وقال نتنياهو خلال كلمة: "صادقت على صفقة الغاز مع مصر وهي الأكبر في تاريخ إسرائيل بقيمة 112 مليار شيكل (نحو 35 مليار دولار)، سيدخل 58 مليار شيكل (نحو 16 مليار دولار) إلى خزينة الدولة".
وأوضح نتنياهو أن قرار المصادقة على هذه الصفقة المليارية جاء بعد مشاورات مكثفة لضمان تحقيق جميع المصالح الأمنية العليا لإسرائيل.
وطرح بعض المراقبين تساؤلات عن سبب موقف نتنياهو من إعلان إبرام الصفقة مع مصر بعد مماطلة دامت لأشهر، لا سيما في ظل تمسك الموقف المصري تجاه إسرائيل، والوقوف حائط سد أمام قضية تهجير الفلسطينيين من غزة، والنجاح في إبرام اتفاق وقف إطلاق النار ووقف الحرب.
وأكد ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، أنه بشأن ما نشر وتداولته بعض المنصات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي عن صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل، فإن الاتفاق محل النقاش هو صفقة تجارية بحتة أبرمت وفق اعتبارات اقتصادية واستثمارية خالصة، ولا تنطوي على أي أبعاد أو تفاهمات سياسية من أي نوع.
وأشار في بيان، إلى أن ما جرى هو تعاقد تجاري يخضع لقواعد السوق وآليات الاستثمار الدولي، بعيدًا عن أي توظيف أو تفسير سياسي، وشدد رشوان على أن أطراف الاتفاق هي شركات تجارية دولية معروفة تعمل في قطاع الطاقة منذ سنوات، من بينها شركة "شيفرون" الأمريكية، إلى جانب شركات مصرية مختصة باستقبال ونقل وتداول الغاز، وذلك دون أي تدخل حكومي مباشر في إبرام هذه التعاقدات.
وأعلن أن الاتفاق يأتي في إطار مصلحة استراتيجية واضحة لمصر، تتمثل في تعزيز موقعها باعتبارها المركز الإقليمي الوحيد لتداول الغاز في شرق المتوسط، اعتمادًا على بنية تحتية متقدمة واستثمارات ضخمة في محطات الإسالة وشبكات النقل، وبما يضمن استدامة تشغيل هذه الأصول وتعظيم الاستفادة الاقتصادية منها.
ثبات مصري
أكد محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن إسرائيل وحكومتها هما المستفيد الأول والأخير من صفقة الغاز المبرمة مع مصر، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حاول في البداية ممارسة ضغوط لإرضاخ الإرادة المصرية وإملاء شروطه، إلا أن الموقف المصري الصلب حال دون ذلك.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، نتنياهو سعى منذ البداية لفرض إملاءات ومطالب معينة على الدولة المصرية، لكنه واجه رفضا قاطعا، حيث لم ترضخ مصر في الماضي ولن ترضخ الآن لشروط إسرائيل، مؤكدا أن الثبات المصري أجبر نتنياهو في نهاية المطاف على التراجع واستئناف المفاوضات وفقا للمتطلبات المصرية.
وأضاف رئيس الحزب القومي العربي أن نتنياهو حاول استغلال هذه الصفقة سياسيا عبر "التهليل والتكبير"، واصفا إياها بأنها "الأكبر في تاريخ دولة إسرائيل"، وذلك في محاولة منه للإيحاء للرأي العام الإسرائيلي بأنه حقق إنجازا تاريخيا ضخما، بينما الحقيقة تكمن في أنه اضطر للخضوع لما هو مطلوب منه لضمان إتمام الصفقة التي يعلم جيدا مدى أهميتها ومكاسبها لإسرائيل.
وأوضح كنعان أن محاولات نتنياهو للتمرد على المطالب المصرية وفرض سياسة الأمر الواقع قد باءت بالفشل، لافتا إلى أن الأمور سارت في النهاية كما يجب أن تتم، وبما يحفظ المصالح المصرية دون السماح لنتنياهو بإملاء أي شروط خارجية.
وشدد عضو الكنيست السابق على أن خضوع نتنياهو جاء نتيجة إدراكه العميق لحجم الاستفادة التي ستجنيها إسرائيل من هذه الصفقة، مشيرا إلى أنه رغم كون الصفقات التجارية تعود بالنفع عادة على طرفيها، إلا أن الانكسار السياسي في هذه الصفقة كان من نصيب نتنياهو الذي فشل في صراعه مع الإرادة المصرية.
خطوة مهمة
قال الدكتور مختار غباشي، الأمين العام لمركز "الفارابي" للدراسات السياسية، إن إسرائيل تعتبر توقيع صفقة الغاز مع مصر، على الرغم من تجميدها في وقت سابق، إنجازا مهمًا في هذا التوقيت.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الصفقة وإن كانت لصالح مصر من الناحية الاقتصادية، يعتبرها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خطوة مهمة، حيث وقّع صفقة غاز كبيرة مع مصر، وهي أكبر دولة عربية في المنطقة.
وأوضح أن توقيع الصفقة بالنسبة لإسرائيل خطوة مهمة، في ظل ما تتعرض له من ضغوط عربية ودولية، معتبرًا أن تمنع إسرائيل في وقت سابق عن تنفيذ الصفقة كان لأهداف سياسية.
وفي وقت سابق، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يعتزم السفر إلى القاهرة لتوقيع اتفاقية بمليارات الدولارات، لتزويد مصر بالغاز الطبيعي.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، في أغسطس/ آب 2025، أن شركة "نيو ميد إنرجي" الإسرائيلية، التابعة لمجموعة "ديليك"، وقّعت اتفاقية غير مسبوقة لتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، يمتد تنفيذها حتى عام 2040.
وتمثل هذه الاتفاقية أكبر صفقة تصدير في تاريخ دولة إسرائيل، وتقدر قيمتها بـ 35 مليار دولار، وتعد تحولا استراتيجيا في موقعها الإقليمي كمزود رئيسي للطاقة في شرق المتوسط، بحسب ما ذكرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية.
ووفقا للصحيفة، فإن المرحلة الأولى من الصفقة تتضمن تصدير نحو 20 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من حقل "ليفياثان" إلى السوق المصري خلال الفترة المقبلة.
ومن المتوقع أن تبدأ المرحلة الثانية من الاتفاق فور الانتهاء من توسعة البنية التحتية لحقل "ليفياثان"، أكبر حقول الغاز الإسرائيلية، حيث تتضمن تصدير ما يصل إلى 110 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي، ما يرفع إجمالي الكميات المتفق عليها إلى نحو 130 مليار متر مكعب.
ووفقا للصحيفة، فإن هذه الصفقة تعد امتدادا لاتفاقية تصدير الغاز القائمة بين الجانبين منذ عام 2019، والتي تنص على تصدير نحو 60 مليار متر مكعب من الغاز من إسرائيل إلى مصر.