يأتي هذا الإعلان السعودي بعد أيام من قار وقف المساعدات المقررة لتسليح الجيش اللبناني عن طريق فرنسا، وقدرها 3 مليارات دولار أمريكي، إلى جانب إيقاف ما تبقى من مساعدة المملكة المقررة بمليار دولار أمريكي المخصصة لقوى الأمن الداخلي اللبناني.
الإمارات العربية المتحدة، والكويت والبحرين، على خطى السياسة السعودية، أعلنت الأولى عن تخفيض أفراد بعثتها الدبلوماسية في بيروت الى حدها الأدنى، ورفع درجة التحذير لمواطنيها إلى المنع من السفر إلى هذا البلد العربي.
بينما ناشد بيان السفارة الكويتية في بيروت الرعايا الكويتيين على مغادرة بيروت، وكذلك المتواجدين إلى آخذ الحيطة والحذر في تنقلاتهم وتجنب الأماكن غير الآمنة والتواصل مع السفارة والتنسيق معها عند الضرورة حفاظا على أمنهم وسلامتهم.
وجددت وزارة خارجية البحرين، طلب مواطنيها عدم السفر نهائياً إلى لبنان، كما ناشدت المواطنين المتواجدين في لبنان بضرورة المغادرة فوراً وعدم البقاء في لبنان.
كثير من الأسئلة المطروحة كرد فعل طبيعي من تلك الممارسات أو السياسات أو القرارات المفاجئة ضد الشعب اللبناني، لماذا كل هذه الهجمة على لبنان الذي يحتاج في هذا التوقيت إلى التضامن العربي لتجاوز الأزمة السياسية والفراغ الرئاسي، ومواجهة الإرهاب والتطرف، وتداعيات استقبال اللاجئين السوريين، إلى جانب الانتهاكات اليومية التي تمارسها القوات الإسرائيلية على السيادة اللبنانية، والتهديد المتواصل لأمن واستقرار هذا البلد العربي.
ولماذا لا يترك للشعب اللبناني الحرية في اختيار سياسته وتوجهاته بعيدا عن الضغوط التي تمارس عليه في تلك المرحلة الفارقة من تاريخه، وما هي الأخطار التي تستدعي التحرك المفاجئ لمنع المواطنين من السفر، وفرض مزيد من القيود على الاقتصاد اللبناني، في الوقت الذي عاد إلى بيروت رئيس الوزراء الأسبق، سعد الحريري بعد غياب طويل.
وفي هذا الإطار يقول المحلل السياسي الخبير في الشون السياسية والدولية في إيران، صباح زنجنة، في حديث لـ "سبوتنيك" اليوم الاربعاء، أن المملكة العربية السعودية تمارس أسوأ أنواع الدبلوماسية في العلاقات بين الشعوب والدول، وانها تحاول الاستفادة من هذه السياسة وتثير الفتنة بين مكونات الشعب اللبناني، واستغلال ما تقدمه من مساعدات لتحقيق مصالحها على حساب مصالح الشعب اللبناني.
ولفت إلى أن القيادة السعودية تحاول تصحيح أخطاء سياستها على حساب الشعب اللبناني، وان ما تقوم به في لبنان يعتبر تدخلا واضحاً في الشؤون الداخلية للشعب اللبناني.
ولفت إلى أن التكتلات السياسية في لبنان قادرة على حل مشاكلهم في حالة رفعت السعودية يدها عن مسار الأحداث في هذا البلد العربي. التدخل السعودي والضغط أو الفيتو الذي تفرضه على أحزاب وشخصيات لبنانية يجعل من المشهد اللبناني، والحراك السياسي يتوقف محله ويراوح مكانه، وأن رفع السعودية يدها عن الشعب اللبناني ستسير كافة الأمور بشكل إيجابي.
وحول الموقف الإيراني من الأحداث في لبنان، أوضح الخبير في السياسية الدولية، أن إيران لديها علاقات وأصدقاء في لبنان، وهي لا تمارس معهم تلك السياسة التي تمارسها السعودية. إيران تعتقد أن الشعب اللبناني قادر على تسوية مشاكله بنفسه دون تدخل الآخرين، وهي لا تضع فيتو على أي جهة في لبنان، وان اللبنانيين يملكون الاستقلالية في اتخاذ القرار.
المشهد اللبناني بكل ما يحمله من تحديات على الصعيد الداخلي والأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، يطرح السؤال الأبرز ما هو المطلوب من لبنان؟ وما فائدة كل هذه الضغوط التي تمارس على شعب يحتاج كل دعم ومساعدة من الأشقاء والأصدقاء وتضافر كل الجهود حتى يتجاوز المرحلة؟.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)