وترأس الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، في العاصمة الرياض، اليوم الأحد، الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية والإسلامية غير العادية المقرر عقدها غداً الإثنين، في إطار التوافق على القرارات المرتقبة عن القمة.
وتأتي هذه القمة امتداداً للقمة العربية الإسلامية المشتركة التي عُقدت في الرياض بتاريخ 11 نوفمبر 2023.
تعقد القمة في ظل تحولات دولية وإقليمية واستمرار الحرب على غزة ولبنان، مع تفاقم الأوضاع الإنسانية، بالإضافة لتغير الإدارة الأمريكية.
يترقب الشارع العربي والإسلامي القرارات التي تتبناها القمة غدا، في ظل تطلع لخطوات مغايرة من شأنها أن تحافظ على سيادة الدول العربية واستعادة القرار العربي الفاعل في قضايا المنطقة، وفق الخبراء.
متغيرات دولية
من ناحيته قال المحلل الاستراتيجي محمد سعيد الرز، إن القمة العربية في الرياض تأتي بعد سلسلة من المتغيرات الدولية والإقليمية، وتعتبر قمة مفصلية تبعا للتطورات التي شهدتها المنطقة العربية والعالم الإسلامي منذ أكثر من سنة وحتى الآن، إضافة الى الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تحمل اختلافات نوعية عن مرحلة حكم الرئيس جو بايدن، وفريق عمله الديمقراطي.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن التحديات التي يواجهها العالم العربي والإسلامي ليست فقط عملية السابع من أكتوبر وانعكاساتها الخطيرة، عملية الإبادة الجماعية لأبناء قطاع غزة، وإنما أيضا ما تكشف من ملامح المشروع الإسرائيلي الأمريكي المشترك لمرحلة ما بعد غزة، والذي تمثل بالتخطيط لإعادة رسم خرائط الشرق الأوسط ، وهو ما كان الديمقراطيون قد بدأوه منذ فترة الفوضى الخلاقة.
السيطرة على دول الشرق
وتابع "أعلنت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، فحواها الخطة سابقا، والتي تتمثل في السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، أي العالمين العربي والإسلامي، لمواجهة التمدد الصيني الروسي، أو ما عرف بمحور الشرق التعاوني الحضاري، في حين أن الجمهوريين يذهبون نحو الحوار مع هذا المحور مباشرة مع توفير ضمانات للشرق الأوسط"
واستطرد "من هنا جاءت مواقف الرئيس دونالد ترامب لإطفاء الحروب القائمة حاليا مع ضمان أمن إسرائيل، والاعتقاد بأن الاتفاقيات الإبراهيمية تستطيع تحقيق ما لا تحققه الحرب" .
ويرى أن كل هذه المتغيرات ستكون على طاولة القمة المقبلة في السعودية، خاصة لضمان استقلال ووحدة الكيانات الوطنية العربية، دونما تغيير، والتأكيد على وقف فوري للنار في غزة ولبنان، والذهاب نحو حل الدولتين واعتبار هذا الموقف شرطا لاستمرار التعاون العربي والإسلامي مع دول العالم.
الحرب على غزة ولبنان
وتابع "لا شك في أن الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان وما رافقها من عمليات إبادة عنصرية، وما واكبها على صعيد الرأي العام العالمي من أحداث كان آخرها، وليس أخيرها، ما حصل في هولندا، وفشل نتنياهو في تحقيق أي هدف استراتيجي، وتدهور سمعة إسرائيل دوليا وعلى مستوى الأمم المتحدة والقوانين الإنسانية الدولية، كل ذلك يعطي للقادة العرب والمسلمين دفعا لتحديد مواقف حاسمة وعملية تصون دولهم الوطنية من جهة وتواجه التحديات على الهوية العربية والإسلامية من جهة ثانية، وتلتزم بحقوق الشعب الفلسطيني من جهة ثالثة".
وشدد على أهمية الوعي العربي العميق بضرورة التوجه نحو الاستقلالية على الساحة الدولية، كونها تحقق استقرار الحاضر وضمانة المستقبل، وذلك من خلال تفضيل تحول العالم نحو التعددية القطبية، بعيدا عن سياسات الغرب القائمة على التهديد والابتزاز.
استراتيجيات جديدة
فيما يقول الدكتور محمد بن دليم القحطاني، الأكاديمي السعودي، إن المناخ الدولي الحالي دفع بالفعل العديد من الدول العربية إلى التفكير في استراتيجيات جديدة، تتماشى مع التحولات الجارية، وخاصة مع توجه العالم نحو نظام متعدد الأقطاب.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن التغيير يتزامن مع تنامي قوة اقتصادات جديدة مثل الصين والهند، ومع التوترات بين القوى التقليدية الكبرى كأمريكا وروسيا.
وتابع "فيما يتعلق بالقمة، من المحتمل أن تكون هناك رؤية واضحة لدعم استقلالية القرار العربي، وتعاون أعمق بين الدول العربية لمواجهة التحديات الراهنة"
ويرى أنه من المرتقب مناقشة كيفية الاستفادة من التنوع القطبي العالمي لتعزيز الشراكات الاقتصادية والسياسية بما يخدم مصالح الدول العربية.
بشأن القرارات المرتقبة، يرى أنه من المرجح أن تشمل تعزيز التعاون في مجال الأمن المشترك، وخاصة لمواجهة التحديات الإقليمية، وتوسيع التعاون الاقتصادي بين الدول العربية، إضافة إلى دعم المشاريع التنموية وتعزيز دور العالم العربي في القضايا الدولية.