء وراء القانون الدولي الذي وقع عليه المغرب منذ سنوات، والذي يسمح باستيراد وتصدير النفايات، الأمر الذي يتناقض مع دور وزارتها في إطار عمل الحكومة على خطة التنمية المستدامة، والحفاظ على البيئة، في ظل ما نعرفه من أثار وخيمة نتيجة التلوث البيئي عالميا.
للأسف النفايات المرتقبة تتضمن بعض المواد الخطيرة على صحة الإنسان، خاصة أن المغرب يعمل على جلب الاستثمارات ولا يريد أن يكون "مزبلة" لأوروبا، وجلب نفاياتها لبلادنا بملايين الأطنان، وهو ما يؤكد أن العلاقات غير متوازنة، خاصة أن بعض القوانين تنفذ من أجل أن تبقى الدول النامية خاضعة وتابعة، ومضطرة لاستقبال مثل هذه النفايات.
نؤكد أننا بحاجة لإقامة علاقات متوازنة، ولا نبقى دائما الطرف المستغل، الذي تشترى مواده الأولية بأبخس الأثمان، ومن ثم يجبر على استيراد النفايات، كما هو الحال بالنسبة لبعض الدول الأخرى.
كيف تقيمين الموقف الغربي من القضية الفلسطينية... وما العلاقة بينها وبين قضية الصحراء وفق تصريح سابق لك؟
القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية يعاني فيها الشعب الفلسطينيي من احتلال غاشم، في ظل ضغوطات دولية على بعض الدول حتى لا تقدم الدعم الواجب تجاه الفلسطينيين، ما يؤكد أننا أمام ازدواجية من حيث آلية تطبيق القوانين والتي لا يلتزم بها المشرع الدولي نفسه.
سياسي روسي: النفوذ المتنامي لدول "بريكس" يقوض أسس النموذج الأمريكي لبناء عالم أحادي القطب
كما رأينا الولايات المتحدة الأمريكية ودعمها لإسرائيل التي لا تلتزم بالقوانين الدولية، والتي يساندها الاتحاد الأوروبي، وفي المقابل نؤكد أننا نناضل إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين من أجل إقامة دولتهم، ونيل حقوقهم.
كما عرفت القضية الفلسطينية محاولات تصفية عبر "صفقة القرن" وعمليات التطبيع، والتي جرت إليها الدول بخداع واضح، حيث كانت تروج الدول التي قادت عمليات التطبيع بأنها ستفاوض وتناقش من أجل حل الدولتين، وعلى هذا الأساس دفعت بعض الدول للتطبيع، من بينها المغرب، رغم رفض الشارع المغربي.
في المغرب كانت الخدعة من الجانب الأمريكي، حين اعترف الرئيس دونالد ترامب، بالحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية المغربية، في حين أن التاريخ والجغرافيا والقانون يؤكدون أن الصحراء مغربية كما يعرف الجميع ذلك، لكن أوروبا وأمريكا تريد الضغط على المغرب للحصول على المكاسب.
ما حدث بشأن التطبيع مقابل الاعتراف بالحكم الذاتي، يؤكد عدم التوازن في العلاقات، بل يؤكد الغطرسة الدولية في فرض أجندته وسياساته.
الناطق باسم القصر الملكي المغربي السابق: العلاقات مع روسيا مرشحة للتطور على جميع الأصعدة
كيف ترين الحملة التي تعرضت لها وسائل الإعلام الروسية ومنعها من جانب الغرب؟
بالتأكيد أنا أستمع للإذاعة الروسية "سبوتنيك"، والقنوات التلفزيونية أيضا، وتابعنا مسلسل منع وسائل الإعلام الروسي من جانب الغرب، في ظل الحرب الروسية الأمريكية، التي نسميها هكذا، مع محاولات الغرب تغليفها بأنها مع أوكرانيا.
نحن نرى بأن العالم بحاجة لتوازنات جديدة، ولذلك نحن نتابع وسائل الإعلام لتكتمل لدينا الصورة، كما نتابع الأكاذيب التي تنشرها وسائل الإعلام الغربية التي تريد إثارة الرأي العام ضد هذه الدولة أو تلك.
كما تابعنا ضرب خطوط الغاز "نورد ستريم" من أجل تخويف أوروبا من روسيا، في حين أن الأخيرة لا تسعى لغزو أوروبا، لكن من يدير الأمر يسعى لتقليب الرأي العام وتسويق ما يريد تصديره للشعوب.
أجرى المقابلة: محمد حميدة
مناقشة