لماذا تصاعدت وتيرة الصراع بين الجيش السوداني والدعم السريع في الخرطوم؟

تزايدت وتيرة الصراع بين الجيش السوداني والدعم السريع في العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث، لكن حدة الاشتباكات كانت الأكبر في مدينة أم درمان، وعادت الأسواق للإغلاق وشن الدعم السريع حملة اعتقالات ربما لإرغام السكان على ترك لمناطقهم، يأتي ذلك في ظل زيارة الأمين العام للجامعة العربية لبورتسودان.
Sputnik
ماذا وراء التصعيد في الخرطوم في ظل الأوضاع الحالية التي تعيشها المنطقة والحديث الإقليمي عن مساعي لوقف الحرب ومساعي الجامعة العربية لحث أطراف الصراع على الجلوس إلى طاولة التفاوض وحقن الدماء بعدما وصلت البلاد إلى مراحل خطيرة على المستوى الإنساني؟
بداية، يقول وليد علي، المحلل السياسي السوداني: "لا يبدو أن هناك أي إتجاه للتفاوض من جانب القوات المسلحة السودانية،لأن هناك قوى مؤثرة داخلية لا تجد مصلحة في انتهاء حالة الاقتتال الدائرة حاليا، وللأسف فإن عجز قيادة الدعم السريع عن السيطرة على قواتها يمنح هذه القوى المؤثرة المنطق المقبول للدعوة إلى استمرار القتال و الضغط على قيادة الجيش السوداني".
السودان.. والي جنوب دارفور يكشف وجود 5 مهابط "سرية" في الولاية

القوى المؤثرة

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "عجز قيادة الدعم السريع عن السيطرة على قواتها كما أسلفنا منح تلك القوى المؤثرة المنطق المقبول للدعوة إلى استمرار القتال و الضغط على الجيش السوداني وقيادته، بل حتى أن هذه القوى تعرقل أي تقارب قد يفكر البرهان فيه للحوار مع أبوظبي حول هذه الحرب".

وتابع علي: "الأمر الآن بيد البرهان و أبوظبي وعليه أن يتخذ الخطوة الصعبة، واعتقد أن زيارة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، تصبُ في تشجيع القيادة العسكرية على هذه الخطوة، و إن كانت التصريحات تقول غير ذلك، فالجامعة تعلم أنه ليس هناك أمل لحسم هذه الحرب عسكريا في القريب المنظور".

وأشار علي، إلى أن "الدعم السريع لن يتوقف عن الهجوم طالما هناك قوى ذات ثقل دولي تقف إلى جانبه، لافتا إلى أن هذه الحرب لها ما يبررها داخل منظومة الأمن الدولي، حيث أن هناك دول تعتقد أن الجيش السوداني يحمي مجموعات لا تساعد على حماية مصالحها في البحر الأحمر و جنوب الصحراء".
نائب القائد العام للجيش السوداني ينفي أي تفاوض أو هدنة مع "الدعم السريع"

مجلس الأمن

من جانبه، يقول الدكتور محمد مصطفى، رئيس المركز العربي/الإفريقي لثقافة السلام والديموقراطية بالسودان، "في الحقيقة أن تطاول أمد الحرب في ظل الأزمة الإنسانية الطاحنة هذه، قد تدفع بمجلس الأمن لاتخاذ قرار بتدخل قوات أممية لوقف الحرب".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "صحيح أن الفيتو الروسي سيكون حاضرا لإفشال أي محاولة لإرسال قوات أممية لوقف الحرب، خاصة إذا شعرت موسكو بوجود أجندة ضد الجيش السوداني، لكن إذا أصبحت هي شريكة في وضع مسودة القرار حتما قد توافق على القرار".
وتابع مصطفى: "الجيش السوداني وأغلبية السودانيين الذين أصابتهم انتهاكات الدعم السريع في عرضهم ومالهم، يخشون وجوده في مستقبل السياسة السودانية، خاصة فيما يتعلق الأمن والدفاع".
السودان... البرهان يرفض التسوية مع قوات الدعم السريع قبل نزع سلاحها

