راديو

عودة برامج المواهب... استعادة بريق مفقود أم رقص فوق أطلال النجاح؟

تشهد الساحة التلفزيونية حاليا عودة موجة جديدة من برامج اكتشاف المواهب، التي بدأت قبل سنوات طويلة، وحققت نجاحا جماهيريا لافتا، قبل أن تتراجع في مواسمها الأخيرة وتتوقف لسنوات.
Sputnik
ورغم تغير معطيات العصر، وقدرة المواهب حاليا على الوجود بشكل سهل، وحصد النجاح والتفاعل الفوري مع الجمهور في عصر توغلت فيه تطبيقات التواصل الاجتماعي، إلا أنه أخيرا عادت برامج المواهب لتقدم مواسم جديدة بعد اختفائها لسنوات.
اليوم، تعود برامج المواهب إلى واجهة المشهد الترفيهي، مستعيدة مكانتها في عصر يُصنع فيه "النجم" بدقيقة واحدة، وسط ضجيج السياسة وصخب الشاشة الصغيرة.
في هذا السياق، أكد الناقد الفني، معتمد عبد الغني، أن "المنصات الرقمية لعبت دورا محوريا في تغيير شكل الساحة الفنية، إذ أتاحت للفنانين الشباب فرصة الظهور، والتعبير عن أنفسهم بحرية بعيدا عن القيود التقليدية، التي تفرضها برامج اكتشاف المواهب".
وقال عبد الغني في تصريحات لـ"سبوتنيك": "المنصات الرقمية منحت الفنانين حرية تقديم فنهم بطريقتهم الخاصة، دون تدخل لجان تحكيم أو شروط مسبقة، وهذا ساهم في ظهور تجارب غنائية جديدة وغريبة، فيها الكثير من المغامرة والجرأة، وهو ما لم يكن ممكنا في السابق".
وأضاف: "برامج اكتشاف المواهب، رغم انتشارها الواسع، تضع المتسابق داخل إطار محدد، وتخضعه لتقييم سريع قد لا يعكس قدراته الحقيقية، ولا يمكن الحكم على موهبة من خلال دقائق معدودة، وهذا ما يخلق حالة من الجدل حول اختيارات لجنة التحكيم، خاصة حين لا يحصل بعض المتسابقين المميزين على مراكز متقدمة".
وأشار عبد الغني إلى أن "كثيرا من المواهب التي خرجت من هذه البرامج لم تستطع الاستمرار"، قائلا: "النجاح في هذه البرامج غالبا ما يكون لحظيا، ولا توجد خطة واضحة لما بعد انتهاء البرنامج. نرى متسابقين يحصلون على ألبوم أو اثنين، ثم يختفون من الساحة، ويعودون للتفاعل عبر السوشيال ميديا فقط".
وتابع: "نحن نأخذ "فورمات" عالمية ونطبقها كما هي دون تعديل، وهذا يضعف من تأثيرها محليا، الأهم من ذلك هو غياب الدعم النفسي والتخطيط للمستقبل الفني للمتسابق، وهي الحلقة المفقودة في هذه التجارب".
من ناحيته، قال المطرب، علي الألفي، إن "مشاركته في برنامج "ذا فويس" عام 2015، جاءت في وقت كانت فيه شركات الإنتاج الموسيقي قد تراجعت عن دورها في اكتشاف ودعم المواهب، لتصبح برامج الهواة هي البديل الأكثر شهرة وانتشارا".
وأوضح في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "برنامج "ذا فويس" كان يقدم باعتباره برنامجا للمحترفين أو أصحاب الخبرات السابقة، وليس للمواهب المجهولة تماما"، مشيرا إلى أن "الموسم الذي شارك فيه ضم أسماء معروفة، مثل نداء شرارة، ومحرزية الطويل، ممن سبق لهم الظهور الفني وعادوا لإعادة التجربة".
وأكد الألفي أن "برامج اكتشاف المواهب لا تصنع نجوما، بل أن النجم الحقيقي يُصنع من خلال شركة إنتاج تؤمن بموهبته وتدعمه فنيا وتسويقيا"، وأضاف: "البرنامج مجرد صفقة تبادلية؛ هم يحتاجون موسم ناجح يحقق مكاسب إعلانية وتصويتية، وأنا أحتاج الظهور في توقيت معين لاستئناف مسيرتي".

وأشار إلى أن "كثيرا من الفائزين في هذه البرامج انتهى بهم الأمر إلى النسيان"، قائلا": "من حصلوا على اللقب لم يستمروا، لأن الجهة المنتجة للبرنامج لا تهتم باستثمار الموهبة بعد انتهاء الموسم، ومهمتهم تنتهي مع الحلقة الختامية، بينما الفنان يُترك ليواجه مصيره بمفرده".

وتابع: "في ظل غياب شركات الإنتاج، أصبح معظم الفنانين ينتجون لأنفسهم، حتى النجوم الكبار مثل عمرو دياب، وأنغام، وإليسا، لم تعد هناك كيانات إنتاجية تضمن الاستمرارية، خاصة بعد انقراض المنتج الفيزيائي، مثل الأسطوانات والكاسيت، وأصبحت دورة رأس المال في الغناء تحتاج إلى نفس طويل وجهد كبير".
وعن تجربته الشخصية، قال الألفي: "الظهور في البرنامج منحني صداقات حقيقية مع فنانين ما زالوا على الساحة، مثل نداء شرارة وعبود برمدا، لكن الجانب السلبي كان في تغذية الروح التنافسية بشكل مبالغ فيه، ومحاولة افتعال لحظات درامية أو خلافات بين المشتركين لخلق ما يسمى بـ"TV Moments"، وأنا لم أشارك في ذلك، وكنت واضحا منذ البداية أنني جئت لأغني فقط".
وأضاف: "البرنامج موجه للوطن العربي كله، لكن هذا التوجه أظهر لاحقا أنه يخلق صراعات قومية وقبلية بين الدول، وهو ما أضرّ بالمتسابقين، وأتمنى أن يكون لكل دولة برنامجها الخاص، لتكون المنافسة فنية خالصة، بعيدا عن الحسابات السياسية".
مناقشة