وحذر في مقابلة مع "سبوتنيك"، مع استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية والتي وصفها بـ "الحرب الصامتة"، وكذلك المضي قدما في الحرب على غزة بعد فشل المحاولات الدولية لوقفها، بيد أنها فشلت بسبب تعنت وصلف إسرائيل.
وانتقد الوزير الموقف الأمريكي المنحاز من فلسطين، لا سيما في المحافل الدولية، مؤكدًا أن التحركات القانونية ستنجح يوما ما في إعادة الحقوق الفلسطينية لأصحابها، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين.
وإلى نص الحوار:
بداية.. كيف ترى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير بشأن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية؟
نحن في فلسطين نرى أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي صدر مؤخرا تاريخي، وخطوة مهمة في طريق إحقاق الحق الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، فموافقة أكثر من ثلثي أعضاء الجمعية العامة على هذا القرار يعتبر نصرا جديدا يضاف لانتصارات الدبلوماسية الفلسطينية.
وبرأيك.. ما أهمية القرار إن لم يكن ملزما لإسرائيل من أجل التطبيق؟
القانون الدولي قانون دول وليس أفراد، ولا يوجد آلية لتنفيذ القرارات الدولية بالقوة، ما لم يتخذ مجلس الأمن قرارا طبقا لنص الفصل السابع من نظام الأمم المتحدة، ونحن نعلم أن مجلس الأمن يقوم بتعطيل أي قرار ضد إسرائيل، بسبب الفيتو الأمريكي، ونأمل ألا يحدث ذلك، بكل الأحوال، صدر القرار من الجمعية العامة، وهو غير ملزم للتنفيذ إلا طوعا، لكن صدور القرار يضيف فصلا جديدا من فصول النضال الفلسطيني، وتحقيق العدل والحق للفلسطينيين، وأن السبيل الذي تتبعه دولة فلسطين، على المستوى القانوني والدبلوماسي في الحصول على حقوقها، هو سبيل منجز.
ليس لدينا أي شكوك بأن هذا القرار سيكون له ما بعده، فالقرارات الدولية في النهاية ستحصل على التنفيذ والتطبيق الملزمين لها، طال الزمن أو قصر، هذه القرارات تاريخية وتؤسس لما بعدها، وإمكانية التنفيذ قد تتراخى لكن لن تموت للأبد.
أين وصلت دعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية؟
في كل مرة نتحدث عن هذه القضية يجب أن نوجه الشكر والتقدير لدولة جنوب أفريقيا، حكومة وشعبًا، على هذا الموقف الشجاع، الذي يسعى لإحقاق الحق، ويقدم للشعب الفلسطيني خدمة كبيرة. وصلت القضية إلى مرحلة تقديم المرافعات المكتوبة، التي ستقدمها الدول في الوقت الحالي، انتظارا لصدور القرار بداية العام المقبل.
القضية عاجلة، وواضحة، والأدلة والأسانيد التي تم تقديمها من قبل جنوب أفريقيا والدول الأخرى التي انضمت لهذه القضية، من بينها دولة فلسطين كانت دامغة على حقيقة أن إسرائيل ارتكبت الجرائم المشار إليها، وتحديدا جريمة الإبادة الجماعية والتهجير القسري، وغيرها من الجرائم التي وردت في هذه القضية.
وكيف ترى مطالب المدعي العام للجنائية الدولية باستصدار مذكرة اعتقال لنتنياهو وغالانت بسبب المجازر في غزة؟
القضية واضحة، وفي محكمة العدل الدولية تم تقديم الأدلة الدامغة على ارتكاب إسرائيل جرائم ضد الإنسانية، منها جريمة الإبادة الجماعية، والتهجير القسري، هذه الجرائم يحاسب مرتكبيها أمام محكمة الجنايات الدولية، ولولا أن المدعي العام للمحكمة مقتنع بأن هناك جرائم ترتكب ضد الإنسانية، لما تقدم بهذا الطلب. ونأمل أن تقوم الدائرة الابتدائية في الجنائية الدولية بإصدار قرار قبول للدعوى، وإصدار المذكرات بحق المذكورين، وهم مجرمو حرب طبقا للقانون الدولي.
عرقلت الولايات المتحدة قرارات عدة تصب في صالح وقف الحرب الإسرائيلية ومع فلسطين.. كيف تقيم السياسة الأمريكية تجاهكم؟
الموقف الأمريكي في الوقت الحالي منحاز لإسرائيل، وما نأمله أن يقوم الشعب الأمريكي بالضغط على الإدارة الأمريكية لاتخاذ مواقف تنسجم مع القانون الأمريكي، والمبادئ التي تنادي بها، والحقوق المشروعة لكل دول وشعوب العالم، في الوقت الحالي الموقف الأمريكي غير مرضي، لكن نحن دائما لدينا الثقة بأن المستقبل سيكون في صالح فلسطين.
