ويرى مراقبون أن الأحداث الإقليمية ساهمت في صعود التيار الإسلامي، بيد أن ظهور أحزاب جديدة وسطية قد يخلق توازنات سياسية جديدة، يعزز من دول التحالفات الحزبية لزيادة التأثير في البرلمان.
وأظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية في الأردن فوز 104 حزبيين بمقاعد في مجلس النواب في الدائرتين المحلية والعامة، كما أظهرت فوز 6 شباب دون الـ36 عاما و27 امرأة.
وحقق حزب جبهة العمل الإسلامي تقدما لافتا إذ فاز بـ31 مقعدا بينهم 3 ليسوا أعضاء في الحزب، فيما فاز حزب الوفاق بـ21 مقعدا.
برلمان سياسي بامتياز
اعتبر نضال الطعاني، السياسي الأردني والبرلماني السابق، أن الانتخابات النيابية التي جرت في الأردن انتخابات نوعية وذات بعد سياسي حقيقي، وجاءت نتيجة إصلاحات سياسية واقتصادية أمر بها الملك عبدا لله، إضافة إلى قانون الانتخاب والأحزاب الجديد.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، شهدت نتائج الانتخابات تمثيل المرأة والشباب سياسيا بشكل متميز، إضافة إلى صعود التيار الإسلامية نتيجة ظروف سياسية إقليمية، لمجابهة اليمين المتطرف الإسرائيلي الذي يسعى بشكل كبير إلى عملية تهجير للفلسطينيين إلى الأردن.
وأكد أن إفرازات المجلس النيابي الجديد سياسية حقيقية، تمثل المجتمع الأردني بكافة أبعاده السياسية، وهي انتخابات ذات أهمية كبيرة جدا، للدولة الأردنية والمجتمع الأردني من أجل إعادة الثقة لمجلس النواب، لا سيما أن المجلس يعتبر سياسيا من الطراز الرفيع.
وتابع: "نأمل أن يحقق المجلس الجديد طموح الشعب الأردني في إيجاد حلول سياسية للأوضاع الصعبة في المنطقة والإقليم، وحلول اقتصادية للاقتصاد المتردي الذي يعاني منه كافة المواطنين الأردنيين، وإيجاد حلول حقيقية لمشكلة الفقر والبطالة التي يعاني منها الأردن بنسب مرتفع جدًا، ومحاربتها عبر قرارات سياسية جريئة.
نقطة تحول
اعتبر حمادة أبو نجمة، الخبير القانوني والمحلل الأردني، أن الانتخابات النيابية الأردنية شهدت تحولات سياسية كبيرة، تجسدت في نجاح جبهة العمل الإسلامي وحضور قوي للمرأة وجيد للشباب، إلى جانب ظهور أحزاب جديدة فرضت نفسها على الشارع بقوة، خاصة الوسطية منها، في وقت لم تحقق الأحزاب اليسارية نجاحا وخرجت من السباق دون مقاعد.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذه الانتخابات حملت معها تحديات وفرصاً للأحزاب الأردنية، وأثرت على التوازنات السياسية في البلاد والمنطقة، وقد حققت جبهة العمل الإسلامي نسبة كبيرة من أصوات الناخبين، مستفيدة من استراتيجيات دقيقة في حملاتها الانتخابية.
وأكد أن هذا النجاح يعكس قدرتها التي اكتسبتها على مدى عقود من العمل على التواصل مع القواعد الشعبية واستثمار القضايا الوطنية مثل الأوضاع الاقتصادية والسياسية، بعكس الأحزاب المنافسة التي كانت معظمها ناشئة وقليلة الخبرة، وأخرى أحزاب أيدولوجية عانت سنوات من التضييق.
وتابع: "لا شك بأن جبهة العمل الإسلامي قد استفادت من القضايا الإقليمية، خاصة الحرب على غزة، لتعزيز قاعدتها الشعبية، هذه القضايا أثرت بشكل كبير على توجهات الناخبين، الذين رأوا في الجبهة ممثلاً لقضاياهم الوطنية".
