راديو

متى يجب أن تعطي طفلك هاتفا ذكيا؟ دراسة تحدد السن المناسب

في وقت أصبح فيه الهاتف الذكي جزءا أساسيا من الحياة اليومية، تزداد المخاوف من تأثيره على الأجيال الصغيرة، التي تنمو في قلب هذا العالم الرقمي المتسارع.
Sputnik
فقد كشفت دراسة جديدة نُشرت في مجلة "طب الأطفال" الأمريكية، عن نتائج مثيرة للقلق، تؤكد أن منح الأطفال هاتفا ذكيا قبل سن الـ12 قد يرتبط بارتفاع مخاطر صحية ونفسية مهمة، من بينها الاكتئاب والسمنة واضطرابات النوم.
اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات أكثر من 10,500 طفل ضمن واحدة من أكبر الدراسات الأمريكية حول تطور أدمغة المراهقين، أشارت إلى أن توقيت حصول الطفل على الهاتف قد يلعب دورا محوريا في تشكيل صحته وسلوكه خلال سنوات النمو الحساسة.

في هذا السياق، قال أستاذ علم الاجتماع د. طه أبو حسين، إن "قضية منح الأطفال هواتف ذكية يجب أن تُفهم في إطارين مختلفين، الأول هو الاستخدام اللوجستي المرتبط بالدراسة والتواصل مع المعلمين وزملاء الصف، والثاني هو الاستخدام الشكلي أو الترفيهي، الذي يهدف فقط إلى المباهاة أو التسلية".

وأوضح أبو حسين أن "السماح للطفل بامتلاك هاتف ذكي، ابتداء من سن الثانية عشرة قد يكون مقبولا إذا كان الهدف هو تيسير العملية التعليمية، خاصة مع اعتماد بعض المعلمين على مجموعات التواصل عبر التطبيقات المختلفة"، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن "الاستخدام المفرط لتلك الأجهزة يحمل آثارا صحية سلبية، مثل إجهاد العين وانحناء الرقبة، نتيجة النظر المستمر إلى شاشة صغيرة".
وأضاف أبو حسين أن "البدائل الصحية أكثر أمانا، مثل متابعة البرامج التعليمية أو الترفيهية عبر شاشة التلفاز الكبيرة من مسافة مناسبة، أو إشراك الطفل في أنشطة رياضية واجتماعية ككرة القدم والسباحة وزيارات الأقارب، فضلًا عن غرس عادة القراءة باستخدام الكتاب الورقي، لما لها من أثر تربوي وثقافي عميق".

في سياق آخر، قال أستاذ علم الاجتماع د.صلاح هاشم، إن "مرحلة الطفولة المبكرة، التي تمتد من عمر سنتين وحتى الـ12، تُعد من أهم المراحل في تكوين شخصية الطفل وبناء مهاراته الاجتماعية. وبعد سن الـ12، يبدأ الطفل مرحلة الصبية أو الفتيان، وهي مرحلة أكثر نضجا لكنها تحتاج إلى رعاية خاصة لضمان استمرار التنشئة السليمة".

وأوضح هاشم أن "تعرض الطفل في هذه المرحلة المبكرة للهواتف المحمولة، خاصة الهواتف الذكية، يخلق صداقات افتراضية غير حقيقية ويحرمه من الاحتكاك المباشر بالمجتمع، وهو ما يضعف قدرته على مواجهة المواقف الحياتية المختلفة". وأضاف أن "الاعتماد المفرط على الهواتف الذكية يضيع وقتا كبيرا من حياة الطفل، ويؤثر سلبا على التحصيل الدراسي، وعلى الوقت الذي يجب أن يقضيه مع أسرته، فضلا عن تأثيره على النوم والصحة العامة".

وأشار هاشم إلى أن "الهواتف الذكية بما تحتويه من ألعاب وبرامج تستحوذ على نحو 80% من وقت الطفل، وتخلق له عالما افتراضيا موازيا للعالم الحقيقي، مما يؤدي إلى تشوهات في الشخصية، مثل الانطواء وعدم القدرة على مواجهة الواقع عند الانتقال إلى مراحل لاحقة كالجامعة أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية".

كما حذّر من المخاطر الصحية المرتبطة بالهواتف الذكية، مثل الإشعاعات والذبذبات الناتجة عن الاستخدام الطويل أو وضع الهاتف بجوار الرأس أثناء النوم أو أثناء الشحن، وهو ما قد يؤثر على القدرات العقلية للطفل. لذلك ينصح بترك مسافة لا تقل عن 40 سم بين الهاتف ورأس الطفل، وعدم وضعه تحت الوسادة أو بجواره أثناء النوم.
مناقشة