ويمثّل هذا المنتدى بحسب منظميه فرصة ذهبية لتوسيع حضور تونس في السوق الأفريقية، التي تمثل واحدة من أسرع الأسواق نموا في العالم وتمتلك فرصا استثمارية متنوعة في قطاعات حيوية مثل الزراعة، الطاقة، التكنولوجيا، والبنية التحتية.
وتراهن تونس، من خلال هذا المنتدى الذي يمتد على أربعة أيام ويختتم أشغاله اليوم الأحد 24 تشرين الثاني/ نوفمبر، على "فتح أبواب الاستثمار نحو السوق الأفريقية وتوفير فرص عمل للشباب في إطار الهجرة المعاكسة وتعزيز المبادلات التجارية"، مستفيدة من موقعها الجغرافي كبوابة لأفريقيا.
ورغم انضمام تونس لمنطقة التبادل التجاري الحر القارية الإفريقية سنة 2020 وتوقيعها على الاتفاقية المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا سنة 2018، ما يزال حجم التجارة التونسية مع دول القارة محدودا نسبيا، حيث لم تتجاوز الصادرات التونسية نحو البلدان الأفريقية 420 مليون دولار، وهو ما يمثل نسبة 3.5 بالمائة فقط من إجمالي الصادرات الوطنية.
بروتوكولات شراكة متعددة
وفي تصريح لـ"سبوتنيك"، أوضحت المنسقة العامة لمنتدى الشراكة الاقتصادية العربية الأفريقية هالة قصدلي أن هذا المنتدى هو عبارة عن منصة شراكة تهدف إلى تعزيز التعاون بين الفاعلين الاقتصاديين في الدول العربية والإفريقية.
وتابعت: "هذا المنتدى سيكون فرصة للنقاش حول التحديات والفرص المتاحة في القطاعات الرئيسية التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة لمناطقنا، وهو يهدف أساسا إلى تعزيز العلاقات التجارية وجذب الاستثمارات".
وتؤكد قصدلي، أن هذا المنتدى هو الأول في تونس وفي أفريقيا، وسيتحوّل إلى موعد سنوي يراهن المشاركون فيه على إحداث تغيير في اقتصاديات دولهم من خلال مشاريع ملموسة.
ولفتت إلى أن المناقشات بين الخبراء والفاعليين الاقتصاديين تمحورت أساسا حول التحديات والمشاكل التي تعيق الاستثمار في العديد من القطاعات، على غرار قطاع البناء، الفلاحة والصناعات الفلاحية، الصناعات الميكانيكية، السياحة الطبية، الاستثمار في القطاع الفني، حلول الترويج، الاستيراد والتصدير.
وقالت إن النقاشات بين الخبراء والممارسين في هذه المجالات ستساهم في وضع استراتيجية جديدة لدعم النمو وخلق فرص العمل وتحقيق الاستدامة في تونس، مع التكيف مع متطلبات العالم الحديث.
وأكدت قصدلي، أن المنتدى شهد مشاركة أكثر من 100 شركة من مختلف الدول العربية والأفريقية، وقد أفضى إلى الاتفاق على بروتوكولات شراكة في مختلف القطاعات وإبرام عقود شراكة مبدئية بين المشاركين والمستثمرين الكبار في تونس والسودان والسينغال والجزائر، ودول أفريقية أخرى.
وأضافت: "تونس بفضل موقعها الاستراتيجي ستكون بوابة استراتيجية للاستثمار والاقتصاد والتجارة في الدول العربية والأفريقية ولما لا العالم، فالهدف من هذا المنتدى هو إرساء وحدة أفريقية عربية مقرها تونس لدعم الاقتصاد الوطني، والتشجيع على الهجرة العكسية وجلب العملة الصعبة".
تونس.. منصة انطلاق لأفريقيا
بدوره، قال المدير التنفيذي والمشرف على فعاليات منتدى الشراكة الاقتصادية العربية الأفريقية محرز الماجري، إن هذا المنتدى هو فرصة حقيقية وجادة لتعزيز حضور تونس في السوق الإفريقية.
