ارتكبت الحكومة السعودية العديد من الأخطاء الاقتصادية، بالتوازي مع توجهاتها السياسية الجامحة، التي ستؤدي لا محالة إلى مشاكل جمة، على المملكة مواجهتها، وقد ألمح المراقبون والخبراء إلى تدهور إداري أصاب الحكومة السعودية، ربما غير مسبوق في تاريخ المملكة.
وقد كان قرار المملكة العربية السعودية بخفض سعر النفط في العام الماضي، كما يرى أمبروز بريتشارد في صحيفة التلجراف، قرارا خاطئا تماما، حيث أرادت السعودية من خلاله إغراق السوق بإنتاج غزير يواجه إنتاج النفط الصخري في أميريكا.
الأمر الآخر، هو أن السعودية أرادت ضرب الاقتصاد الروسي من خلال تخفيض أسعار النفط وإغراق السوق بالإنتاج مما سيؤدي بالضرورة إلى ضرب عائدات روسيا من النفط في مقتل، وانخفاضها بمقدار 40 مليار دولار. وذلك نظرا لأن الاقتصاد الروسي يعتمد بنسبة 70% على عوائد النفط والغاز. وقد ذكرت بعض المصادر أن الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية سبق وأن عقدا صفقة مماثلة من قبل أيام الاتحاد السوفييتي، ونتج عن خفض أسعار النفط في ذلك الوقت خسائر فادحة للاقتصاد السوفييتي مما أدى إلى انهياره.
لكن المملكة العربية السعودية فشلت هذه المرة في تحقيق أي من الهدفين، فكما فشلت في القضاء على صناعة النفط الصخري، فشلت كذلك في ضرب روسيا، والنهاية بقيت روسيا صامدة، بل أنها انتصرت على الولايات المتحدة والحلفاء من خلال تدخلها الناجح في سوريا، وحققت بذلك توازنا استراتيجيا إيجابيا على الجبهة الأوكرانية.
يقول خبراء الاقتصاد أن التصرفات السعودية الأخيرة ستؤدي إلى عجز في الموازنة سيلتهم احتياطيها المالي تماما، وقد يؤدي إلى انهيار اقتصادي طويل الأمد. لكن الخبراء أيضا يؤكدون أن الأمر لا يقتصر فقط على قرارات اقتصادية معينة، إنما على نظام كامل في حاجة لإعادة هيكلة كاملة. وفي ظل انشغال السعودية بأمور بعيدة عن الداخل المرهق بالفعل، فإنها توجه طاقتها للاستنزاف في اتجاه قضايا مشتعلة لا تعود في الحقيقة بالنفع المباشر عليها ولا على المنطقة بأسرها.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)