واعتبرت أستاذة العلوم السياسية والاستراتيجية في الجامعة اللبنانية الدكتورة لور أبي خليل، أن "الخطة الأمريكية المقترحة تشكل إدارة للخسائر بهدف منع التصعيد، وفق موازين القوى الحالية التي ترتكز على ثلاثة قواعد أساسية، الاعتراف بواقع ميداني جديد لا يمكن تجاوزه بالقوة، وتقديم أولويات الاستقرار الدولي الأوروبي على منطق المواجهة المفتوحة، وفصل المسار العسكري عن المسار السياسي في مقاربة الحل".
وأوضحت أبي خليل أن "روسيا حققت أهدافًا رئيسية عبر الترتيبات السياسية، التي يجري التوصل اليها، والقائمة على الاعتراف بالواقع القائم مقابل ضمانات أمنية دولية وغير عسكرية، مثل حظر نشر الصواريخ الاستراتيجية قرب الحدود الروسية وإنشاء مناطق عازلة منزوعة السلاح، مقابل الحياد الاستراتيجي لأوكرانيا، والتزامها الرسمي بعدم الانضمام إلى حلف الناتو، مع إقرار هذه البنود في الدستور الأوكراني".
وتوقعت أبي خليل أن "المرحلة المقبلة تحمل انتصارا روسيًا جيواستراتيجيا وحماية مستمرة للأمن القومي الروسي"، وأن "العقوبات على روسيا ستُرفع تدريجيا، فيما ستشارك موسكو جزئيا في الصندوق الدولي لإعادة إعمار أوكرانيا، ما يُعد نصرًا روسيًا يعيد تثبيت دورها كفاعل دولي أساسي إلى جانب الصين وتركيا والأمم المتحدة، ويحوّل الاتفاق من مجرد تسوية سياسية إلى نظام أمني جديد قد تكون فيه روسيا شريكًا رئيسيًا"، معتبرة ذلك "انتصارًا كاملًا للفلسفة السياسية الروسية".
وتوقعت أبي خليل أن "كييف غير قادرة على تجاوز المهلة الأمريكية وستتجه إلى التفاوض على التفاصيل لتحقيق أقل قدر من الخسائر، مع محاولة تعديل بعض البنود، لأن التهديدات الأمريكية جدّية وتشكل حافزًا للذهاب نحو التسوية بعيدًا عن المناورات"، معتبرة أن تصريح زيلينسكي هو"محاولة لتهيئة الرأي العام لتقبل التراجع السياسي والتسوية، وتحميل جزء من المسؤولية للضغط الأمريكي، بالإضافة إلى ملفات الفساد التي غيّرت المزاج الأوروبي ودفعت واشنطن إلى التحضير لواقع جديد".
من جهته، علّق أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي في الجامعة اللبنانية الدكتور ناصر زيدان، على المهلة التي وضعتها الولايات المتحدة لزيلينسكي، لقبول خطة الحل، معتبرًا أن "الرئيس بوتين يتعاطى بجدية لافتة مع الطروحات التي قدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أبدى تفاعلا إيجابيا مع المنطلقات التي طُرحت في قمة ألاسكا".
ورأى زيدان أن "الخطة قد تؤدي إلى تسوية مقبولة وعادلة للأزمة الأوكرانية، بعد التعنّت الأوكراني– الأوروبي، الذي بدأ يتراجع مع المستجدات السلبية على الأرض".
وأشار زيدان إلى أن "زيلينسكي يواصل الرهان على تحريض الأوروبيين أو شريحة من الأوكرانيين لرفض المبادرة، غير أن هذه المحاولات لن تنجح في ظل التفوق الروسي الواضح ميدانيًا". وأضاف أن "الواقعية التي يتعاطى بها ترامب تتصل بالتحولات الأخيرة، ونشوء تكتلات دولية جديدة، والتفوق العسكري الروسي والصيني، ما يجعل خيار سباق التسلح خيارًا غير سهل".
وأكد أن "هناك إشارات أوروبية إيجابية باتجاه التسوية"، معتبرًا أن "المبادرة الأمريكية لم تنطلق من فراغ، وربما جاءت بعد تفاهمات تحت الطاولة مع الأوروبيين، الذين يظهر أنهم على اطلاع على عدد من جوانب المستجدات".
وختم بالقول: "أوروبا دفعت الثمن الأكبر، ومن مصلحتها العودة إلى طاولة البحث لإنهاء الأزمة الأوكرانية، انطلاقًا من حسابات واقعية وبعيدًا عن المكابرة".