ويرى أبو نجمة أن هذه الانتخابات تميزت بحصول نسبة قياسية من النساء على مقاعد في البرلمان، وذلك نتيجة النظام الانتخابي الذي يفرض وجود حصة متقدمة للمرأة في القوائم الانتخابية، هذا التقدم سيعكس تناميا لدور المرأة في الحياة السياسية الأردنية.
ومضى قائلًا: "كما شهدت الانتخابات زيادة ملحوظة في مشاركة الشباب، ويبدو أن اهتمام الأحزاب بتواجد الشباب في مختلف مفاصلها وهياكلها كان له دور في ذلك، إضافة إلى تركيزها على قضايا الشباب وهي الشريحة الأكبر بين السكان في المملكة، ومن ذلك قضايا البطالة والتعليم، لزيادة قدرتها على استقطاب قاعدة جماهيرية أوسع".
مجلس نيابي مختلف
وبحسب أبو نجمة، تشير نتائج الانتخابات إلى أن المجلس النيابي القادم سيكون مختلفًا بشكل كبير عن المجالس السابقة، ففوز جبهة العمل الإسلامي بعدد كبير من المقاعد، إلى جانب صعود الأحزاب الجديدة، قد يخلق توازنات سياسية جديدة، هذا التغيير سيعزز من دور التحالفات الحزبية كوسيلة لزيادة التأثير في البرلمان وتشكيل سياسات أكثر توافقًا مع تطلعات الشعب.
ويعتقد أن هذه الانتخابات تمثل نقطة تحول في الحياة السياسية الأردنية، فنجاح المعارضة وصعود الأحزاب الجديدة يضع الأردن أمام تحديات تتطلب حوارًا وطنيًا شاملاً بين جميع القوى السياسية، هذا الحوار ضروري لإيجاد حلول للتحديات السياسية والاقتصادية، وضمان استمرار الاستقرار في البلاد.
وعن نسب المشاركة، تابع: "ما زالت مشكلة ضعف المشاركة الشعبية قائمة منذ عدة سنوات، فكانت نسبة الاقتراع بحدود 32%، ويعود ذلك إلى فقدان الثقة في قدرة المرشحين والبرلمان على تحقيق التغيير المطلوب، وهو ما يتطلب من الحكومة والأحزاب العمل على بناء هذه الثقة من جديد عبر سياسات ملموسة تركز على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وقال إن نتائج هذه الانتخابات لا تقتصر فقط على المشهد السياسي الداخلي، بل تحمل تداعيات على الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وذلك لعدة أسباب مرتبطة بالدور الإقليمي الذي تلعبه الأردن، فهي تعكس اهتماما شعبيًا قويًا لقضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فالأردن، بحكم موقعه الجغرافي ودوره التاريخي في الواقع الفلسطيني، سيظل شريكًا أساسيًا في محاولات حل الصراع العربي مع الاحتلال، ومع تصاعد نفوذ الأحزاب الإسلامية في البرلمان الأردني، من المتوقع أن يساعد ذلك الحكومة الأردنية في التشدد بموقفها الداعم للقضية الفلسطينية على الساحة الإقليمية والدولية، بما في ذلك التأكيد على حل الدولتين والوقوف بوجه أي محاولات لتغيير الوضع القانوني للقدس أو تصفية حقوق اللاجئين الفلسطينيين.
وقررت الهيئة المستقلة للانتخاب في المملكة الأردنية، اعتماد النتائج الأولية للانتخابات النيابية كنتائج نهائية، وفق ما أفاد رئيس مجلس مفوضي الهيئة موسى المعايطة، الأربعاء.
وقال المعايطة خلال مؤتمر صحفي، إن مجلس مفوضي الهيئة اتخذ هذا القرار بعد أن فرغت لجان التدقيق المشكّلة في الهيئة من تدقيق النتائج الأولية لانتخابات الدوائر المحلية والدائرة العامة.
ونقل تلفزيون المملكة الحكومي، عن عضو مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان، علي الحجاحجة، قوله إن فوز حزب جبهة العمل الإسلامي بهذا العدد سيخلق تنافسا إيجابيا داخل مجلس النواب وسيدفع الأحزاب لتشكيل ثقل سياسي في البرلمان لتحقيق مكتسبات في المرحلة القادمة.