وتضم منطقة بلاد الشام، الجسر البري بين إفريقيا وأوراسيا، لذلك بطبيعة الحال، كانت واحدة من أولى محطات أسلافنا خارج إفريقيا منذ آلاف السنين.
حيث بدأ البشر هناك بتحسين صناعة الأدوات، ولكن قد يكون لهذه الأدوات أكثر من وظيفة، فتحت المجهر، وجد الباحثون أن بعض الأدوات الحجرية في بلاد الشام، تحتوي على تصاميم هندسية واضحة، وليست خطوط نحت عشوائية.
فقد تم تصنيع اثنتين من الأدوات الحجرية، التي تم تحليلها باستخدام تقنية لوفالوا للنقش في العصر الحجري في بلاد الشام، حيث يتم تقشير قلب حجر الصوان بشكل أساسي، لصنع نقطة يمكن قطعها وتقطيعها.
ويعود تاريخ إحدى الأدوات إلى العصر الحجري القديم الأوسط، بينما يعود تاريخ الأخرى إلى 100000 عام، مثل الأصداف البحرية المزخرفة، أو الطلاء الأصفر، أو غيرها من القطع الأثرية المنقوشة المصنوعة من الحجر، أو العظام، أو قشور بيض النعام.
وقالت الدراسة التي نقلتها مجلة "ساينس أليرت"، أن هذه النقوش، قد تشير إلى سلوك بشري رمزي غير وظيفي، ففي الماضي، فسر بعض الخبراء النقوش على هذه الأدوات الشامية نفسها على أنها "جمالية بدائية"، مما يعني أنها نُحتت لأنها قدمت نمطًا بصريًا ممتعًا، وليس بالضرورة نمطًا رمزيًا، ومن الصعب، إن لم يكن من المستحيل، إثبات نوايا الناس الذين عاشوا قبل عشرات الآلاف من السنين، لكن مؤلفي التحليل الأخير يشتبهون في أن القصة تتضمن أكثر من مجرد نمط ممتع بصريًا".
وتستند استنتاجات الفريق، إلى تحليل دقيق لنوى الصوان الحجرية مقارنة بالقطع الأثرية الحجرية القديمة الأخرى، المصنوعة في منطقة بلاد الشام.
إن النواتين الحجريتين اللتين قارنهما الفريق غير عاديتين عن النوى الأخرى الموجودة في بلاد الشام، لأنها تظهر أنماطًا محفورة على سطحها، مثل مروحة مشعة من الخطوط.
وعلى النقيض من ذلك، فإن الشقوق التي تم إجراؤها على شفرة من كهف، والتي تم نحتها منذ أكثر من 55000 عام، ليست متباعدة تمامًا، ولا تخلق نمطًا واضحًا.
وقال عالم الآثار جواو ماريروس، من مركز لايبنتز للآثار في ألمانيا: "إن المنهجية التي استخدمناها لا تسلط الضوء فقط على الطبيعة الواعية لهذه النقوش، بل إنها توفر أيضًا لأول مرة إطارًا مقارنًا لدراسة القطع الأثرية المماثلة، مما يثري فهمنا لمجتمعات العصر الحجري القديم الأوسط".