أصبح معظم الناس، اليوم، يستخدمون الإنترنت بشكل يومي، هذا بالطبع تطور رائع أدخل الجميع في العصر الرقمي من بابه الواسع، وأحدث ثورة كاملة في طريقة التفكير وحتى في تفاصيل حياتنا اليومية. يمكننا الآن أن نتواصل فورا مع أي شخص في أي مكان في العالم. أما في السابق كان الأمر يستغرق أياما أو ربما شهورا حتى تصل رسالة خطية من مكان إلى مكان، حتى داخل الدولة الواحدة، ثم الانتظار لأيام أخرى أو شهور حتى يأتي الرد. الأمر الآخر أن الإنترنت أتاح البحث عن أي معلومة على نحو سهل وسريع.
ومن الآثار السلبية الكبيرة للإنترنت، أنها خلقت أنواعا جديدة من الجرائم ومن المجرمين، مثل سارقي الكتب، الأعمال الإبداعية، الموسيقى، الأفلام، الحسابات البنكية، المهربين، تجار الأطفال… وغيرها من الأعمال المخالفة للقانون. كما أن للإنترنت — كما يقول بعض الباحثين الاجتماعيين وعلماء النفس — تأثير سلبي على استقرار الأسر والعلاقات الإنسانية، وتتيح للمرضى والمهوسين فرصا رائعة لتوجيه ضربات موجعة للمجتمع، الذي يعتبرونه سببا مباشرا فيما وصلوا إليه. وأشار الخبراء أيضا إلى أن التركيز مع الإنترنت يقلل إمكانية التفكير المتأني العقلاني، ويشجع على التفكير السطحي الخالي من المعنى، ويفتح المجال أمام مهاويس الجنس والتحرش لممارسة ما يحقق لهم إشباع ما، كما أنه وسيلة فعالة للاستغلال والابتزاز الاجتماعي والجنسي. كما أن هناك تأثيرات سلبية كبيرة على اللغة واستخدامها، حيث يساعد الاستخدام المفرط للإنترنت، والتركيز على اللحاق بركب التعليقات والتدوينات، على تثبيت أنماط سطحية من التفكير والكتابة.
هناك أمر آخر خطير وهو تأثر مفهوم الخصوصية عند العديد من الناس، فأمور تخص العمل والحياة الخاصة تتم مناقشتها على صفحات الشبكات الاجتماعية، والمدونات، المنتديات بشكل فاضح أحيانا أدى في كثير من الأحيان لخسارة الناس لوظائفها، وتدمير أسر وعلاقات اجتماعية مع الأقارب أو الأصدقاء. ثم أن الإنترنت سمح للجميع بالكلام في أي موضوع وترويج الشائعات، وفي كثير من الأحيان يكون الكلام بلا سند، أو أن من يتحدث لا يملك المؤهل لذلك. ورغم هذا فهناك العديد من الإيجابيات، وذكرنا بعضها، مثل النهايات السعيدة لقصص الحب الافتراضية التي تمحو أحيانا آثار العبث والعدوان النفسي والفكري.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)