ووثق التقرير الذي صدر بعنوان "الإبادة وأفعال الإبادة الجماعية" حرمان الفلسطينيين عمداً من المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، الضرورية لبقاء الإنسان على قيد الحياة، حيث شملت الإجراءات الإسرائيلية قطع وضخ المياه، تعطيل البنية التحتية للمياه والصرف الصحي بقطع الكهرباء والوقود، وتدميرها عمداً، ومنع دخول إمدادات المياه الأساسية.
وأكدت تيرانا حسن، المديرة التنفيذية لـ "هيومن رايتس ووتش"، أن حرمان الفلسطينيين من المياه ليس مجرد إهمال، بل سياسة حرمان مدروسة أدت إلى وفيات نتيجة الجفاف والمرض، ما يرقى إلى جريمة الإبادة الجماعية.
استند التقرير إلى مقابلات مع 66 فلسطينياً من غزة، وموظفين في مصلحة مياه بلديات الساحل، وعاملين في المجال الطبي والإغاثي، بالإضافة إلى تحليل صور الأقمار الصناعية، والصور الفوتوغرافية، والفيديوهات، وبيانات من مصادر طبية وإغاثية وخبراء في المياه والصرف الصحي.
وخلصت المنظمة إلى أن "إسرائيل خلقت عمدا ظروفا معيشية تهدف إلى تدمير الفلسطينيين في غزة كليا أو جزئيا، هذه السياسة التي فُرضت كجزء من القتل الجماعي للمدنيين، تُعتبر جريمة ضد الإنسانية، وترقى أيضاً إلى أحد أفعال الإبادة الجماعية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948".
وبدأت هذه الإجراءات عقب هجمات الفصائل الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023، حيث قطعت إسرائيل الكهرباء والوقود عن غزة، وأعلنت "حصاراً كاملاً" يشمل منع دخول المياه والغذاء والمساعدات، استمر هذا الحصار والقيود حتى بعد قرارات محكمة العدل الدولية التي طالبت إسرائيل بحماية الفلسطينيين وتوفير المساعدات.
أظهرت التقارير أن سكان غزة لم يتمكنوا من الحصول على الحد الأدنى من المياه اللازمة للبقاء على قيد الحياة، حيث انقطعت مياه الشرب في شمال غزة لأكثر من خمسة أشهر، كما تعمدت القوات الإسرائيلية مهاجمة وتدمير مرافق المياه والصرف الصحي.
أدى تدمير النظام الصحي إلى صعوبة تتبع الوفيات المرتبطة بنقص المياه، إلا أن التقديرات تشير إلى وفاة الآلاف نتيجة لذلك، إضافة إلى أكثر من 44 ألف قتيل في الأعمال العدائية، كما أُصيب مئات الآلاف بأمراض نتيجة نقص المياه.
ودعت "هيومن رايتس ووتش" الحكومات إلى عدم المساهمة في هذه الجرائم واتخاذ إجراءات لمنع المزيد من الأذى، بما في ذلك حظر الأسلحة والعقوبات ودعم العدالة، كما اعتبرت الحصار المستمر على غزة عقاباً جماعياً وجريمة حرب، وجزءاً من جرائم الفصل العنصري والاضطهاد التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين.