مع قصف إيران لإسرائيل.. ما موقف الأردن من الصراع الدائر ومحاولات جره للمعركة؟

اتخذت التوترات في منطقة الشرق الأوسط منحى جديدا بعد القصف الإيراني لإسرائيل، وتوغل الأخيرة بريا في لبنان، حيث بات من المرجح دخول بلدان عدة، سواء عن قصد أو دون، في أتون الصراع القائم.
Sputnik
الأردن واحد من هذه الدول التي تحيط المخاوف به، ورغم تأكيد القيادة والحكومة على عدم التدخل في الأزمة، يرى بعض المراقبين أن هناك محاولات جدية لجر عمان إلى الحرب المستعرة، لا سيما في ظل وصايتها الهاشمية على المقدسات الدينية.
وأكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أمس الأربعاء، أن بلاده "ستتصدى بكل إمكاناتها لأي تهديد لأمنها واستقرارها وقد أبلغت إيران وإسرائيل بذلك".
ونقلت وزارة الخارجية الأردنية، عن الصفدي، قوله في اتصال هاتفي مع نظيره البريطاني ديفيد لامي، إن "الأردن لن يكون ساحة حرب لأحد".
الأردن يبلغ إيران وإسرائيل أنه لن يكون ساحة حرب لأحد وسيتصدى لأي تهديد ضده
وأضاف الصفدي أن "الأردن سيتصدى بكل إمكاناته لأي تهديد لأمنه واستقراره وسلامة مواطنيه"، مشيراً إلى أن "هذا موقف أبلغه الأردن بوضوح لإيران وإسرائيل".
وأشار الصفدي إلى "ضرورة إطلاق تحرك دولي فوري وفاعل لوقف التصعيد الخطير، الذي يدفع المنطقة نحو حرب إقليمية شاملة عبر التوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة ولبنان".
كما حذّر من "التبعات الكارثية لتوسعة الحرب الإسرائيلية على لبنان وشن هجوم بري عليه، وأثر ذلك على أمن المنطقة برمتها".
وكانت إيران قد أطلقت الثلاثاء، 200 صاروخ باتجاه إسرائيل.
أول تعليق أردني على إسقاط صواريخ إيرانية في أجوائه
وتناقل أردنيون، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صورا ومقاطع فيديو قصيرة لصواريخ في سماء المملكة، وأخرى لشظايا سقطت في مناطق متفرقة من البلاد.
وأدى سقوط شظايا إلى إصابة أردنيين بجروح طفيفة، حسب وزارة الداخلية الأردنية.
فيما ذكرت مديرية الأمن العام الأردنية، أمس الثلاثاء، أن طائرات سلاح الجو الملكي وأنظمة الدفاع الجوي الأردنية، اعترضت العديد من الصواريخ والطائرات المسيرة التي دخلت المجال الجوي الأردني.

تحذيرات أردنية

قالت الدكتورة نادية سعد الدين، الكاتبة والباحثة السياسية الأردنية، إن بلادها "لطالما حذرت من تبعات التصعيد غير المسبوق بالمنطقة، والذي تسببت فيه حرب الإبادة الجماعية التي يواصل الجيش الإسرائيلي شنها ضد قطاع غزة، وانتهاكاته في الضفة الغربية، وعدوانه على لبنان، في ظل عجز المجتمع الدولي عن ردع جرائمه، والدعم الأمريكي المفتوح له".
إصابات بعد سقوط شظايا في الأردن
وبحسب حديث سعد الدين لـ"سبوتنيك"، الأردن حريص على صد أي مسعى للمساس بأمنه القومي وأمن مواطنيه، والتصدي لأي محاولة لجره إلى بؤرة الصراع، إزاء التصعيد بين ايران وإسرائيل.
وترى أن "هذه المساعي تتم عبر نشاط الأردن الدبلوماسي المكثف وتحركاته الإقليمية والدولية الوازنة لأجل وقف عدوان إسرائيل، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة وضد لبنان، حتى لا تذهب المنطقة إلى حافة الحرب الشاملة التي لا يريدها أحد سوى بنيامين نتنياهو".
وأضافت: "يعتقد نتنياهو، بأن حالة الفوضى وعدم الاستقرار تشكل بيئة حاضنة لحلم الاحتلال المنشود بتغيير الشرق الأوسط واحتلال الكيان الإسرائيلي مكانة الدولة المركز فيه، كما يزعم".

