راديو

مستقبل إقليم كردستان العراق بعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات ومحاولات تشكيل الحكومة

يشهد إقليم كردستان العراق حراكا سياسيا نشطا بعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية في الإقليم.
Sputnik
بعدما فاز فيها الحزب الديموقراطي الكردستاني ولكن بأغلبية ليست مريحة، حيث يحتاج إلى تحالفات أخرى لتشكيل الحكومة الجديدة.
وكشف أعضاء في الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في الإقليم عن قرب بدء مفاوضات تشكيل حكومة الإقليم الجديدة بين الأحزاب الفائزة في الانتخابات، مؤكدين أهمية مشاركة الجميع فيها لضمان نجاحها وعدم عرقلة عملها لأي أسباب سياسية وحزبية.
ويأتي ذلك وسط حديث عن تحالفات بينية داخل برلمان الإقليم الذي يتمتع بصلاحيات واسعة وفقاً للدستور العراقي الذي أُقرّ عام 2005، عقب الغزو الأمريكي للبلاد في 2003، ويمنح الإقليم الكردي في شمال البلاد تنظيماً إدارياً شبه مستقل عن بغداد.
وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات في العراق، الأسبوع الماضي، النتائج الرسمية لانتخابات الإقليم والتي فاز بها الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، بفارق كبير عن أقرب منافسيه التقليديين وهو حزب الاتحاد الكردستاني، وهو ما يمكّن الحزب من الاحتفاظ برئاسة الإقليم والحكومة مرة أخرى.
ويسعى الحزب الديموقراطي بحسب تصريحات أعضائه إلى مشاركة الأطراف الفائزة بالحكومة لضمان نجاحها وعدم وضع أي عراقيل أمامها.
وقد شكل الحزب لجنة تفاوضية لتبدأ مهمة الحوار والتفاوض مع الأطراف السياسية في الإقليم بهدف تشكيل حكومة قوية قادرة على تقديم كل ما هو مطلوب لدى المواطنين، خاصة بما يتعلق بالجانب الاقتصادي والمالي.
وأفادت الأنباء أن هناك إمكانية بتشكيل تحالف مع الفائز الثاني في الانتخابات وهو الاتحاد الوطني الكردستاني، لكن هناك مخاوف من وضع شروط تسبق التفاوض من قبل أي طرف سياسي مما قد يعرقل فرص الوصول الى تفاهم.
من جانبه شكل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي حل ثانياً في الانتخابات، لجنة تفاوضية أيضاً، وأضاف أنه "تم التواصل مع كل الأطراف السياسية في الإقليم بهدف بدء حوار تشكيل الحكومة الجديدة في إقليم كردستان العراق، ويطالب الحزب أن يكون شريكاً في اتخاذ القرارات المهمة والمصيرية، وعدم حصر ذلك بجهة سياسية واحدة تسيطر على كل مقدرات وقرارات الحكومة، وهذا هو ما سيؤكده الحزب في التفاوض المرتقب مع الأطراف السياسية في إقليم كردستان".

في حديثه لـ"لقاء سبوتنيك"، قال وعدي مزوري المستشار الأول لرئاسة برلمان كردستان إن إقليم كردستان العراق أنجز خطوة جبارة وعظيمة بإجراء الانتخابات التشريعية بعد قطيعة دامت أكثر من سنتين.. ونتائج هذه الانتخابات بحاجة إلى أن يتم تجسيدها على أرض الواقع داخل قبة البرلمان، وهذا الأمر يتطلب العديد من المفاوضات وعقد الاجتماعات بين الأطراف السياسية من أجل تشكيل التحالفات الممكنة ومن ثم تشكيل الحكومة.

هذه الانتخابات مهمة جدا للإقليم الذي عانى من فراغ دستوري وتشريعي وبرلماني لسنتين وأكثر لذلك هذه الخطوة تأتي من أجل إضفاء الشرعية على المؤسسات الدستورية في الإقليم وهي مؤسسات لازمة لتمتين العلاقة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية وهي مسألة في منتهى الأهمية لاسيما في ظل استمرار وجود بعض القضايا العالقة بين الجانبين.
وأضاف مزوري أن التدخل السياسي موجود حقيقة من قبل بعض الأطراف السياسية في العراق من أجل مساندة بعض القوى السياسية في إقليم كردستان وهذا الأمر واضح وجلي إذ أن بعض الأطراف السياسية تحمل أجندات خارجية تتبع دولاً إقليمية والعراق جزء من هذا الإطار، وبعض هذه الأحزاب في داخل إقليم كردستان تعمل على تنفيذ هذه الأجندات، واتضح هذا مع زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الحالية لإقليم كردستان وهي زيارة تحمل في طياتها هذا الأمر، وهو تحرك يحمل كذلك في القلب منه بعض الأمور العالقة بين الحكومتين الاتحادية وحكومة الإقليم وعلى رأسها مسألة تصدير نفط الإقليم ومشكلة الموازنة في الإقليم ومشكلة الرواتب.
وأضاف مزوري أن هذه الأمور يتم طرحها على بساط البحث بين السوداني الذي يقدم رؤى الحكومة الاتحادية في لقائه بالقوى والأحزاب السياسية في الإقليم في سبيل إيجاد حل نهائي للأزمات العالقة وبالتالي المشكلة ليست في الإدارة فيما يتعلق بالتدخل السياسي من بغداد في أمور الإقليم، لكن المشكلة في الأحزاب السياسية التي تعمل ضد الحكومتين الاتحادية وحكومة الإقليم لتنفيذ أجندات خارجية.
وأوضح أن "هذا التدخل هو المرفوض أما التدخل الاتحادي فلم نر من حكومة بغداد الحالية حقيقة ما يظهر تسلطا او تدخلا كما حدث من قبل في الحكومات الأخرى وعلاقتها بحكومة الإقليم.. لكن السوداني يعمل على وضع خارطة طريق للحل النهائي لهذه المشاكل - والسؤال هل السوداني قادر على إبرام هذا الحل رغم عدم توحد القوى والقرار السياسي العراقي ؟".
قال أستاذ العلوم السياسية، معتز النجم، إن حوارات تجري بين الأطراف السياسية لتشكيل حكومة إقليم كردستان، امتدادا لتاريخ تجربة الإقليم.
ووصف التجربة الديموقراطية في الإقليم بالناجحة، على اعتبار أنها سبقت التجربة في بغداد منذ 1990 وتكرست في دستور 2005، مشيرًا إلى أنها تسير بسلاسة وهدوء، لأن الأطراف تدرك مصالح الإقليم وكل الأحزاب لديها قناعة مطلقة بمكتسبات السياسة والمصلحة العليا.
وذكر أن هناك إشكاليات تتعلق بمكتسبات الأحزاب في بغداد والتحالفات الداخلية والأجندة الخارجية، مشددا على أن حزب الاتحاد الوطني والحزب الديموقراطي لديهم إدراك بمصالحهم وإمكانياتهم، وهذا ما نلمسه بعد إعلان النتائج، حيث لم يكن هناك أي اعتراض أو خروج عن إطار المألوف، مما يعني وجود اتفاق يصب في مصلحة الإقليم.
مناقشة