القاهرة — مروان عبدالعزيز
وخلال زيارته للقاهرة أجري بحاح لقاءات ومقابلات عدة بدأت برأس الدولة المصرية الرئيس عبدالفتاح السيسي، ووزير الخارجية سامح شكري، وكذلك الدكتور الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، إلى جانب عدد من الإعلاميين والسياسيين والكتاب، واختتمها
بزيارة الأستاذ محمد حسنين هيكل صباح الجمعة.
تخللت تلك الزيارة مستويات متنوعة من الحوارات واللقاءات والأحاديث التي حرص عليها نائب الرئيس اليمني، خالد بحاح لدى زيارته إلى القاهرة… لكن تبقى تساؤلات مهمة؛ لماذا أتى بحاح إلى القاهرة؟ وما السر الكامن وراء تلك المقابلات، وفي هذا التوقيت بالتحديد؟ وهل جاء حاملاً لطرح يمني جديد، أو حديث عن أي تقدم في الأزمة، أو حتى عرض مبادرات جديدة يرعاها اللاعب المصري؟ أم أن بحاج جاء يبحث عن دور جديد يتطلع إليه اليمنيون من الشقيقة الكبرى مصر؟ ولماذا في هذا التوقيت؟
ولاستشراف فحوى الزيارة وهدفها، كان من الطبيعي رصد ما سبقها وتزامن معها من تصريحات وبيانات صادرة عن زيارة بحاج إلى القاهرة لدى زيارته.
فكان بيان الوصول الذي حمل عنوان "زيارة رسمية لنائب الرئيس اليمني إلى القاهرة "متضمنًا لعبارات دالة أبرزها أن الزيارة:
"تأتي من منطلق حرص الجمهورية اليمنية على الدور المصري المحوري والنوعي في المنطقة العربية، والتأكيد على المكانة القومية الكبيرة التي تحتلها مصر لدى اليمن".
و"أن بلاده حريصة على بحث السبل الكفيلة بتفعيل العلاقات مع الحكومة المصرية، والعمل على تطوير التعاون المشترك في المجالات كافة بما يخدم المصالح الاستراتيجية للبلدين الشقيقين",
ولدى استقبال الرئيس السيسي لبحاح صدر بيان اللقاء متضمنا نقاطا مهمة أبرزها
"أننا نرى أن تشكيل قوات عربية موحده، هي فكرة صائبة وستدعم المحافظة على الأمن القومي العربي والحفاظ على أمن واستقرار المنطقة".
و"طالب بحاح القيادة المصرية العمل على تفعيل اللجنة العليا المشتركة اليمنية المصرية، التي عقدت آخر اجتماع لها في العام ٢٠٠٨".
و"أعرب بحاح عن أمله في أن يكون لمصر دور ريادي في دعم العملية السياسية في اليمن، وذلك للاعتبارات التاريخية التي تمثلها العلاقات اليمنية المصرية".
كما خرج بيان المتحدثين الإعلاميين اليمنيين الذي صدر عقب الجلسة التشاورية لمجلس الجامعة العربية ولقاء بحاح بالعربي لا يختلف كثيرا عن البيانات الاعتيادية التي تطالب بتنفيذ قرارات مجلس الامن وتنفيذ أجندة مؤتمر الرياض.
من خلال القراءة المتأنية والدقيقة لهذه البيانات، التي احتوت في معظمها على عبارات تشبه "تطلع الإدارة اليمنية ألى أن تقوم مصر.."، "وطالب بحاح القيادة المصري بـ… و…" "وأكد بحاح أن بلاده حريصة على الدور المصري".
من خلال تحليل هذه العبارات ستجد أن زيارة بحاح إلى القاهرة لم تنطو على أي طرح يمني جديد بشأن الأزمة، ولم تستهدف تقديم معلومات جديدة تمتلكها إدارته حول الأزمة اليمنية وتطوراتها، بقدر بحث المسؤول اليمني وسعيه إلى التعرف على "موقف مصر".
ففي اللقاء الذي جمع السيد بحاح بعدد من المفكرين والإعلاميين المصري مساء الخميس أكد أن القيادة اليمنية تري ضرورة أن يكون هناك تقاربا وتشابها في الموقف المصري السعودي تجاه الأزمة اليمنية، وأن اليمنيين يريدون دوراً مصريا أكثر فعالية خلال الفترة المقبلة لحلحلة الوضع داخل اليمن المنهار.
رسائل عدة حملتها زيارة بحاح الى القاهرة قد تكون غير مرأية للمواطن العادي، لكنها على الصعيدين السياسي والدبلوماسي تحمل دلالات كبيرة؛
أولاها، أن القيادة اليمنية في الرياض يبدو سقف توقعاتها حيال مفاوضات جنيف منخفضاً للغاية.
والرسالة الثانية، أن الدور السعودي في الأزمة ليس مجدياً ولا يقدم أي حلول.
أما الرسالة الثالثة، التي ربما تكون الأكثر أهمية، أن القيادة اليمنية التي تعمل من الرياض ربما تبحث عن دور مصري جديد خلال المرحلة المقبلة يختلف عن دورها في الفترة السابقة. وهذا ما ستظهره الأيام المقبلة.
فهل تتمكن زيارة بحاح الى مصر أن تحدث تقارباً بين الموقف المصري والسعودي تجاه الأزمة اليمنية أم أن المواقف ستبقى على حالها دون تغيير؟.. هذا ما ستجيب عنه الفترة المقبلة.