ويبدو السودان صورة حية لما تقوم به الولايات المتحدة من انتهاكات لقواعد القانون الدولي المعاصر والقانون الدولي الإنساني، وميثاق الأمم المتحدة، بما يحمله المشهد من تداعيات على الشعب الذي يعاني من الحصار الاقتصادي الذي تفرضه واشنطن منذ عام 1997.
ودعا وزير العدل السوداني، عوض الحسن النور، إلى تعويض بلاده عن العقوبات القسرية الأحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة على السودان منذ سنوات طويلة، واصفاً ممارسات واشنطن بـ "غير الشرعية"، وفق قواعد الأمم المتحدة التي تمنع اتخاذ أي تدابير يمكن أن تلحق الضرر بأوضاع حقوق الإنسان.
ولفت وزير العدل، خلال الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، إلى أن ضعف جهود السودان في مجال حقوق الإنسان بسبب تلك الممارسات والعقوبات التي تفرضها واشنطن على البلاد منذ أكثر من عقدين.
وذكر تقرير منسق الأمم المتحدة، المعني بدراسة الآثار السلبية للعقوبات القسرية الأحادية المفروضة على السودان، إدريس الجزائري، الصادر، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قد أكد أن الإجراءات الشاملة المفروضة على السودان غير مناسبة مع تطور سياسة الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان.
ودعا التقرير إلى إجراء حوار بين الحكومة السودانية والإدارة الأميركية، وطالب واشنطن بتحديد سقف زمني لإنهاء العقوبات المؤثرة بشكل سلبي على قطاعات مختلفة، مضيفاً أن الأمم المتحدة تتجنب العقوبات الشاملة التي لها تأثير مباشر على المواطنين.
وتفرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على السودان منذ عام 1997، واعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما في رسالته للكونغرس، في نوفمبر/تشرين الثاني، أن الوضع في دارفور يشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية، وأن سياسات وممارسات الحكومة السودانية ما زالت تشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وأصدر الرئيس الأمريكي السابق بل كلينتون قرارا، بموجب القانون الأمريكي للطوارئ الاقتصادية تم بموجبه تجميد الأصول المالية السودانية، ومنع تصدير التكنولوجيا الأمريكية للسودان وإلزام الشركات الأمريكية والمواطنين بعدم الاستثمار أو التعاون الاقتصادي مع السودان، فضلا عن تجميد الأصول والممتلكات السودانية في الولايات المتحدة، وإيقاف التداول والتبادل التجاري مع السودان.
وتشير التقارير الرسمية إلى أن العقوبات المفروضة على السودان، تؤثر سلباً على التنمية الاقتصادية للبلاد، وأن نسبة الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد السوداني بسبب العقوبات تتجاوز الـ 4 مليار دولار سنوياً، فضلا عن توقف قطاعات مختلفة ومهمة لانتشال الاقتصاد من أزمته التي اشتدت عقب انفصال الجنوب عام 2011، وتراجع إنتاج النفط، ولجوء الحكومة إلى الاستيراد لسد الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في ارتفاع أسعار الوقود وسلع أساسية أخرى.
وتستمر العقوبات الاقتصادية رغم التقارير الأمريكية الصادرة من الكونغرس ووزارة الخارجية، والتي تشير إلى تعاون السودان في مكافحة الإرهاب، بينما تعتبر الحكومة السودانية أن العقوبات لها دافع سياسي وتستهدف الإضرار بمصالح شعب السودان وممارسة المزيد من الضغوط على الحكومة لتقديم تنازلات بشأن مواقفها السياسية، خاصة تلك التي تتصل بمشاريع الهيمنة الأمريكية في المنطقة.