خبراء: الشراكة الاستراتيجية بين ليبيا وروسيا في مجال الطاقة تعزز الاستقرار الاقتصادي

تجري التحضيرات لاستئناف أنشطة اللجنة الحكومية المشتركة الروسية الليبية، حيث أن هناك استعدادات ليبية روسية لاستئناف أنشطة اللجنة في الأيام المقبلة.
Sputnik
وأعرب الطرفان، خلال اللقاء، عن اهتمامهما المتبادل بتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية والعلمية والفنية بين البلدين.

علاقات استراتيجية

قال الأكاديمي والخبير الاقتصادي الليبي محمد درميش، إن "العلاقات الروسية الليبية، تتمتع بجذور تاريخية عميقة"، مشيرًا إلى أن "روسيا، كونها دولة عظمى ومن القوى الفاعلة في الساحة الدولية، تدرك أهمية ليبيا الاستراتيجية".
روسيا وليبيا تخططان لتوسيع التعاون في قطاع الطاقة
وأضاف درميش، في حديثة لـ"سبوتنيك"، أن "ليبيا، التي تقع في موقع جغرافي حيوي يربط بين ثلاث قارات وتعد معبرًا إلى جنوب ووسط غرب أفريقيا، تظل دولة محورية رغم الانقسامات السياسية الداخلية".
وأكد على "ضرورة أن تبني ليبيا علاقات دبلوماسية قائمة على التوازن، خاصة مع الدول الخمسة الكبرى في مجلس الأمن الدولي، في ظل استمرار ليبيا تحت البند السابع للأمم المتحدة، وإدارتها من خلال بعثة الدعم والأمن التابعة للأمم".

وأضاف درميش: "روسيا تعتبر من الدول المتقدمة في مجالات عدة، وأهمها الغاز والنفط، وبالتالي، فإن فتح وتعزيز العلاقات الروسية الليبية، وتفعيل الاتفاقيات بين البلدين يعد خطوة ممتازة ومطلبًا مشروعًا لاستفادة ليبيا من الخبرات الروسية، في مجالات الطاقة بشكل عام، وفي قطاع النفط والغاز بشكل خاص".

كما اعتبر أن "القيمة الاقتصادية التي يمكن أن تحققها هذه العلاقات تعود بالنفع على كلا الطرفين، حيث أن ليبيا تمتلك الموارد الطبيعية الوفيرة، بينما روسيا تتمتع بالمعرفة والخبرة الفنية".
وشرح درميش، قائلًا: "هذه العلاقة تعتبر تبادلًا للمنافع، حيث أن ليبيا بحاجة إلى الاستفادة من خبرات روسيا لتطوير صناعاتها، بينما روسيا تحتاج إلى مواقع عمل جديدة لزيادة قدرة تشغيل وصيانة مشروعاتها".
وأشار إلى أن "ليبيا بحاجة إلى تنويع مصادر دخلها القومي واستثمار مواردها بشكل أمثل"، مؤكدًا أن "روسيا تستطيع أن تلعب دورًا رئيسيًا في هذا المجال من خلال تقديم الدعم الفني والتقني".
روسيا تحذر مواطنيها من زيارة ليبيا والأخيرة تطلب توضيحات
وأكد درميش أن "نجاح هذه العلاقات يتوقف بشكل كبير على مدى جدية الجانب الليبي في التعامل مع هذا الملف وقدرته على إدارته بشكل جيد"، مشيرًا إلى أن "التعاون المشترك بين الدولتين يتطلب تخطيطًا محكمًا وتنسيقًا مستمرًا بين الأطراف المعنية".

تعزيز الاستقرار الاقتصادي

قال المحلل السياسي حسام الدين العبدلي، إن "اجتماع الأطراف الروسية الليبية في مجال الطاقة يُعد خطوة إيجابية، ويصب في صالح كل من ليبيا وروسيا الاتحادية".
وأوضح العبدلي، في تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، أن "أي تعاون استثماري أو اقتصادي بين الدول يُعد أمرًا مفيدًا، خاصة في ظل الظروف التي مرّت بها ليبيا من آلام الحرب، والتي أصبحت الآن تتمتع بمستوى من الاستقرار"، وأضاف أن "ليبيا بحاجة إلى تطوير علاقاتها مع الدول المتقدمة مثل روسيا للاستفادة من التقدم التكنولوجي والخبرة المتوفرة في مجالات الطاقة".
وأشار العبدلي إلى أن "التعاون بين ليبيا وروسيا، في مجال النفط ليس جديدًا، حيث كانت الشركات الروسية موجودة في ليبيا، منذ سنوات عديدة قبل عام 2011، وقد أثبتت تلك الشركات قدرتها في القطاع النفطي، ومع ذلك، لفت إلى أن بعد الحرب وتوتر الأوضاع الأمنية في 2011، خرجت العديد من الشركات الروسية من السوق الليبي، ما عدا بعض الشركات الأخرى التي بقيت تعمل بشكل محدود رغم التحديات السياسية والأمنية".
واعتبر أن "عودة الشركات الروسية إلى ليبيا، في الوقت الحالي، يُعد أمرًا بالغ الأهمية وإيجابيًا جدًا"، معتبراً أن "شركة "تات نفط" الروسية تُعد من الشركات البارزة في هذا السياق، حيث كانت قد أجرت اكتشافات لآبار نفطية في حوض غدامس في الفترة الأخيرة، وهو ما تم الإعلان عنه رسميًا من قبل المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا".
سفير روسيا لدى ليبيا يبحث مع حفتر تمهيد الطريق لإجراء الانتخابات الليبية
وأضاف العبدلي أن "هذا التعاون بين المؤسسة الوطنية للنفط الليبية وشركة "تات نفط" الروسية، يفتح آفاقًا جديدة لتطوير قطاع النفط في ليبيا".
وأكد العبدلي أن "شركة "غازبروم" الروسية أيضًا، تسعى لإبرام عقود وإنشاء مشاريع استثمارية جديدة في ليبيا، وهو ما يُعتبر فرصة كبيرة لتعزيز التعاون بين البلدين في مجال الطاقة"، وذكر أن "هذا التواجد الروسي في قطاع الاستثمار يعد خطوة هامة نحو تعزيز الاقتصاد الليبي".
وأضاف المحلل الليبي، أنه في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، دعا الطاهر الباعور، وزير الخارجية الليبي في حكومة الوحدة الوطنية، الشركات الروسية للعمل والاستثمار في ليبيا.
وأردف أن "هذا اللقاء بين المسؤولين هو خطوة نحو زيادة الإنتاج النفطي، ما يعكس أملًا كبيرًا في تعزيز مصادر الدخل في ليبيا، التي كانت تعاني في الفترة الماضية من وضع اقتصادي مرهق".
وأشار إلى أن "المؤسسة الوطنية للنفط تسير في الاتجاه الصحيح"، مؤكدًا أن "ليبيا اليوم أصبحت في وضع مستقر في إنتاج النفط، مما يجعلها بيئة مناسبة للاستثمار في هذا القطاع الحيوي".
وأضاف أن "هذه الخطوات تؤكد أن ليبيا تمضي نحو الاستقرار الاقتصادي وتوسيع آفاق التعاون مع دول العالم الأخرى في قطاع الطاقة".
مناقشة