وفي هذا الإطار كان لمراسل "سبوتنيك" هذا الحوار مع أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتورة نورهان الشيخ.
سبوتنيك: ما هي قراءتكم للمفاوضات التي تجري بين تركيا وإسرائيل حول تطبيع العلاقات في كافة المجالات؟
نورهان الشيخ: لا شك أن السياسة الخارجية التركية وضعت البلاد في عزلة، وجعلها محاصرة بدول أصبحت غير صديقة، حيث تدخلت في شمال العراق، فتوترت العلاقات بين البلدين، كذلك تدخلت في الأزمة السورية ثم أسقطت الطائرة الروسية "سو 24"، والمجال الحيوي لتركيا يشهد توترات شديدة، بسبب سياسة الحكومة في أنقرة، إلى جانب التوتر التقليدي مع اليونان وقبرص وأرمينيا ومصر، وأنها تسعى من خلال تطبيع العلاقات مع إسرائيل كسر العزلة، بعد أن أصبحت حبيسة أزماتها التي خلقتها بنفسها، ولم يخلقها أحد من دول الجوار المباشر وغير المباشر.
إسرائيل وتركيا تتبنيان سياسة برغماتية، وبينهما تعاون مسبق لسنوات، ويبدو أنهما في الطريق إلى التوصل إلى اتفاق حول تطبيع العلاقات.
سبوتنيك: كيف يمكن أن تؤثر المفاوضات على الموقف التركي من القضية الفلسطينية؟
نورهان الشيخ: كل تيارات الإسلام السياسي بمن فيهم حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، يطلقون الكثير من التصريحات المعادية لإسرائيل وهي متناقضة مع سياستهم الحقيقية، حيث يتم تنفيذ سياسات أخرى على أرض الواقع، وقد شهدت مصر تلك السياسة خلال حكم جماعة "الإخوان المسلمين".
هذه هي حقيقة تيارات الإسلام السياسي، في كافة دول المجتمع الدولي، خصوصاً في تركيا، حيث يعتبر أردوغان جزءا منها وامتدادا طبيعيا لهذه السياسات في المنطقة.
سبوتنيك: حول مدى تأثير الاتفاق على علاقات إسرائيل بالدول التي بينها خلافات مع النخبة الحاكمة في تركيا؟
نورهان الشيخ: إسرائيل دائما خارج نطاق المعادلات السياسية الطبيعية، بحكم نشأتها وسياستها وتوجهاتها، والدعم الأمريكي المتواصل، خصوصاً وأن الحكومة الإسرائيلية تدير علاقاتها مع كافة الدول بشكل براغماتي وعلى أسس مصلحية عالية جداً، ومن الصعب توتر العلاقات بشكل كبير، إلا مع الدول العربية بسبب السياسة تجاه الفلسطينيين واستمرار الاحتلال والاستيطان.
سبوتنيك: في تقديركم، هل إسرائيل مستعدة للقبول بوجود تركي في قطاع غزة، وما يمكن أن يكون سبباً في توتر العلاقات السياسية مع مصر؟
نورهان الشيخ: الدعم التركي لحركة "حماس" كبير وواضح، وتركيا بالفعل موجودة في قطاع غزة من خلال هذا الدعم المتواصل.
ومن شروط إسرائيل لتطبيع العلاقات مع تركيا، أن تقوم أنقرة بالإجراءات اللازمة لتحجيم "حماس" وتخفيف الدعم المقدم للحركة، والذي بدأ ملحوظا بشكل كبير منذ عام 2011 مع بداية ما يعرف بـ "الربيع العربي"، وبالتالي فالمتوقع هو رضوخ النخبة الحاكمة في تركيا للشروط الإسرائيلية، وسيشهد الدعم المقدم لحماس في قطاع غزة تراجعاً نسبياً خلال المرحلة القادمة.
سبوتنيك: هل يمكن أن تؤدي المفاوضات إلى رفع الحصار عن قطاع غزة؟
نورهان الشيخ: تركيا تخوض المفاوضات مع إسرائيل وهي في موقف الضعيف، وتحتاج إسرائيل بشكل ملح، وهي التي طلبت فتح الحوار، وحريصة على التوصل إلى اتفاق، وهي التي ستقدم التنازلات للتوصل إلى تطبيع العلاقات في كافة المجالات للخروج من أزمتها الحالية، وستخضع للشروط الإسرائيلية والتي من بينها الحد من الدعم المقدم لحركة حماس، حتى تنال رضا إسرائيل.
أجرى الحوار أشرف كمال