تذكر الشاب الثلاثيني فرحته عندما سمع تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما: "إننا نشهد على بداية فصل جديد في تاريخ البلد العظيم والحليف القديم للولايات المتحدة الأمريكية"، وتأكيد أوباما على أن التحول في مصر يجب أن يكون سلميا ومنظما للتخلص من ثلاثة عقود من حكم مستبد نحو ديمقراطية حقيقية…
الثعلب كيسينجر ودمار الشرق الأوسط
ذكر هنري كيسينجر السياسي الأمريكي المخضرم، ووزير الخارجية الأسبق، في عدة لقاءات صحفية، أن ما حدث ويحدث في الشرق الأوسط ليس من قبيل المصادفة، ولا يستهدف وإنما يتماشى مع ما خططت له الولايات المتحدة وإسرائيل في سبيل السيطرة على منطقة الشرق الأوسط تماما، ومحو أي تهديد لمصالحها في المنطقة من خلال خلق صراعات تحرق الجميع.
وفي سياق أحاديثه التي أدلى بها لوسائل إعلام مختلفة، أشار كيسينجر إلى دولة إيران كهدف أساسي للولايات المتحدة وإسرائيل يجب القضاء عليه، ثم حدد ست دول أخرى سيتم حرقها من خلال صراعات إقليمية تجهز على مقدراتها تماما، وتجعلها صيدا سهلا يمكن السيطرة عليه بسهولة بعد ذلك.
ويقول التاريخ إن هذا الرجل كان له دور فعال في الصراع العربي الإسرائيلي، حيث كان واضع حجر الأساس لخطة السلام مع إسرائيل، التي مهدت الطريق لإسرائيل للحصول على مزيد من الوقت لتحقيق التفوق على الدول العربية على كافة الأصعدة. ويذكر أن كيسينجر كان أستاذا لعدد من قادة إسرائيل حين كان يحاضر في جامعة هارفارد، منهم بيريز ورابين ودايان.
ومن براعة كيسينجر وقدرته على الإقناع، نجح في تحويل إسرائيل نحو التصالح مع الأغلبية السنية من العرب، وأن تبتعد عن الاكتفاء بعلاقات وطيدة مع الأقليات فقط. وقد أشار كيسينجر أيضا، في معرض حديثه، إلى السيطرة على الغذاء في الدول المستهدفة في الشرق الأوسط، مع خلق صراعات صغيرة بينها، ستجعل المنطقة كلها تحت أمرة الولايات المتحدة الأمريكية.
روسيا والصين
الولايات المتحدة والربيع العربي
قال الباحث والصحفي ويليام أنجدال أن ما سمي بـــ"الربيع العربي" استهدف بالدرجة الأولى ضرب منطقة الشرق الأوسط بأكملها تحت شعار نشر الديمقراطية ومحاربة الإرهاب، سبقه خطوات عملية بدأت بالفعل في فترة حكم الرئيس جورج بوش الابن، حيث كان احتلال أفغانستان والعراق بمثابة تمهيد عملي لهذا الهدف. واستهدفت الولايات المتحدة كذلك خلق منطقة عازلة تمنع كخندق مشتعل لا يسمح بوجود أي تواصل بين دول المشرق والمغرب والجنوب، تمثل فيه إسرائيل النقطة المضيئة الوحيدة في المنطقة، وحلقة الوصل المضمونة. فلقد رأت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، الذي قرر الانضمام للطرف الأقوى، على حد قول هنري كيسينجر، ضرورة في السيطرة على مقدرات المنطقة بأكلمها بالوكالة ودون تكبد أية خسائر، فالمال من دول النفط، والمقاتل من الإرهابيين الموتورين.
والولايات المتحدة لم تجد أدنى مشكلة في التخلص من حلفاء لها لأن المرحلة الجديدة تتطلب نوعا مختلفا من الرجال. ورغم أن المحاولات الأمريكية التي بدأها جورج بوش لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد ما زالت سارية على قدم وساق، إلا أنها شهدت تيارا معاكسا نظرا لانكشاف توجهات الإدارة الأمركية الحقيقية، ولذا حاول باراك أوباما خلق حالة من السلم بين الولايات المتحدة ودول العالم الإسلامي، فكانت زيارته الشهيرة لمصر، وخطابه العاطفي لمغازلة دول العالم الاسلامي، لتستبدل الولايات المتحدة العنف بالنعومة، وتستخدم وسائل أخرى لضرب دول الشرق الأوسط المستهدفة.
ولكن مع تواصل الأخطاء التي ترتكبها الإدارة الأمريكية ومعسكرها، وتيار الوعي الذي صار ينتشر بسرعة كبيرة بين فئات الشعوب العربية والمختلفة، بالإضافة إلى انكشاف المخططات الأمريكية في المنطقة، كل هذا أدى إلى خلق حالة من الرفض الشعبي المتزايد لأفعال الولايات المتحدة الأمريكية ومعسكرها، ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم كله، وهو ما يشير إلى تغيير جذري في الوعي الجمعي للشعوب في عالم جعلته التكنولوجيا بلورة صغيرة سحرية لا تخفي شيئا.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)