لماذا تم توجيه الاتهامات لتوصيات لجنة تقصي الحقائق من جانب الجيش السوداني وقوى سياسية وشعبية في الداخل..رغم ترحيب قوى مدنية أخرى بالخارج..وإمكانية تشكيل مثل تلك القوة إذا لم يقبل الجيش بها؟
بداية يقول المستشار السابق للحكومة السودانية، الدكتور ربيع عبد العاطي: "توصيات لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، تثبت إصرار هذه البعثة على إبراز العداء السافر و الإنحياز للظلم الذي يشهد به العالم والموجه ضد الشعب السوداني أرضاً و سيادة وموارد".
ممارسات قديمة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "مثل هذه التقارير ليست إلا تكريسا لممارسات سابقة واجهها السودان منذ النظام السابق، لكن تمت مواجهتها بالرفض من الشعب و الدولة، وكانت مثل هذه التقارير حبرا على ورق".
وأكد عبد العاطي "إن صدرت هذه التقارير الظالمة أو لم تصدر، فإن إرادة الشعب قد سبقت بضرورة القضاء على التمرد، و المضي قدما في تحقيق رغبة المواطن الذي عانى من التهجير واللجوء والنزوح وهزيمة كل من يتماهى مع التدخل السافر في شؤونه".
هزيمة التمرد
وأشار عبد العاطي، إلى أن "أي تدخل مهما كان، سواء أكان بقوات لحفظ سلام أو بأي مسمى، أو تهديد بالمحكمة الجنائية الدولية، سوف لن تكون نتيجته بأقل مما كان في أفغانستان أو الصومال، و الشعب السوداني معروف بجسارته و تمسكه باستقلاله و إرادته الحرة".
ولفت عبد العاطي، إلى أن" تلك التقارير بكل ما تضمنته لا تجد إهتمامًا، فهي بمثابة ذر للرماد في العيون ولا أثر لها سوى المزيد من الاستنفار، و ضرورة هزيمة التمرد و أعوانه الإقليميين و الدوليين".
رفض حكومي
من جانبه يقول الخبير الأمني والاستراتيجي السوداني الفريق، جلال تاور: "الحكومة السودانية على لسان وزير الخارجية رفضت توصية اللجنة الأممية التي طالبت بنشر قوات محايدة لحماية المدنيين في السودان، بعد أن اتهمت الدعم السريع والقوات المسلحة بارتكاب جرائم بحق المدنيين".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": " تلك اللجنة التي طالبت بسرعة تشكيل قوة محايدة لحماية المدنيين، هى لجنة أممية تم إرسالها لتقصي الحقائق في حرب السودان قبل عام وهى التي تقدمت بالتقرير قبل يومين إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية مشفوعا بعدد من التوصيات".
وتابع تاور: "هذا التقرير الذي تقدمت به اللجنة يؤخذ عليه الكثير من المآخذ، بأن اللجنة قامت بعمل مؤتمر صحفي قبل أن تتقدم بالتقرير لمجلس حقوق الإنسان أي قبل الاجتماع، بمعنى أنها استبقت موعد اجتماع مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بحملة إعلامية وبدأت تُبشر بنشر قوات أممية في السودان من أجل حماية المدنيين، كنوع من التدخل والضغط على الحكومة السودانية، خاصة بعد رفضها المشاركة في مفاوضات جنيف التي عقدت منتصف أغسطس/آب الماضي".
تدخل سافر
وأشار الخبير الاستراتيجي، إلى أنه "في نفس اليوم الذي صدر فيه التقرير، كانت هناك جلسة إحاطة بمجلس الأمن حاولت خلالها بريطانيا استخدام نفوذها بطلب إدخال قوات أممية إلى السودان ولم تفلح في تمرير هذا الأمر".
وأكد تاور، أن " تلك المقترحات التي تقدمت بها لجنة تقصي الحقائق وما تطمح له بعض الدول من إدخال قوات أممية، هو أمر غير مقبول وأعلنت الحكومة السودانية رفضه بشكل صريح، علاوة على أن النائب العام السوداني يشارك في الاجتماعات الخاصة بتقرير لجنة تقصي الحقائق وسوف يقدم تقرير واضح أمام رئيس مجلس حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن ما جاء في تقرير اللجنة هو مجرد توصيات، كل ما يطالب به الشعب والحكومة، هو احترام سيادة السودان، أن الحكومة لا يمكن القول بأنها لا ترغب في حماية المدنيين ".
