وأكد أوغلو أن الهدف من الجولة الأولى هو تبادل المشاورات ووجهات النظر بين كافة الأطراف، وأن الجولة الثانية المقرر أن تبدأ لاحقاً ستشمل إلى جانب الأحزاب، منظمات المجتمع المدني، بينما عبّر أردوغان عن اعتقاده بأن الأحزاب السياسية الثلاثة الممثلة في البرلمان (الشعب الجمهوري والحركة القومية والشعوب الديمقراطي)، ستقيّم نتائج مشاورات الجولة الأولى، وبالتالي تحديد الأحزاب التي يمكن أن تنخرط في مشاورات جديدة.
واللافت أنه بعد انتهاء الجولة الأولى من مشاورات أوغلو مع قادة الأحزاب، بدأ الترويج لفكرة الدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة، حيث ذكرت وسائل الإعلام التركية الرسمية أن أوغلو أجرى اتصالات مع رؤساء مكاتب حزب "العدالة والتنمية" في جميع الولايات التركية، ووجه بالاستعداد لانتخابات برلمانية مبكرة، رغم تأكيده الاستمرار في مشاورات تشكيل الحكومة.
كذلك أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه "في حال فشل جميع المحاولات الرامية لتشكيل حكومة ائتلافية، فسيتم العودة لأخذ رأي الإرادة الوطنية في انتخابات مبكرة".
وطبقا للدستور التركي، فإنه في حال فشل رئيس الحزب الحاصل على أكبر نسبة أصوات في الانتخابات البرلمانيةـ العدالة والتنمية ـ في تشكيل الحكومة الائتلافية، تذهب المحاولة تدريجياً إلى الحزب الثاني في الانتخابات، وهذا يعني أن حزب الشعب الجمهوري يمكنه تشكيل الحكومة، كما يجور لرئيس الجمهورية التدخل والإعلان عن انتخابات جديدة خلال 45 يوما، من بدء مشاورات تشكيل الحكومة، استنادا إلى أن الأحزاب ترفض التعاون في تشكيل حكومة ائتلافية.
وبدأت مشاورات تشكيل الحكومة، الاثنين 13 يوليو/تموز الجاري، بلقاء أوغلو مع رئيس حزب "الشعب الجمهوري" كمال كليتشدار أوغلو، ثم في اليوم التالي مع رئيس حزب "الحركة القومية" دولت بهتشيلي، ثم مع رئيس حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي، صلاح الدين دميرتاش.
يشير المشهد العام في تركيا إلى وجود معارضة قوية للحزب الحاكم، كانت واضحة في تراجع شعبيته في الشارع التركي وخسارته الأغلبية دفعته إلى تشكيل حكومة ائتلافية بعد أن ظل منفردا بتشكيلها منذ عام 2002، هذا فضلا عن عدم تمكنه من إعادة كتابة دستور جديد للبلاد يسمح بالتحول من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.
وأعلن حزب الشعوب الديمقراطي، الكردي، أنه لن يدخل في حكومة تضم "العدالة والتنمية"، ويعارض حزب "الشعب الجمهوري" فكرة التحول من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي الذي يتمسك به "حزب العدالة والتنمية" ويرفض حزب "الحركة القومية" أي دور سياسي للأكراد، ومعتبراً أن "العدالة والتنمية" مسؤول عن المشاركة السياسية للأكراد وظهور حزب كردي في البرلمان لأول مرة.
كذلك ترفض كافة أحزاب المعارضة سياسة أردوغان تجاه الأزمة السورية، وبالتالي فلن تمنحه الانفراد بصناعة القرار السياسي التركي في المرحلة القادمة.
الخطوط الحمر للمعارضة والحزب الحاكم، ظهرت بوضوح خلال اختيار رئيس البرلمان الجديد، حيث فشلست محاولات التوافق على الرئيس، وبنص القانون استطاع حزب "العدالة والتنمية" الفوز بالمنصب بعد أن حصل مرشحه على الأغلبية الأصوات من بين المرشحين الآخرين.
ويبدو أن الحزب الحاكم الذي يتزعمه رئيس الجمهورية سيجد في نصوص الدستور المخرج من مأزق تشكيل الحكومة الائتلافية، وأن تمسك الأحزاب بمطالبها من شأنه انتهاء المدة المحددة دون تشكيل الحكومة، الأمر الذي يؤدي إلى تدخل أردوغان بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، بذريعة فشل التوافق على الحكومة الجديدة، وأملا في أن يتمكن حزبه هذه المرة في تحقيق الأغلبية اللازمة حتى يتجاوز الخطوط الحمر للمعارضة.