مع زيادة الاستيطان والاقتحامات وعنف المستوطنين.. ما المخطط الذي ترمي له إسرائيل في تصعيدها بالضفة الغربية؟
بالفعل، هناك نية لدى إسرائيل من أجل تهجير الفلسطينيين من الضفة، وهذا واضح من عنف المستوطنين وجرائمهم المتكررة بشكل يومي، وما ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي من مجازر في المدن بالضفة الغربية شمالا وجنوبا وحتى في الوسط، ونحن نعتبر أن ما يجري في الضفة الغربية هي حرب صامتة، وهذه الحرب تهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، لكننا نقول بكل وضوح أن الشعب الفلسطيني صامد وباق على أرضه، ولن ننجر إلى مخالفة القانون الدولي، والمبادئ والأعراف الدولية.
على الرغم من حقنا مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل، لكننا في فلسطين اختارنا السبيل القانوني والدبلوماسي لمقارعة الاحتلال، وفي النهاية سوف ينتصر الحق.
تسعى فلسطين منذ مدة للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.. أين وصلتم في هذا الملف؟
فلسطين وصلت إلى حد بعيد لكسب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ونعتقد أن الدبلوماسية الفلسطينية انتصرت خلال السنوات العشر الأخيرة، وهي انتصارات محققة، حيث انتقلت فلسطين من عضو مراقب إلى عضو، ونعتقد أننا بصدد الحصول على العضوية الكاملة، وهذا إقرار من شعوب العالم وحكوماتها بأن للشعب الفلسطيني الحق في إقامة دولته الفلسطينية على ترابه الوطني في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وأن تكون هذه الدولة قابلة للحياة.
إذا نظرت للقرار الأخير بإنهاء الاحتلال ستجد 124 دولة صوتوا لصالح القرار، باستثناء 14 دولة، وهذا يؤكد بأن أكثر من ثلثي الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤيدون للحقوق الفلسطينية، في مقابل فئة رافضة لا تتخطى 10%، وهو يدل على أن الاتجاه الذي تسلكه الدبلوماسية الفلسطينية والإجراءات التي تقوم بها السلطة الوطنية، إجراءات صحيحة وتصب في صالح الاعتراف بدولة فلسطين، كدولة كاملة السيادة على ترابها الوطني.
حدثنا عن التحركات الفلسطينية الجديدة على المستويات الدبلوماسية والقانونية لاستكمال الاعتراف بفلسطين وحتى قيام الدولة؟
هناك إجراءات عديدة تقوم بها الدبلوماسية الفلسطينية على كافة المستويات، شاهدنا كيف اعترفت العديد من دول العالم بفلسطين، وقرار إنهاء الاحتلال الإسرائيل حظي بتأييد 124 دولة، كل هذه الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها فلسطين، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، تصب في النهاية الإجمالية بصالح إقامة الدولة الفلسطينية، وتحصيل الحقوق المشروعة لهذا الشعب، في مقدمتها حق الاستقلال وتقرير المصير، وعودة اللاجئين الفلسطينيين.
بحديثكم عن عودة اللاجئين.. كيف ترى الاتهامات والملاحقات الإسرائيلية لمنظمة الأونروا الأممية في غزة؟
الاتهامات الإسرائيلية للوكالة باطلة، والأونروا أحد منظمات الأمم المتحدة، التي تم تأسيسها بموجب قرار من الأمم المتحدة، جاء بعد قرار إقامة الدولة الإسرائيلية، وإسرائيل الآن تعمل على شيطنة الأمم المتحدة، وتتهمها بالإرهاب، والجميع شاهد تمزيق السفير الإسرائيلي لميثاق الأمم المتحدة.
اتهام الأونروا بأنها إرهابية يعني أن الأمم المتحدة كمنظمة إرهابية في مجملها، لكن إسرائيل لا تحترم أي مواثيق دولية، ولا تحترم منظمة الأمم المتحدة التي أقامت لها دولتها، في حين أن اتهام 13 فلسطينيا في غزة بالإرهاب – وإن كان ذلك يحق للاحتلال- من بين 13 ألف عامل في الوكالة بالقطاع، و27 ألفا في مناطق عملها الخمس يؤكد عدم مصداقية إسرائيل.