شرعية زائفة
وشدد الخبير الاستراتيجي على "ضرورة وقف الدعم الخارجي وخاصة من الإمارات إلى قوات الدعم السريع، مشيرا إلى أن المواد الإغاثية التي تم الاتفاق عليها والترويج لها من جنيف، لم تصل منذ أن سمحت الحكومة السودانية بفتح المعابر، الأمر لا يتعدى الأحاديث الإعلامية، هناك شكوك بدخول بعض الأسلحة إلى المتمردين ضمن تلك الأنشطة الإغاثية لكي يستمر الدعم السريع في زعزعة الاستقرار والأمن في البلاد، ومحاولة إعطاء الدعم السريع شرعية زائفة وتقوية شوكته على حساب الجيش السوداني، رغم أن الصورة أصبحت واضحة وأن قوات الدعم السريع عبارة عن عصابات في الوقت الراهن يقاتل بعضها بعضا في صراع على الأموال التي نهبوها من السودان، ورغم وضوح الأمور تسعى الأمم المتحدة لمنح الدعم السريع شرعية وأن من حقها الدفاع عن النفس".
وحول المطالبات بحظر الطيران ومنع تدفق الأسلحة وفق توصيات لجنة حقوق الإنسان يقول تاور: " فلو عدنا إلى توصية منع تدفق الأسلحة الذي جاء في التوصيات، أي الجهات التي يمنع تدفق الأسلحة لها، وفي نفس التوقيت نجد أن الصين وروسيا عارضت المسعى البريطاني في مجلس الأمن لفرض تلك المخططات التي تهدف إلى النيل من الحكومة السودانية، واستغلال الأزمة الحالية لتمرير أجندات سياسة بعينها، حيث شددت روسيا والصين خلال اجتماع المجلس على ضرورة احترام سيادة السودان".
رفض السودان دعوة خبراء الأمم المتحدة لنشر "قوة مستقلة ومحايدة"، لحماية ملايين المدنيين السودانيين، الذين تركوا منازلهم قسرًا، بعد مرور أكثر من عام على الحرب.
وتسبب الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، منذ شهر أبريل/ نيسان من العام الماضي، في مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، كما أدى إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وقال خبراء الأمم المتحدة المستقلون، الجمعة الماضية، إن بعثة تقصي الحقائق الخاصة بهم كشفت عن انتهاكات "مروعة" من قبل الجانبين، "والتي قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
ودعت إلى نشر "قوة مستقلة ومحايدة بتفويض لحماية المدنيين، دون تأخير".
وقالت وزارة الخارجية السودانية، الموالية للجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن، عبد الفتاح البرهان، في بيان بوقت متأخر أول أمس السبت، إن "الحكومة السودانية ترفض بالكامل توصيات بعثة الأمم المتحدة"، وفقا لوكالة الأنباء السودانية (سونا).
كما وصفت الوزارة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي أنشأ بعثة تقصي الحقائق، العام الماضي، بأنه "هيئة سياسية وغير قانونية"، فيما اعتبرت توصيات اللجنة "انتهاكا صارخا لولايتها".
واتهم بيان وزارة الخارجية السودانية، قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، "باستهداف المدنيين والمؤسسات المدنية بشكل منهجي".
وأضاف أن "حماية المدنيين تظل أولوية مطلقة للحكومة السودانية".
وتابع بيان الخارجية السودانية أن "دور مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يجب أن يكون دعما للعملية الوطنية، بدلا من السعي إلى فرض آلية خارجية مختلفة".
كما رفض بيان وزارة الخارجية السودانية، دعوة الخبراء لفرض حظر على الأسلحة.
وأفاد خبراء الأمم المتحدة، أن "8 ملايين مدني نزحوا، بينما فر مليونا شخص آخر إلى دول مجاورة"، منذ الحرب التي اندلعت في السودان في 15 أبريل الماضي.
ويواجه أكثر من 25 مليون سوداني، أي ما يزيد عن نصف سكان البلاد، نقصا حادا في الغذاء.