ويعيش الفلسطينيون في قطاع غزة في مخيمات مكتظة، وتزداد معاناة النازحين من بيوتهم المدمرة، وسط شح المساعدات الإنسانية التي تصل إلى القطاع، ووسط سرقة جزء من شاحنات المساعدات الإنسانية، وهذه الظروف أدت إلى زيادة معاناة السكان، وبات عليهم المحاولة في كل يوم للحصول على القليل من الغذاء، وسط كارثة إنسانية مستمرة هناك.
ولا تعد سرقة قوافل المساعدات الإنسانية أمراً حديثاً في غزة، إذ انتشرت هذه الظاهرة مع بداية الحرب على قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر 2023، ولكنها تفاقمت في الفترة الأخيرة، وباتت هذه العصابات تسطو على جزء كبير من المعونات بعدما تدخل قطاع غزة.
وكانت 29 منظمة دولية غير حكومية أفادت بأنَّ الجيش الإسرائيلي يشجع على نهب المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، عن طريق مهاجمته قوات الشرطة الفلسطينية التي تحاول تأمين المساعدات، وينفي الجيش الإسرائيلي هذه الاتهامات بـ "التساهل والسماح بعمليات نهب المساعدات في غزة".
وقال إسماعيل الثوابتة مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة لوكالة "سبوتنيك":
وفي مناطق قريبة من السياج الأمني الإسرائيلي شرق قطاع غزة، ومتاخمة لأماكن توغل الجيش الإسرائيلي، تتحصن عصابات من اللصوص تقطع طريق المساعدات الإنسانية وتستولي عليها، وتسهم في نشر المجاعة في القطاع، وتتركز عصابات أخرى شرق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
وقال الشيخ طه الأسطل، رئيس مجلس عائلات خان يونس والنازحين، لـ"سبوتنيك":
"ندعم هذه الحملة، ونحن جزء منها، ونقدم أنفسنا وأولادنا لحماية قوافل المساعدات الإنسانية، فيجب إيقاف التجويع، ونهب المساعدات، التي تقدم للنازحين".
وأضاف: "بفضل من الله، ثم جهود مباركة من بعض العائلات والعشائر التي ينتمي إليها أولئك اللصوص، قمنا بالوقوف في وجه قطاع الطرق، وقامت هذه العشائر بالتواصل والدعم، والوقوف في وجه تلك الأفعال المشينة، وقاموا بتأمين المساعدات، وحراسة قوافل المعونات الغذائية".
ووجّه النازح في خان يونس، فتحي إبراهيم، رسالة إلى لصوص المساعدات، بعدما لم ينجح في تأمين الطعام لعائلته:
"أقول لمن يسرق المساعدات، أنت قاتل ومجرم، بسبب ما تفعله في هذه الظروف الصعبة، وماذا ستفعل بالمساعدات المسروقة، هل ستبيعها في السوق السوداء لتكسب مالا، ونبقى نحن جياع، وأنا منذ يوم أمس، أبحث في كل مكان عن طعام ولم أجد، واللصوص هم السبب، ولو لم يتم قطع الطريق على المساعدات التي تدخل، لكنت أملك نصيبي ونصيب عائلتي من الطعام، مثل باقي النازحين، وأولئك اللصوص هم مجرمون ولن يرحمهم الشعب، ولن يرحمك الله".
وبالرغم من دخول المساعدات الإنسانية بعد تكاتف الجهود الشعبية والأجهزة الأمنية على حماية شاحنات المساعدات الإنسانية، إلا أنَّ هذه المساعدات لا تكفي، وأكدت مديرة الإعلام في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، إيناس حمدان، أنَّ المساعدات الإنسانية وإمدادات الغذاء التي تدخل القطاع لا تلبي سوى 6% من حاجة السكان.
وقال أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في قطاع غزة، لوكالة "سبوتنيك":
"الاحتلال الإسرائيلي ومنذ بدء هذه الأزمة، يقوم بتقيد دخول المساعدات الإنسانية، وفرض طرق محددة لدخولها، مما يسهل على قطاع الطرق الاستيلاء عليها، تحت حماية من الاحتلال الإسرائيلي، ومن جانب آخر الكميات التي تدخل من المساعدات قليلة جدا مما يسهل السيطرة عليها وسرقتها، وهناك طرق بديلة لدخول المساعدات مثل الطريق الحدودي، أو محور فيلادلفيا، أو حتى معبر كيسوفيم الذي فتح مؤخرا".
وأضاف: "رسالتنا لجميع قطاعات المجتمع، هي الوقوف جنبا إلى جنب من أجل مواجهة هذه الحالة الصعبة، والعمل على الصعيد الدولي للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لفتح المعابر جميعها، أمام دخول المساعدات، وإيجاد طرق بديلة لوصول المساعدات للنازحين، في وقت يشهد قطاع غزة مجاعة تشتد يوما بعد يوم".
وقالت النازحة أم أحمد لـ"سبوتنيك":
"من قبل الفجر أنتظر، حصولي على المساعدات، لقد تعبنا من هذه الحالة، أنا مريضة ومصابة في قدمي، ولا يوجد طعام لدينا، ونطالب بتأمين الطعام".
"يكفي هذا الدمار، نحن نطالب بتوفير الطعام وتوفير شوادر وأغطية وأثواب للصلاة، وأدوية وجميع المساعدات، لا يوجد عندنا شيء، ولقد نزحت من شمال القطاع بعدما قتل جميع أفراد عائلتي، ولم يبقى لي أحد، ولا أعرف ماذا أفعل، أو كيف أعيش".
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، وفي اليوم الـ 417 ارتفع عدد القتلى منذ بداية الحرب على القطاع، إلى 44,249 قتيلا غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 104,746 آخرين.
وفي 7 أكتوبر، شنّ مقاتلون من حركة حماس هجوما على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، ورداً على هجوم حماس، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وتقول إسرائيل إن 130 أسيراً ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصاً خطفوا في 7 أكتوبر.