هل اقترب الجيش السوداني من السيطرة الحقيقية على الخرطوم ومتى سيتم الإعلان رسميا عن ذلك..وما هو موقف الدعم السريع إذا تمت السيطرة على الخرطوم..هل سينسحب إلى دارفور ويجمع صفوفه للقتال مجددا؟
بداية يقول الفريق جلال تاور، الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، "منذ 26 سبتمبر/أيلول الماضي، هناك عمليات يومية قادها الجيش السوداني لتحرير العاصمة الخرطوم وإخراج الدعم السريع من الأماكن التي يتحصن بها، ونجح إلى حد كبير جدا في تحقيق هذا الهدف حتى الآن".
وقائع مؤكدة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "أن الجيش اجتاز في أول يوم للهجوم ثلاث كباري استراتيجية وسيطر على مناطق واسعة، ولا يزال يواصل الهجوم والتحركات للسيطرة على باقي المناطق، والمنطقة التي تجري بها الآن عمليات كر وفر متواصلة هى منطقة وسط الخرطوم أو غرب القيادة العامة للقوات المسلحة، رغم تواتر أنباء عن تحرير الجهة الغربية للقيادة العامة، هذه الوقائع مؤكدة على الأرض ولا لبث فيها أو غموض وانتشار الجيش في تلك المساحات واضح للجميع".
وتابع تاور: " الحقيقة الثانية هو سيطرة القوات المسلحة على منطقة جبل موية الإستراتيجية والتقاء ثلاث جيوش تابعة أو مشاركة مع القوات المسلحة وفتح الطريق القومي الرابط ما بين ربك و سنار، هذا الأمر أدى إلى تغيير كبير جدا في الواقع العملياتي والتجاري والاقتصادي في المنطقة وحالة من العودة والاستقرار".
هروب كبير
وأشار الخبير الاستراتيجي، إلى أن "الواقع في دارفور لا يختلف كثيرا عما يجري في الخرطوم، فقد حاول الدعم السريع خلال الأشهر الماضية السيطرة على مدينة الفاشر وشن عليها أكثر من 140 هجوم لكنه فشل، ومع وجود القوات المشتركة في المنطقة يمكن أن نسمع قريبا أنه تمت السيطرة على مدينة الجنينة غرب دارفور خلال يوم أو يومين قادمين، كل ما سبق يؤكد أن المبادرة الآن في الميدان هى للقوات المسلحة السودانية، وهناك حالات هروب كبيرة لعناصر الدعم السريع من الخرطوم عائدين إلى مناطقهم في دارفور، كما أن كل التقارير تشير إلى أن هناك نوع من التشتت داخل قوات الدعم السريع".
وحول إمكانية انسحاب الجيش أو تراجعه عن المناطق التي سيطر عليها في الخرطوم يقول تاور: " حتى الآن لم ينسحب الجيش من أي منطقة أعاد السيطرة عليها في الخرطوم وقراها وأحيائها، الثابت أن هناك انتشار واسع وتمدد للقوات المسلحة داخل الخرطوم وكل يوم يمر يتقدم خطوة إلى الأمام، وأعتقد أن نسبة سيطرة الجيش اليوم داخل الخرطوم لا تقل عن ثمانون بالمئة بأي حال من الأحوال".
وقال تاور: "بعد التصريحات الأخيرة للفريق ياسر العطاء مساعد القائد العام للقوات المسلحة حول الأخبار السعيدة التي يمكن الإعلان عنها خلال ساعات (بحسب تصريحه)، أتوقع أن يتم الإعلان عن السيطرة الكاملة على الخرطوم في أي لحظة، لأن الهجوم والعمليات العسكرية لم تتوقف في أي لحظة".
إختلاف كبير
من جانبه يقول محمد مصطفى، رئيس المركز العربي/ الأفريقي للسلام والتنمية في السودان "في الحقيقة منذ بداية الحرب هناك إختلاف كبير بين إستراتيجية الجيش وإستراتيجية الدعم السريع، إستراتيجية الجيش ترتكز على تقليل حجم الخسائر في الأرواح والمعدات، أما إستراتيجية الدعم السريع كانت وظلت تتمثل في الهجوم المباشر والعنيف وكثافة إطلاق النار مع الاقتحام والإشتباك، معتمدة على خفة الحركة بإستخدام السيارات ذات الدفع الرباعي والدراجات النارية".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "رغم أنني أطلقت على طريقة الدعم السريع صفة الإستراتيجية، لكن عندما يتم تقييم سير المعركة وحجم الخسائر التي مُني بها، نجد أنه كان واضح جدا أنها لم ترقى لصفة الاستراتيجية".