وتابع: "إذا نجحت تونس في أن تكون منصة انطلاق نحو أفريقيا من خلال تركيز شركات عربية وافريقية كبرى يكون مقرها المركزي في تونس، فإنها ستكون قادرة على إحداث نقلة نوعية على مستوى الاقتصاد الوطني".
وشدد الماجري على ضرورة خلق ثقافة المنتديات الاقتصادية الدولية أو الإقليمية في تونس من أجل تعزيز الشراكات ودعم ثقة المستثمرين الأجانب في تونس، إلى جانب كونها تمثل فرصة لبعث مكاتب دراسات قادرة على تشغيل الدكاترة والباحثين التونسيين.
ويرى الماجري أن الحضور التونسي في السوق الأفريقية ما يزال ضعيفا رغم تعدد المبادرات والمحاولات على الصعيد الرسمي، مشددا على أن أفريقيا هي مستقبل اقتصاد العالم وأن على تونس أن تستثمر في قدراتها وفي موقعها الاستراتيجي وأن تكون عنصرا فاعلا في إعادة أعمار أفريقيا.
وتبيّن مذكرة أصدرها المرصد التونسي للاقتصاد في أيلول/سبتمبر 2024، أن إمكانات تونس غير المستغلة في مجال التعاملات مع الدول الأفريقية تبلغ حوالي 60 بالمائة من إجمالي المكونات، وهو ما يعادل 1.15 مليار دولار.
وقال الماجري إن تونس يمكن أن تستفيد من مسألة إلغاء الرسوم الجمركية لزيادة صادراتها نحو أفريقيا خاصة بعد انضمامها إلى اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
تحديات تعيق دخول تونس إلى السوق الأفريقية
ويشير الخبير الاقتصادي، جمال الدين عويديدي، في حديثه لـ "سبوتنيك" إلى أهمية مثل هذه المنتديات في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي بين دول المنطقة.
ولفت إلى أن اتجاه تونس إلى السوق الأفريقية خطوة مهمة جدا، ولكنها تحتاج إلى تحضير الأرضية الملائمة وخاصة تجاوز أزمة التصحر الصناعي الذي بات يهدد العديد من القطاعات باستثناء بعض الصناعات الغذائية التي تشهد ازدهارا على غرار صناعة الطماطم والتمور والزيتون.
وتابع: "السوق الأفريقية هي سوق كبيرة جدا تضم 1.2 مليار مستهلك، وفيها تنافس كبير وصناعات متقدمة وتطغى عليها المنتوجات الصينية واليابانية والكورية وحتى الأوروبية، لذلك من المهم أن تستعيد تونس نسيجها الصناعي الذي ستنافس به هذه الدول".
ولفت عويديدي إلى أن النسيج الصناعي التونسي فقد أكثر من 10 آلاف مؤسسة صناعية بين سنتيْ 1996 و2010، أضيفت إليها 5 آلاف مؤسسة أخرى أغلقت أبوابها في العشرية الأخيرة، وهو ما أدى إلى تقهقر الإنتاج وأثر على القيمة المضافة.
وأضاف: "للأسف لا يوجد مخطط أو استراتيجية لإعادة تأهيل النسيج الصناعي التونسي أو ما بقي منه أو محاولة لخلق مؤسسات جديدة ذات قيمة تنافسية كبيرة لإمكانها ولوج السوق الأفريقية أو غيرها".
ويشير الخبير الاقتصادي جمال الدين عويديدي إلى أن الحضور التونسي في السوق الافريقية ما يزال دون المأمول، وهو ما تترجمه المبادلات التجارية على مستوى دول القارة.
ويرى عويديدي أن التخلي عن الأداءات الجمركية في إطار اتفاقية التبادل الحر الأفريقية ينطوي على مخاطر كبيرة، على اعتبار أن بعض الشركات الخارجية خاصة منها الأوروبية أصبح بإمكانها أيضا الاستفادة من هذا الامتياز في التصدير، وهو ما سيخلق صعوبات للدول الأفريقية.