موقف ثابت

بدوره، اعتبر الخبير القانوني والمحلل السياسي الأردني حمادة أبو نجمة، أن "موقف الأردن ينبع من الصراع في المنطقة، خاصة في ظل التطورات الأخيرة من فهم عميق لطبيعة التحديات والأخطار المحدقة، حيث يتمسك الأردن بثوابت لا تتغير، أهمها دعمه الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أرضه، وضمان حقوقه كافة، ويدرك أن هذا المبدأ ليس فقط مسألة عدالة بل هو حجر الزاوية للأمن والاستقرار في المنطقة".
وزير الخارجية الأردني يفاجئ الجميع بعودته خلال مؤتمر صحفي ويرد بغضب على تصريحات نتنياهو... فيديو
وبحسب حديث أبو نجمة لـ"سبوتنيك"، العلاقة بين حماية مصالح الأردن ودعم حقوق الشعب الفلسطيني ليست مجرد تقاطع قضايا، بل هي ترابط استراتيجي، فالأردن يعي تماما أن تحقيق حقوق الفلسطينيين هو الطريق الوحيد لضمان أمنه القومي واستقرار المنطقة بأسرها، فأي حل عادل وشامل للصراع العربي الإسرائيلي سيسهم بشكل مباشر في تخفيف التوترات الإقليمية، والحد من المخاطر التي قد تواجه الأردن، سواء على الصعيد الأمني أو الاقتصادي.
وتابع: "في ظل الأحداث الأخيرة، مثل الهجمات الإيرانية على إسرائيل ومحاولات اجتياح لبنان وما سبق ذلك من اغتيالات نفذتها دولة الاحتلال لقيادات فلسطينية ولبنانية، يواجه الأردن تحديات كبيرة قد يعتقد البعض أنها قد تجره إلى الصراع، إلا أن الأردن لا يسعى للدخول في أي مواجهة عسكرية، ومن المؤكد أنه لن يسمح بأن يتم زجه في صراعات إقليمية لا تخدم مصالحه، ومع ذلك، يبقى الأردن ملتزما بحماية أمنه واستقراره بكل الوسائل المتاحة".
سقوط صاروخ في منطقة صحراوية أردنية قادما من جنوب لبنان
وقال أبو نجمة إن "السبب الرئيسي للتوترات الحالية واتساع رقعة الصراع ليس إلا نتيجة للجرائم والممارسات المتطرفة التي تقوم بها إسرائيل، سواء في قطاع غزة والضفة الغربية أو لبنان، إضافة إلى محاولاتها المستمرة لاستفزاز الأردن عبر المساس بوصايته على الأماكن المقدسة في القدس، هذه التصرفات ليست مجرد انتهاكات لحقوق الفلسطينيين، بل هي محاولات لزعزعة استقرار المنطقة وجر الأردن إلى مواجهات لا يصب أي منها في مصلحة السلام والاستقرار".
وأوضح أن "التطرف الإسرائيلي المستمر في انتهاك حقوق الفلسطينيين ومحاولات تغيير الوضع التاريخي والقانوني للأماكن المقدسة في القدس، التي تمثل عماد حقوق الشعب الفلسطيني وعاصمته المستقبلية، يمثل استفزازا واضحا للأردن ويعزز من التوترات الإقليمية، فهذه الممارسات تهدد ليس فقط الأمن الفلسطيني، بل أيضا أمن الأردن والمنطقة بأسرها، وتزيد من تعقيدات المشهد الإقليمي".
وأشار إلى أن "الأردن مستمر في لعب دوره الدبلوماسي الفاعل في الساحة الإقليمية"، مستندًا إلى موقفه الثابت في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، حيث يدرك أن استقرار المنطقة لا يمكن أن يتحقق إلا عبر إنهاء الاحتلال وضمان حقوق الفلسطينيين، وهذا ليس مطلبا شعبيا ووطنيا فقط، بل ضرورة استراتيجية لضمان الأمن الإقليمي.
مناقشة