ويرى فلسطينيون أن التحركات الإسرائيلية تأتي ضمن خطة مسبقة، وسياسة ممنهجة، لدفع المواطنين الفلسطينيين للرحيل من منازلهم، أو على الأقل القبول بحكم عسكري دائم، مؤكدين أن المجتمع الدولي عليه التدخل لوأد هذه المحاولات.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، السبت، بأن الجيش الإسرائيلي يعتزم الدفع بدبابات في عملياته العسكرية بالضفة الغربية للمرة الأولى منذ عام 2000.
وذكرت القناة 14 الإسرائيلية، بأنه لأول مرة منذ عملية "الدرع الواقي" الإسرائيلية في الضفة الغربية في عام 2002، يعتزم الجيش الإسرائيلي الدفع بدبابات لعملياته العسكرية بالضفة.
وأوضحت القناة بأن القرار يأتي بعد ضغوط شديدة من المستوى السياسي في تل أبيب، حيث من المقرر أن تدخل الدبابات المنطقة في المستقبل القريب، إذا لزم الأمر.
وأشارت القناة الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني إلى أن دخول الدبابات في الضفة الغربية يمثل ردعا قويا ورسالة واضحة للفلسطينيين، مع عدم استبعاد المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين انضمام الطائرات المقاتلة أيضًا إلى العملية إذا لزم الأمر.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الأحد، إن القوات الإسرائيلية تستعد للبقاء في بعض مخيمات اللاجئين بالضفة الغربية للعام المقبل.
كما أعلن كاتس أن الجيش قام بـ"إخلاء" 3 مخيمات للاجئين الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية المحتلة، وأمر جيشه بالبقاء فيها طوال العام الجاري "لمنع عودة سكانها".
وقال كاتس في بيان: "حتى الآن، تم إجلاء 40 ألف فلسطيني من مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم ونور شمس، التي أصبحت الآن خالية من السكان"، مشيرًا إلى أنه أمر القوات "بالاستعداد للبقاء في المخيمات الي تم إخلاؤها طوال العام، وعدم السماح للسكان بالعودة وعودة الإرهاب من جديد".
حسم مستقبل غزة
بدوره اعتبر فادي أبو بكر، المحلل السياسي الفلسطيني، أن هذه السياسة تأتي ضمن توجّه أوسع لتهجير السكان وفرض واقع أمني خانق، يجبر الفلسطينيين إما على الرحيل أو القبول بحكم عسكري دائم.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذا هو جوهر مشروع الضم الذي تعمل عليه حكومة نتنياهو، من خلال إجراءات تدريجية على الأرض تشمل التهجير القسري، والاستيطان، والعقوبات الجماعية.
وأوضح أن ما يجري اليوم في طولكرم وجنين وطوباس ومخيماتها هو حلقة في سلسلة طويلة من الإجراءات التي تعكس نوايا إسرائيل تجاه الضفة الغربية، حيث يتم الدمج بين العمليات العسكرية والاستيطان والقوانين الإسرائيلية التي تمنح المستوطنين امتيازات أمنية وإدارية على حساب الفلسطينيين.
ويرى أن هذه السياسية لا تستهدف "المسلحين" فقط، كما تدعي إسرائيل، بل تسعى إلى إعادة رسم الخريطة السكانية عبر الضغط المستمر على الفلسطينيين لدفعهم نحو الهجرة القسرية أو الخضوع لواقع الاحتلال كأمر مفروض.
وشدد على أن هذا التصعيد جزء من خطة أوسع تهدف إلى حسم مستقبل الضفة الغربية، بعيداً عن أي تسوية سياسية، عبر فرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة تدريجياً، وتحويل الفلسطينيين إلى سكان بلا حقوق في أرضهم.
سياسة ممنهجة
قالت القيادية في حركة "فتح"، كفاح حرب، إن استخدام الدبابات والطائرات وكل المعدات القتالية الإسرائيلية ضد العزل في الضفة الغربية، تأتي في إطار استمرار الاعتداءات على الشعب الفلسطيني، واستمرار تنفيذ خطة الضم التي أعلنت عنها الحكومة اليمينية المتطرفة.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، تصب التحركات الإسرائيلية في السياسة القديمة الجديدة القائمة على سياسة التهجير الفلسطيني، وإحلال المستوطن المستعمر مكانه، وفي مقدمة أبناء الشعب الفلسطيني المستهدف في هذه المرحلة أبناء المخيمات.
وتابعت: "ذهب إسرائيل إلى تغيير معالم المخيمات الفلسطينية وتشويه بنيتها التحتية، بالتوازي مع تقويض عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، مع استمرار العقوبات الجماعية والفردية، في سياسة ممنهجة، وهجمة مسعورة تستهدف الوجود الفلسطيني".
وأكدت أن الشعب الفلسطيني يقف أمام السياسة الإسرائيلية بالمرصاد، من خلال التعاضد المجتمعي، ورفض فكرة التهجير، والصمود على الأرض، والتمسك بوجوده وثوابته، على الرغم من كل الظلم الذي يقع عليه.
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تتعرض الضفة الغربية إلى تصاعد في وتيرة الاقتحامات والمداهمات المتكررة، والعمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي في مدن وقرى ومخيمات الفلسطينيين.
ويغلق الجيش الإسرائيلي الضفة الغربية، منذ بدء الحرب على قطاع غزة، ويفصل المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها بحواجز وبوابات عسكرية وسواتر ترابية.
ومنذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة شمالي الضفة الغربية، حيث شنت قواته هجمات واسعة النطاق على مدينة جنين، مستهدفة أحياء سكنية بالكامل، ثم توسعت عملياته العسكرية في طولكرم وطوباس شمالي الضفة الغربية.
وفي 21 يناير الماضي، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في مدينة جنين ومخيمها، ووسّع الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في شمالي الضفة الغربية لتصل إلى مدينة طولكرم في 27 من الشهر ذاته، فيما بدأ قبل عدة أيام عملية عسكرية في بلدة طمون ومخيم الفارعة بمحافظة طوباس.
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بأن 70 فلسطينيا قتلوا في الضفة الغربية منذ مطلع العام، بينهم 10 أطفال وسيدة ومسنان، ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسّع الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس، ما أسفر عن مقتل أكثر من 900 فلسطينيين، وإصابة نحو 7آلاف، واعتقال 14 ألفًا و300 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.