إذا برأيك لماذا تكيل إسرائيل الاتهامات للأونروا؟
إسرائيل تحاول محاربة وكالة الأونروا ليس لأسباب موضوعية، بل لأسباب سياسية بهدف إسقاط حق العودة، لأن منظمة الأونروا هدفها إغاثة وتشغيل اللاجئين إلى حين عودتهم حسب قرار إنشاء الوكالة، وهنا حق العودة مصان ومحمي بموجب قرار من الأمم المتحدة، وإسرائيل تأتي لمحاربة الأونروا لكي تسقط حق العودة، وهو حق ثابت لن يسقط.
فيما يتعلق بموقف المملكة من رفض التطبيع مع إسرائيل.. كيف تقيمون هذا التوجه والتحركات العربية والإسلامية الأخيرة لنصرة القضية؟
موقف المملكة العربية السعودية نبيل ومتوقع في ظل تشكيل مجموعة الدول الخمس بناء على توصيات مؤتمر الدول الإسلامية في الرياض، والذي يقوم بمحاولة وقف العدوان على قطاع غزة، ومساعدة فلسطين في إرجاع حقوقها، نحن نثمن كافة المواقف العربية التي تهدف لدعم القضية الفلسطينية سواء كانت من مصر أو قطر أو السعودية، وهناك الكثير من الدول التي تحاول وتبذل جهدا ومالا في محاولة مساعدة فلسطين، وهذا نابع من شعور تلك الدول بالأخوة والترابط العضوي مع الشعب الفلسطيني، نثمن هذه المواقف ونقدرها عاليا ونتمنى أن تستمر في دعم القضية حتى إحقاق الحق وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
كيف ترى استمرار الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة وفشل كافة الجهود الدبلوماسية في احتوائها؟
للأسف نحن نتحدث في كل لحظة عن سقوط ضحايا وشهداء بالعشرات في قطاع غزة بشكل يومي، ونحن نأن من هذه الأعداد المتزايدة من الضحايا التي تدمي القلوب. استمرار الحرب في قطاع غزة يعني استمرار التعنت والصلف والسياسة الجائرة لإسرائيل، التي تخالف كل الأعراف والقوانين الدولية، ونحن نأمل في أن يكون هناك موقف دولي حازم وصارم لوقف هذا العدوان المتنامي، ووضع حد لانتهاكات القانون الدولي، ومخالفة قانون الحرب، ووقف الإبادة الجماعية التي المستمرة في قطاع غزة، من أجل العودة للقطاع وإغاثة الشعب هناك.
حدثنا عن الجهود المبذولة من حكومة الدكتور محمد مصطفى في ملف غزة وخططها عن اليوم التالي للحرب؟
من اليوم الأول الذي تشكلت فيه حكومة الدكتور محمد مصطفى كان واضحا في رده على خطاب التكليف، بأن وقف العدوان على قطاع غزة أولوية الحكومة، وكل وزير في وزارته يقوم بالدور المتوقع منه في دعم صمود أهلنا في قطاع غزة، وتؤدي تلك الوزارات عملا دؤوبا من أجل الإغاثة الفورية، لا سيما وزارة التنمية المحلية، ووزارة الإغاثة المستحدثة، ووزارة الصحة التي تقوم بدور رائع وهائل في القطاع. وسيكون هناك خطط جاهزة لكافة الوزارات للبدء في إغاثة أهالي قطاع غزة، ومن ثم وضع ترتيبات إعادة إعمار القطاع.
كيف تقيم العلاقات الروسية الفلسطينية؟
العلاقات الفلسطينية الروسية علاقات متينة ومميزة، حتى أن الكثير من الفلسطينيين يتحدثون اللغة الروسية بما في ذلك الرئيس محمود عباس أبو مازن، ونحن نعتبر أن التوازن في العلاقات بين أقطاب العالم هي من أهداف السياسة والدبلوماسية الفلسطينية، ونحاول بقدر الإمكان أن نكون متوازنين قدر الإمكان.
هناك صداقات تاريخية، ومن ضمنها الصداقة التاريخية ما بين الشعب الروسي والفلسطيني، هذه العلاقات التي امتزجت خلال الفترات الطويلة الماضية بالكثير من الصداقات، لا سيما العلاقات المميزة بين الرئيس محمود عباس أبو مازن، والرئيس فلاديمير بوتين. نكن الاحترام والتقدير لروسيا ونتمنى أن تزدهر وتتقدم موسكو في علاقاتها مع العالم، وأن يكون دورها كقطب من أقطاب السياسية الدولية دائما داعما لفلسطين.
أجرى المقابلة: وائل مجدي