ونادرا ما تخلو مباراة بين الفريقين من الجدل الذي يبدأ قبل المبارة بأيام، ويستمر بعد انتهاء المباراة لأيام أخرى، وقد تحظى مباراة بجدل قد يمتد لسنوات، ليكون شاهدا على تفوق فريق على حساب آخر، أو على تعرض فريق للظلم، مقابل تحيز واضح لآخر. وفي المباراة التي جرت على استاد هزاع بالإمارات العربية، قام لاعب النادي الأهلي رمضان صبحي بالوقوف على الكرة بكلتا قدميه كنوع من الاستعراض — ويبدو أنها من الحركات التي تعجب جماهير الكرة من مشجعي النادي الأهلي — احتفالا بتقدم فريقه على فريق نادي الزمالك خلال المباراة. وفي رد فعل فوري، غضب بعض لاعبي الزمالك، حتى من غير المشاركين في المباراة، وبعض الاداريين، وعبروا عن هذا الغضب بنزول الملعب.
ما كان غريبا هي ردود الأفعال المبالغ فيها من قبل الجماهير، ومن يطلقون على أنفسهم خبراء، في حين أن هناك تصرفات أكثر سوءا وسفالة تمر دون أن يعلق أحد، سواء من مسئولين أو لاعبين. ولو تكرر هذا الموقف من لاعب من نادي الزمالك، سيغضب لاعبي الأهلي، وقد يتكرر نفس المشهد بالضبط. ولو جامل حكم فريقا سيكون الأمر عاديا لمن كان الخطأ في صالحه، ويكون في عين الفريق الآخر ومشجعيه جريمة بشعة. هذه الازدواجية لا تقتصر فقط على الأهلي أو الزمالك، أو كرة القدم فقط، لكنها تمتد لتشمل كل نواحي الحياة، في بلد تعاني شريحة كبيرة من أفراده من الجهل، المرض، الفقر. ما يميز كرة القدم أنها أكثر ديمقراطية من غيرها، لأن الجماهير ترى كل شيء، وهي على تواصل مباشر مع أنديتها، تهابها مجالس الإدارات، وهناك جمعية عمومية لها الحق في اسقاط مجلس الإدارة في حالة التقصير، أو جلب الخسائر على النادي. ويبدو أن كرة القدم لا زالت متنفسا هاما للمصريين، ومصدرا للبهجة العزيزة، حتى ولو كانت مؤقتة، قد يتصارع الناس عليها في لحظات بعينها، لكن في النهاية الجميع على نفس المركب سواء.
(المقالة تعبر عن رأي صاحبها)