وفي ضوء التحديات المختلفة خاصة التي تواجه مصر، وزيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى روسيا، كان لمراسل "سبوتنيك" هذا الحوار مع المدير التنفيذي للمجلس، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير عزت سعد.
سبوتنيك: السيد وزير الخارجية سامح شكري يبدأ زيارة رسمية إلى موسكو اليوم، كيف يمكن أن يؤثر التوافق المصري الروسي على مسار الأحداث في منطقة الشرق الأوسط.
عزت سعد: الزيارة تأتي في سياق التعاون والتنسيق المشترك بين البلدين، وكما هو معلوم كان هناك اتصال هاتفي مؤخراً بين الرئيسي بوتين والسيسي، تلاه اتصال بين وزيري خارجية البلدين، والعلاقات ممتدة ومتواصلة وزيارات متبادلة ومستمرة، في إطار متابعة الملفات المختلفة سواء كانت سياسية أو اقتصادية وسياحية.
ومن المؤكد أن الملف السوري واليمني والليبي في مقدمة الملفات التي سيتم مناقشتها بين وزيري خارجية مصر وروسيا، والجميع يلاحظ أن هناك قدر من الانفراج في الأزمة السورية، وهناك توافق بين جميع الأطراف بأن عملية وقف الأعمال العدائية تسير بشكل لا بأس به، وتوصيل المساعدات الإنسانية للسكان يجري بانتظام، المفاوضات سوف تبدأ اليوم في جنيف، وهناك ما يمكن البناء عليه في الواقع.
سبوتنيك: مصر عضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي، ولها دورها في منطقة الشرق الأوسط وجامعة الدول العربية، هل يمكن أن تكون هناك مبادرة مصرية في إطار تسوية سياسية للأزمة السورية؟
عزت سعد: ربما، أنا لست على علم بما إذا كان هناك مبادرة من عدمه، ولكن يجري التنسيق والتعاون بشأن كل هذه الملفات في إطار مجلس الأمن الدولي بحكم العضوية غير الدائمة لمصر.
روسيا بدورها حريصة على تعزيز الدور الإقليمي لمصر في كل هذه الملفات، لذلك يجب تفسير الزيارة والاتصالات التي تجري بين المسؤولين في البلدين في إطار حرص موسكو على تعزيز الدور الإقليمي لمصر بحكم إرث كبير، يقول إنه لا يمكن على الإطلاق تجاهل الدور المصري في قضايا الإقليم.
سبوتنيك: في ضوء اختيار وزير الخارجية المصري الأسبق أحمد أبو الغيط أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، هل تتوقع دوراً أنشط للجامعة العربية في ضوء التحديات التي تواجه المنطقة؟
عزت سعد: كما هو معلوم أن الأمين العام لأي منظمة دولية، هو بمثابة الرئيس الإداري للمنظمة، وأن المنظمة إن أرادت أن تلعب دوراً في ساحتها أو في الساحة الدولية فإن الأمر يتوقف على الإرادة السياسية للدول الأعضاء، وبدون توافر هذه الإرادة السياسية، لا اعتقد أن أي أمين عام حتى لو كان السيد أحمد أبو الغيط، الدبلوماسي المتميز ولديه سجل حافل بالإيجابيات والمبادرات، سيكون من الصعب عليه إنجاز الكثير بدون توافر الإرادة السياسية للدول الأعضاء لعمل شيء.
اعتقد أنه على الدول الأعضاء في الجامعة العربية أن يعيدوا النظر بشكل كامل في الآليات الحالية للعمل العربي المشترك، وعليهم أن يدروا أيضا أن التحديات كبيرة وخطيرة وأن بعض الدول الأعضاء مهددة بخطر التقسيم وجميعاً يعلم ذلك، ولذلك على هذه الدول أن تعطي الأولوية لتحديات الإرهاب وضرورات الاستقرار والأمن من خلال نظام أمني جماعي عربي يحمي الدول العربية من أي تدخل خارجي.
سبوتنيك: الرئيس الروسي أعلن عن بدء انسحاب القوات الرئيسية من سوريا، ما هي التداعيات السياسية لقرار روسيا سحب القوات الرئيسية من سوريا، وتقييمكم لدور القوات الروسية في محاربة الإرهاب في سوريا؟
عزت سعد: القرار أثار ردود أفعال إيجابية من مختلف الأطراف الإقليمية والدولية والمعارضة السورية رحبت بهذا القرار، باعتبار أنه يمكن أن يعطي دفعة للعملية السياسية التي تجري في جنيف، حتى بعض الدول الأعضاء مثل فرنسا أكدوا أن الضربات الروسية في سوريا موجهة الآن في "داعش"، وأن هذا الانسحاب خلق أجواء إيجابية على أمل أن يقود إلى دفع العملية السياسية، وعلينا أن ننتظر إلى ما سيكون عليه العمل السياسي في جنيف خلال الأيام القليلة القادمة.
