ووفق الخبراء، فإن العملية الأخيرة التي استهدفت فيها قاعدة للجيش التشادي، تشير إلى أن الفترة المقبلة قد تشهد عمليات أشد فتكا، خاصة في ظل الصراع بين التنظيمات هناك على فرض السيطرة وتجنيد العناصر، ورغبة عدد منها في بث الرعب والإعلان عن وجودها بشكل لافت.
وقال الجانب التشادي، إن "العملية الإرهابية الأخيرة التي أسفرت عن مقتل 40 جنديا، في قاعدة عسكرية تقع غربي البلاد، في منطقة حوض بحيرة تشاد، بالقرب من الحدود مع دولتي نيجيريا والنيجر، قام بها تنظيم "بوكو حرام" الإرهابي (المحظور في روسيا)".
في الإطار، قال الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية، أحمد سلطان، إن "الإعلان الرسمي التشادي أشار إلى أن الجماعة التي نفذت العملية هي "بوكو حرام"، وفي حال صحته فإنه يمثل استفاقة كبيرة للمجموعة التي استنزفت على مدار السنوات الماضية".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "الهجوم هو الأكبر منذ فترة كبيرة في تشاد، خاصة أن المهاجمين كان لديهم الوقت لإلحاق خسائر كبيرة بالقوات، قبل أن يصل الدعم للقاعدة، ما يعني التجهيز والإعداد الجيد للعملية".
ويشير الباحث إلى أن "الجماعات الإرهابية تريد من هذه العملية بث الخوف والرعب في نفوس خصومها، والجيوش التي تقاتلها، تمهيدا لمرحلة قد تكون العمليات فيها أشد فتكا".
ولفت سلطان إلى أن "العديد من دول المنطقة مستهدفة بشكل كبير من قبل هذه المجموعات، التي ترتبط فيها المجموعات المتواجدة بمنطقة الساحل والصحراء، في ظل بيئة عمليات معقدة، ومؤشرات مرتفعة بشأن التهديدات".
وحذر من تكرار العمليات الإرهابية في المنطقة وفي تشاد على وجه التحديد، خاصة في ظل قواعد تتواجد في مناطق نائية تسهل فيها عمليات "الإغارة" والهجوم السريع المباغت.
كما يرى الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية، أحمد سلطان، أن "التنسيق بين الجماعات في غرب أفريقيا موجود بدرجات متفاوتة وغير معلنة، مع الأخذ في الاعتبار مسألة الصراع بين التنظيمات وبعضها، سواء ما بين تنظيم " ولاية غرب أفريقيا"، وتنظيم" بوكو حرام"، وكذلك ما بين التنظيمات المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، مع أهمية الانتباه للعمل المشترك بين "ولاية غرب أفريقيا الداعشية، وولاية الساحل الداعشية"، في المنطقة - وهي تنظيمات جميعها محظورة في روسيا - وتنشط ضمن ما يعرف بمكتب "الفرقان" الخاص بالتنظيم الإرهابي في منطقة الساحل وصولا إلى الحدود الليبية".
في الإطار، قال إسماعيل إدريس، وهو دبلوماسي تشادي سابق، إن "بعض الملاحظات تتعلق بالهجوم على الجيش التشادي في منطقة بحيرة تشاد".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن العملية يأتي في مقدمة الملاحظات".
ويرى أن "ما يحدث قد يكون له علاقة بالصراع داخل تشاد بين مراكز القوى، وبتنسيق مع قوى خارجية".
عمليات إرهابية سابقة
وفي شهر يونيو/ حزيران 2024، قُتل 20 جنديا ومدنيا، في هجوم إرهابي في منطقة تاسيا جنوبي النيجر.
ونقل التلفزيون النيجيري الرسمي عن بيان لوزارة الدفاع، أن "مجموعات إرهابية مسلحة هاجمت قوات الأمن والجيش في منطقة تاسيا ما أدى إلى استشهاد 20 عسكريًا ومدني وإصابة تسعة آخرين".
ويشهد إقليم تيلابيري، الواقع في "المثلث الحدودي" بين النيجر وبوركينا فاسو ومالي، منذ سنوات هجمات دامية تشنها جماعات جهادية مرتبطة بالقاعدة وتنظيم "داعش" (الإرهابي المحظور في روسيا وعدد من دول العالم).
وتبقى هذه المنطقة غير مستقرة رغم الجهود الكثيفة لإرساء الأمن فيها.
وذكرت حينها أنه من المقرر أن تنتشر كتيبة من 1200 جندي من الجيش التشادي في منطقة المثلث الحدودي في إطار "مجموعة دول الساحل الخمس"، التي تضم خمس دول هي موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، والتي تسعى للتعاون في مكافحة المتشددين منذ 2015.
وفي 30 يونيو/ حزيران 2024، لقي ما لا يقل عن 18 شخصا مصرعهم وأُصيب العشرات إثر هجمات انتحارية نفذتها جماعة "بوكو حرام" الإرهابية (المحظورة في روسيا ودول عدة) في مدينة غووزا في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا.
وتشهد المنطقة توترات في أكثر من بقعة، ما يشير إلى إعادة التوازنات في المنطقة، خاصة بعد سيطرة تنسيقية "حركات الأزواد" في الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، على قاعدة عسكرية جديدة للجيش شمالي مالي، لتشكل بذلك القاعدة الخامسة التي تسيطر عليها التنسيقية.
دعم أوكرانيا للإرهاب
وفي أغسطس/ آب 2024، أعلنت جمهورية مالي قطع العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا، على خلفية دعم الأخيرة لأعمال إرهابية شمالي مالي.
وقال المتحدث باسم الحكومة الانتقالية في مالي، العقيد عبد الله مايغا، في بيان، حصلت "سبوتنيك" على نسخة منه، إن "الحكومة قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا بأثر فوري، مع اتخاذ التدابير اللازمة لمنع زعزعة استقرار البلاد".
وجاء في البيان أن "الحكومة الانتقالية لجمهورية مالي أحاطت علما، بدهشة بالغة، بالتصريحات التخريبية التي اعترف بها السيد أندريه يوسوف، المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، بتورط أوكرانيا في هجوم جبان وغادر وهمجي شنته مجموعات إرهابية مسلحة، مما أدى إلى مقتل عناصر من قوات الدفاع والأمن المالية في تينزاواتين، فضلا عن وقوع أضرار مادية".
وأضاف البيان: "وقد عزز هذه التصريحات يوري بيفوفاروف، سفير أوكرانيا لدى السنغال، الذي أظهر صراحة ودون أدنى غموض دعم بلاده للإرهاب الدولي، لا سيما في مالي، والأسوأ من ذلك أن هؤلاء المسؤولين الأوكرانيين أعلنوا في تعليقاتهم عن "نتائج" أخرى قادمة".