وتابع مصطفى: "معلوم أنه في كل قوة تتفاوت مستويات الشجاعة والثبات بين عناصرها، وبالتالي فإذا لم تكن هناك استراتيجية واضحة تحدد أسلوب وأولويات وطريقة أنتشار القوة، وكذلك تكتيكات المعركة وكيفية عمل الارتكازات والتدخل والإحجام، ومتى يكون الانسحاب أو الدفاع أو الهجوم، حتما سوف تكون الخسائر كبيرة وأغلب الخسائر تكون في العناصر التي تمثل المستوى الأول من الشجاعة".
وأشار رئيس المركز العربي، إلى أن "الدعم السريع ظل يحارب ويهاجم بوتيرة واحدة وفي كل هجمة ظل يفقد أشجع العناصر، وبالمقابل ظل الجيش محتفظا بقوته البشرية وقدراته القتالية، وحاول الدعم السريع عبر المستنفرين تغطية الفجوة الكبيرة في عناصره القتالية، لكن حتما لم يستطع المستنفرون سد هذه الفجوة بذات الشجاعة والخبرة والثبات".
الشجاعة والثبات
وحول ما يجري في دارفور يقول مصطفى: "في الفاشر والأبيض وبابنوسة والمدرعات قد فقد الدعم السريع أشجع القادة وأقوى العناصر القتالية، والآن فإن مستوى الشجاعة والثبات لدى الدعم السريع انخفض بنسبة كبيرة وأغلب القوة المنتشرة في ولاية الخرطوم الآن من المستنفرين، لذلك تجد الآداء الميداني لم يكن كما كان في السابق".
وأكد مصطفى "أن الدعم السريع لم يعمل حسابه لحرب طويلة الأمد، وظل يواجه دون تقديرات ميدانية، معتدا بثقافة بدوية لا تتضمن سياسات الدفاع الانسحاب، وظل يعمل بسياسة الهجوم والاشتباك والانتصار مهما كانت الخسائر حتى ولو كان الانتصار بطعم الهزيمة".
القوة الصلبة
ولفت رئيس المركز العربي، إلى أنه "وفقا لإستراتيجية الجيش المستندة على معلومات الإستخبارات فقد أدرك مستوى ضعف القوة الصلبة لدى الدعم السريع، إضافة لتدني القدرات القتالية لعناصره، فتحول الجيش من سياسة الدفاع الانسحاب أحيانا إلى سياسة الهجوم، وبالتالي هناك تقدم كبير للجيش والقوات المشتركة والقوات المساندة الأخرى في كل الجبهات".
وأختتم مصطفى: "إذا استمر الجيش بهذه الطريقة قد يسيطر على مدينتي أم درمان وبحري قريبا ويسيطر على مدينة الخرطوم ولو بعد حين".
صرح مصدر سوداني مسؤول في معبر أشكيت الحدودي في وادي حلفا، بأن المعبر استقبل عددا كبيرا من السودانيين الذين كانوا قد نزحوا من بلادهم إلى مصر بسبب الحرب.
ونقل موقع "السوداني" عن المصدر، قوله بأن عودة آلاف السودانيين الطوعية جاءت "بعد بشريات الانتصارات التي عمت البلاد، إلى جانب عدد من المخالفين للوائح الدخول وتم ترحيلهم".
وأضاف المصدر أن عدد السودانيين العائدين إلى وطنهم عبر معبر أشكيت في شهر أغسطس/ آب الماضي، بلغ 7890 شخصاً، وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، 12539 شخصاً غالبيتهم من الأسر.
وشدد المصدر المسؤول على أن قرار عودة الأسر السودانية من مصر ارتبط بانتصارات الجيش السوداني وما أعقب ذلك من استرداد أراضي ولاية الخرطوم مؤخراً ومدن السودان المختلفة بالقضاء على عناصر قوات الدعم السريع.
وأعلن الجيش السوداني، مساء الجمعة قبل الماضية، سيطرته بشكل كامل على حي في مدينة بحري المتاخمة للعاصمة السودانية الخرطوم شمالا، وهي المدينة التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع منذ بدء الحرب منتصف أبريل/نيسان 2023.
ويشار إلى أن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، قد حذر من "الخطر الكبير" لأعمال العنف في السودان، فيما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن "قلق بالغ إزاء التصعيد في السودان".
وكان رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، قد أكد في شهر أغسطس/ آب الماضي، أن الحرب لن تتوقف ما لم تتم تلبية مطالب الجيش، أبرزها انسحاب "الدعم السريع" من المدن لاسيما الخرطوم، وتسليم السلاح.
وتتواصل المعارك بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023، ما أسفر عن نحو 13 ألفا و100 قتيل، فيما بلغ إجمالي النازحين في السودان نحو 7.9 مليون شخص، ونحو 2.1 مليون شخص إلى دول الجوار، بحسب بيانات الأمم المتحدة.