قرار انسحاب القوات الروسية خطوة أرادت أن توكد بها روسيا ليس بغرض دعم النظام، وإنما الهدف الأساسي هو مكافحة الإرهاب، والآن بعد أن تحققت هذه المهمة إلى حد كبير كما أعلن الرئيس بوتين، فلم تعد هناك حاجة إلى بقاء القوة الرئيسية في سوريا.
في المجمل، موضوع الإرهاب والأنشطة الإرهابية والحركات الإرهابية هنا وهناك، نعلم جميعاً ان مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط هو أحد محاور استراتيجية سياسة روسيا الخارجية إن لم يكن أهمها على الإطلاق.
سبوتنيك: بالعودة إلى زيارة وزير الخارجية المصري إلى موسكو، هل تتوقعون عودة السياحة الروسية إلى مصر عقب المباحثات؟
عزت سعد: الاتصال الهاتفي الذي تم بين الرئيس بوتين والرئيس السيسي خلق توقعات وآمال كبيرة في مصر، واعتقد أن زيارة الوزير شكري ستتناول تطورات هذا الملف، في ضوء الوفود الأمنية الروسية التي تأتي إلى مصر لتقييم مدرجات الأمان في المطارات المصرية وتحديداً المطارات التي يصل إليها السياح الروس، وهناك تقييم إيجابي لهذه الإجراءات.
ومع السماح بتسيير الرحلات مرة أخرى، فنحن نعلم أن موسم السياحة المصرية قد اقترب من نهايته، خاصة وأن موسم السياحة الروسية في عادة يكون خلال فصل الشتاء.
نأمل أن يكون هناك حراك في هذا الملف لأنه يخص قطاعات كبيرة من المصريين ليس فقط قطاع الفنادق وغيره، حيث يوجد ما لا يقل من 5 ملايين مصري يعملون في قطاع السياحة.
سبوتنيك: الوضع في ليبيا غير مستقر، كيف تنظر إليه مصر؟
عزت سعد: الوضع في ليبيا لا يهدد مصر بحسب، وبحكم أنها دولة جوار مباشر، فإن الوضع في ليبيا يمثل تهديداً للأمن القومي المصري، فضلا عن دول الجوار المباشر مثل تونس والجزائر، كذلك يهدد إيطاليا وفرنسا ودول شمال المتوسط.
أي عمل عسكري مشترك أو منفرد في ليبيا لمواجهة "داعش" والتنظيمات الإرهابية الأخرى يجب أن يتم من خلال مجلس الأمن حتى نتفادى الفوضى التي حدث عام 2011، عندما تدخل الـناتو، وبدل من تنفيذ الولاية التي نص عليها قرار مجلس الأمن رقم 1973، قام بتصفية الرئيس القذافي آنذاك، وترك فراغاً سياسيا وعسكرياً هائلا نحصد اليوم آثاره الكارثية، لهذا السبب عندما قامت "داعش" بقتل 21 من المصريين نفذت مصر عملية عسكرية استخداماً لحقها في الدفاع الشرعي عن النفس طبقاً لنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة وفي نفس الوقت أبلغت مجلس الأمن بضرورة تولي مسؤولياته بحكم أنه الجهاز المعني بحفظ السلم والأمن الدوليين.
سبوتنيك: في ضوء تدهور الوضع الأمني في ليبيا، دعت مصر إلى إنشاء القوة العربية المشتركة، وفجأة تلاشت الفكرة واختفت، هل تخلى العرب عن إنشاء قوة عربية مشتركة؟.
عزت سعد: القمة العربية العام الماضي أقرت إنشاء هذه القوة، ورؤساء الأركان اجتمعوا لعمل بروتوكول ينظم نشاط وإنشاء هذه القوة والوسائل التنظيمية واللوجستية ذات الصلة، لكن الاجتماع الأخير شهد تأجيل الاجتماع الأخير لمزيد من التشاور.
من الناحية النظرية فإن قرار القمة قائم وصحيح، ولا أستبعد أن تقود الأخطار القادمة إلى إعادة النظر في هذا القرار وتفعيله بإنشاء القوة العربية المشتركة.
أجرى الحوار أشرف كمال