تحديات دولية كبيرة أمام الإدارة الجديدة لمصرف ليبيا المركزي

كيف ستمضي إدارة المصرف المركزي الجديدة في ليبيا بعد الإشكاليات التي تزامنت مع استلامها للمصرف رغم الخلافات المستمرة، من بين تلك الإشكاليات ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار الليبي وفقدان البنوك الدولية ثقتها في المصرف المركزي الليبي بعد الأحداث الأخيرة التي مر بها المصرف المركزي في ليبيا.
Sputnik
تأتي كل هذه الأحداث في ظل غياب التداول السلمي للسلطة في المؤسسات الليبية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم القطاع المالي في ليبيا علاوة على ما تعانيه البنوك الليبية من أزمات متتالية منذ بداية فبراير(شباط) ولعل أبرزها شح السيولة النقدية في البنوك وتخبط سعر صرف الدينار الليبي وتردي الوضع الاقتصادي في البلاد.
يرى المحلل السياسي حسام الدين العبدلي أن ما حدث في المصرف المركزي كان سببه الرئيسي هو مجلسا النواب والأعلى للدولة، وهي تراكمات سابقة كانت بسببهما في عدم اتخاذ أي اتفاق بخصوص المناصب السيادية في البلاد، أي أنهما هما السبب الرئيسي في هذه الإشكاليات الحالية وهذا أمر لا جدال فيه بالنسبة للشعب الليبي والوسط السياسي بشكل خاص.
ليبيا... الأقمار الصناعية تظهر نحو 100 مقبرة جماعية في ترهونة
وأضاف العبدلي في تصريحه لـ "سبوتنيك"، أن "عدم استقرار سعر الدولار أمر ليس بجديد وغير مرتبط بإدارة معينة، كانت هناك ارتفاعات في عهد القذافي وعهد الصديق الكبير المحافظ السابق كان هناك ارتفاع كبير في سعر الدولار وكان الصديق الكبير هو من أوصل ليبيا لهذه المرحلة المنحرفة ماليا، ولم تكن لديه معالجات حقيقية، ولم يفلح في معالجة الوضع المالي والتضخم وربما كانت هناك بعض الأمور ترتبط بارتفاع سعر الدولار كانت ترتبط بشكل مباشر بالصديق الكبير المحافظ السابق".
وأوضح المحلل السياسي قائلا: "لم يستقر سعر صرف الدولار أمام الدينار في المصرف المركزي في عهد المحافظ السابق بالشكل المطلوب ولم تكن هناك حلول جذرية لمعالجة ذلك في وسط غياب التوضيحات والمبررات في ظل استقرار بيع النفط".
وتابع العبدلي: "في الوقت الحالي قامت الإدارة الجديدة بمخاطبة السويفت وفي انتظار الرد التي سوف تقوم بتعديل سعر الصرف، التجار في ليبيا بحاجة إلى طمأنه لما يمر به المركزي الآن فإن الدولار سوف يرتفع بشكل كبير".

العلاقات الدولية

وأوضح المحلل السياسي الليبي أن هناك تأثرا بين المصرف المركزي والبنوك الدولية خاصة في المعاملات الدولية والتحويلات المالية مع المصارف الخارجية، ولكن لن يكون تأثير طويل على ذلك، لأن العالم وما يحدث فيه هو بحاجة إلى ليبيا والنفط الليبي، وبحاجة للمعاملات الليبية، وبالتالي أي حصار للمصرف المركزي هو حصار للشعب الليبي قد يترتب عليه عواقب وخيمة، وهذا ما تم بعد اجتماعات المبعوثة الأممية ستيفاني خوري مع مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي الذين سوف يحاولون اتخاذ جملة من القرارات أو يتفقوا على فيما بينهم على معالجة الأمر.
البعثة الأممية في ليبيا تؤكد توصل الأطراف السياسية لتفاهمات حول أزمة المصرف المركزي
ولا يعتقد العبدلي بأن هناك تأثيرا كبيرا على الراقع المالي الليبي، لأن البنوك الدولية تعود للعمل مع ليبيا، لأن ليبيا دولة مهمة جداً نفطيا وماليا سواء مع العالم الخارجي أو مع الدول الصديقة لليبيا.
وشدد على أنه لا يمكن أن تبنى المؤسسات السيادية في ليبيا على أشخاص بعينهم، والعالم يعرف جيدا بأن هناك تداول على الإدارات وهذا الأمر ينطبق على كل المؤسسات.
ولفت العبدلي إلى إن الإدارة الجديدة وتحركاتها سوف تحاول بكل جهودها رغم عدم تمكنها من إتمام التسليم والاستلام بسلاسة، حيث ذهب المحافظ السابق بكل الأرقام السرية، وتمكنت الإدارة الجديدة من استئناف أعمالها بكل جدية وثبات، وحاولت مخاطبة البنوك العالمية في النظام المالي في محاولة إيصال رسالة بأن سيطرت على هذه المؤسسة.
لافتا إلى أن هروب الكبير بكل المستندات والارقام التي بحوزته هو تجويع للشعب الليبي، لأن المصرف المركزي ليس ملكا للمحافظ السابق الصديق الكبير وهو ملك لكل الشعب الليبي.

الثقة المالية الدولية

ومن جانبه يرى علي المحمودي، الخبير في الشأن الاقتصادي، أن ما يحدث في المصرف المركزي هو ختام الصراع والانقسام الليبي ولكن هذه المرة الصراع أقوى وأشد، وقال إن حكومة الدبيبة تحاول جعل المركزي بإدارته الجديدة التي عينها المركزي تابعة لها بحكم العلاقات التي تربط الدبيبة بالمحافظ الجديد "عبد الغفاز" بعد ان خسرت تحالفها مع الصديق الكبير المحافظ السابق الذي أصبح حليف البرلمان والقيادة العامة للجيش الليبي في شرق البلاد.
إعلام: رئيس مصرف ليبيا المركزي يفر من البلاد خوفا على حياته
وأوضح المحمودي في تصريحه لـ "سبوتنيك" أن الانخفاض التدريجي للعملة المحلية جاء بعد إعلان الإدارة الجديدة استئناف فتح المقاصة المصرفية، وإحالة مرتبات شهر أغسطس/ آب إلى حسابات المواطنين، سبب ذلك زيادة على طلب العملات الأجنبية وزيادة عرض العملات المحلية في ظل استمرار إقفال منظومات بيع النقد الأجنبي ما جعل الخيار الوحيد للتاجر والمواطن الذهاب للسوق الموازي.
واختتم المحمود قائلا: "إن علاقات البنوك الدولية مع المركزي كانت مقيدة منذ فترة المحافظ السابق الصديق الكبير، ولكن اليوم العديد من البنوك أعلنت قطع علاقاتها وعلقت عملها إلى حين حل أزمة مصرف ليبيا المركزي، ناهيك عن البنوك التي لا تزال تقيم التعامل مع المركزي في ظل إدارة جديدة الواضح أنها لا تملك الخبرة في إدارة مثل هذه الأزمات".
مناقشة