جاءت زيارة ماكرون في ظل قطيعة مع عدد من الدول الأفريقية، التي أنهت اتفاقياتها مع الجانب الفرنسي وطردت قوات باريس من أراضيها، إلى جانب توترات مع الجانب الجزائري، بعد تأييد "مقترح الحكم الذاتي" للصحراء الغربية، وسحب الجزائر لسفيرها في باريس.
ووقعت الحكومتان المغربية والفرنسية، 22 اتفاقية واستثمار بلغت قيمتها نحو 10 مليارات يورو، خلال زيارة الدولة الحالية التي أجراها الرئيس إيمانويل ماكرون إلى المغرب.
جاءت الزيارة بعد فترة قصيرة من إعلان باريس تأييدها لمقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب في العام 2007 بشأن النزاع حول الصحراء مع جبهة البوليساريو.
شملت الاتفاقيات الموقعة بين البلدين عدة قطاعات استراتيجية، منها النقل السككي، ومجال الهيدروجين الأخضر ، وقطاع الطيران وقطاعات أخرى.
في الإطار، قالت البرلمانية المغربية، فاطمة التامني، إن العلاقات المغربية الفرنسية تاريخية، لكنها لم تسلم من التوترات والأزمات بين الحين والآخر.
وأضافت البرلمانية المغربية فاطمة التامني، في حديثها مع "سبوتنيك"، أن الأزمة الدبلوماسية الأخيرة استمرت لنحو ثلاث سنوات، ظهرت بشكل واضح في "أزمة التأشيرات"، وجوانب أخرى.
وتابعت: "الزيارة الأخيرة انتصرت لشرعية الصحراء، كما انتصرت للرؤية المغربية في رسم علاقتها مع الدول الأخرى".
ولفتت إلى أن فرنسا تتوفر على الوثائق اللازمة للتعبير عن موقفها بوضوح تام، وهو ما يبرهن على أهمية موقف باريس من القضية.
مصالح باريس
وأشارت إلى أن كل دولة تسعى لتحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية، وهو معمول به في السياسة الدولية، في حين أن ما تمر به فرنسا مؤخرا من أزمات اقتصادية وأوضاع داخلية، جعلها يبحث عن مصالحها الاقتصادية في المقام الأول.
ولفتت إلى أن مكانة المغرب وعمقه الاستراتيجي والاقتصادي في القارة الأفريقية، وراء مساعي فرنسا بشأن تعزيز علاقتها مع المغرب.
وتابعت: "نحن "الوحدة الترابية" إنها قضية وطنية بامتياز، وبالتالي تأييد وتشجيع أي مواقف منصفة للقضية، مع تفهم أن فرنسا تبحث عن مصالحها بالدرجة الأولى".
تجدر الإشارة إلى أن زيارة ماكرون الحالية كانت مقررة أساسا في مطلع 2020، بعد زيارة أولى في 2017 وثانية في 2018، لكن توترات بين البلدين سادت خلال تلك الفترة الماضية بسبب اشتراط المغرب منح الأولوية في الشراكة للدول الداعمة لوحدتها الترابية، أدت إلى إرجاء الزيارة بعد تقليص فرنسا للتأشيرات لدول المغرب العربي، لكن الزيارة الحالية جاءت سريعة بعد أن أعلن ماكرون في تموز/يوليو 2023 دعم فرنسا لحل قضية الصحراء الغربية "في إطار السيادة المغربية".
إعلان شراكة
تضمن إعلان الشراكة بين الرباط وباريس عدة بنود منها:
تدشين مرحلة جديدة من التاريخ الطويل المشترك بين فرنسا والمغرب من خلال الارتقاء بالعلاقة بين البلدين إلى مستوى "شراكة استثنائية وطيدة".
الاعتراف بالمساهمة القيمة للجماعات الترابية والمؤسسات التمثيلية والفاعلين الاقتصاديين والشباب والمجتمع المدني، وكذا المغاربة المقيمين بفرنسا والفرنسيين المقيمين بالمغرب، ورغبتهما في مواصلة تعزيز إسهامهم في هذه الشراكة.
أزمة التأشيرات
تجدر الإشارة إلى أن أزمة بين البلدين نشبت، في العام 2020 بعد انخفاض التأشيرات الفرنسية للمغاربة بنسبة 70%، وبلغ 97 ألفا و572 بسبب تشديد القيود على السفر ، في حين أنه وحسب تقارير المديرية العامة للأجانب في فرنسا التابعة للداخلية، بلغ عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة قبل 2020 فوق 300 ألف تأشيرة سنويا، 323 ألفا سنة 2017، 330 ألفا سنة 2018، 342 ألفا سنة 2019.
وأعلنت فرنسا، الثلاثاء 28 سبتمبر/ أيلول 2021، أنه سيتم تشديد منح التأشيرات في غضون أسابيع قليلة لمواطني المغرب والجزائر وتونس، التي "ترفض" إصدار التصاريح القنصلية اللازمة، لعودة المهاجرين المرَحّلين من فرنسا.
وفي الأشهر الستة الأولى من عام 2020، تم إصدار نحو 63 ألف تأشيرة لـ 96 ألف طلب، أي بمعدل إصدار 65%. وهو رقم ازداد سوءًا خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2021، حيث استوفت فرنسا أكثر من طلبين من أصل ثلاثة طلبات تأشيرة من الجزائر.
وطلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الخدمات القنصلية إصدار 31500 تأشيرة بحد أقصى للأشهر الستة المقبلة، أي التقسيم على اثنين. كما حقق عام 2019 رقما قياسيا مع 275 ألف تأشيرة ممنوحة للجزائر.
بحسب بيانات رسمية مغربية، فإن المبادلات التجارية بين فرنسا والمغرب ارتفعت بنسبة 7.1 في المائة سنة 2018 لتصل إلى 117.1 مليار درهم، حيث سجل المغرب فائضا تجاريا مع فرنسا في حدود 2.6 مليار درهم.