طاولة التفاوض

وأشار رئيس المركز العربي/الأفريقي، إلى أن "الجيش السوداني وخلال الساعات القليلة الماضية أحدث تقدما ملحوظا في ميدان المعركة مما فتح شهيته لتكثيف عملياته القتالية دون إعطاء الدعم السريع فرصة يلتقط فيها أنفاسه ويهيئ نفسه لمواصلة القتال".
وقال مصطفى: "الجيش السودان في الأشهر الأخيرة تحول من الدفاع إلى الهجوم وعبر جبهات مختلفة، وقد إزداد أمله في حسم المعركة عسكريا، لكن حسب تقديراتنا أن الحرب يصعب حسمها عسكريا، فقط يمكن للجيش إضعاف الدعم السريع لتحقيق مكاسب كبيرة في طاولة المفاوضات، تلك العاصفة حتما سيليها مفاوضات جادة تعالج الأزمة السودانية المتطاولة منذ استقلاله".
وقبل أيام، نفى نائب القائد العام للجيش السوداني الفريق أول ركن، شمس الدين كباشي، حدوث أي تفاوض أو هدنة أو وقف لإطلاق النار، مع قوات الدعم السريع.
ونقلت صحيفة "السوداني" عن كباشي قوله بأن "لن يكون هناك مسار للتفاوض السياسي دون حسم المعركة ضد مليشيا الدعم السريع عسكرياً، كما أشار القائد العام"، على حد تعبيره.
وأضاف القائد العسكري السوداني بقوله "أن المليشيا دوماً تخون عهودها واتفاقاتها معهم وتستغل وقف إطلاق النار والهدن لاستباحة البلاد وأعراض المواطنين الأبرياء"، مؤكدا عزم القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، على تحرير كل شبر دنسه العملاء والخونة ودحر المليشيا الإرهابية التي تستهدف وحدة السودان.
وكان كباشى قد وصل، الأسبوع الماضي، إلى مدينة سنار، وتفقد مصنع سكر سنار بعد ساعات من استرداده من قوات الدعم السريع، ووقف على حجم الأضرار التي لحقت به.
الجيش السوداني يكشف عن "معلومات تفصيلية" تؤكد تورط الإمارات في حربه ضد الدعم السريع
وقدم التهنئة لقادة وضباط وضباط صف وجنود الجيش السوداني والمستنفرين على الانتصارات التي تحققت في محور سنار، مشيداً "بالتضحيات الجِسام التي بذلتها القوات المسلحة السودانية والقوات النظامية الأخرى والمستنفرون للذود عن حياض الوطن ورفعة شأنه وحماية أراضيه، مؤكدا حرص الحكومة السودانية على إعمار ما دمرته المليشيا الإرهابية المتمردة"، على حد قوله.
وفي وقت سابق، أعلن قائد بارز بـ"قوات الدعم السريع" السودانية،الأربعاء الماضي، عن إيقافه لهجوم على مناطق حدودية مع دولة تشاد يسيطر عليها الجيش السوداني.
ونقلت صحيفة "سودان تربيون"، مساء الأربعاء الماضي، عن قائد قوات الدعم السريع قطاع غرب دارفور، عبد الرحمن جمعة بارك الله، دعوته إلى حوار بين الدعم السريع والحركات المسلحة لوقف القتال بينهم.
وأوضح بارك الله أنه "أوقفت قوة من قواتنا من مهاجمة مناطق تنتشر فيها الحركات المسلحة منها جرجيرة ومستورة ومدينة الطينة. وقواتنا الآن متمركزة في منطقة كلبس".
وقال القائد بقوات الدعم السري إنهم "مدوا أيديهم بيضاء لكل الحركات المسلحة، ودعاهم للتحاور بالمنطق، ورأيي الشخصي أن علينا أن نحتكم لصوت العقل وأن يكون هناك حوار فيما بيننا ولماذا نتحارب".
وكشف عبد الرحمن جمعة بارك الله عن اتفاق سابق بين قوات "الدعم السريع" وقادة عسكريين من القوة المشتركة بولاية شمال دارفور يقضي لألا يتم توجيه السلاح ضد بعضهم.
هل يتكرر سيناريو الجنوب وينفصل إقليم "دارفور" عن السودان؟
واندلعت الحرب في السودان، في 15 أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم للقتال.
وظهرت الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني - قائد القوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، للعلن بعد توقيع "الاتفاق الإطاري" المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني، في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.
مناقشة