حذاء "منتظر الزيدي"، الصحفي العراقي ابن السادسة والثلاثين عاما، ربما لم يصب وجه رئيس الدولة الأقوى في العالم، ولكنه أجبره على الانحناء ليتفاداه، وهنا يكمن المعنى
"سبوتنيك" حاورت الصحفي العراقي صاحب أشهر حذاء في العالم في الألفية الجديدة "منتظر الزيدي"، ليكشف خلال الحوار أسراراً جديدة عن مرحلة ما بعد ضرب الرئيس الأمريكي السابق، ورفضه عروضا غربية، وكذلك عن علاقاته ببعض الدول العربية.
سبوتنيك: دعنا في البداية نسأل عن واقعة الحذاء التي جعلت حديث العالم… وملابسات الواقعة نفسها؟
سبوتنيك: أين ذهب حذاؤك الذي ألقيته في وجه الرئيس الأمريكي السابق؟
الزيدي: بالطبع قطعوه في نفس اليوم، فهم يدركون أن هذا الحذاء سوف تكون له أهمية خاصة، لأن بوش أول رئيس أمريكي يتم ضربه بحذاء عربي، (وكانت هناك مطالب بأن يوضع هذا الحذاء في متحف). وأطالب بدلا من إقامة متحف لحذاء الزيدي، بأن يقام متحف لشهداء الحرب، ومتحف لشهداء الإرهاب، ومتحف لكرامة العرب، ومتحف للحكام العرب.
سبوتنيك: إذا تكرر الزمن ووقفت أمام رئيس أمريكي آخر… هل ستفعل نفس الأمر؟
الزيدي: هذه الفعلة تحدث مرة واحدة فقط، مثل "الحقنة" التي تؤخذ مرة واحدة فقط ثم نرميها، فهذه القصة جاءت انعكاسا لادعاء بوش بأننا استقبلناه بالورود، لذلك استحق الرجم بالحذاء، ولكني لن أستعملها في كل الأحيان، ولكل رئيس أمريكي إجراء يمكن اتخاذه معه، فمثلا أسست منظمة هدفها رفض الاحتلال الأمريكي للعراق، ومهمتها رفع دعاوى قضائية لملاحقة كل من ساهم في العدوان على العراق وشعبه، وملاحقة كل من ارتكب جرائم في حق الشعب العراقي.
سبوتنيك: كثيرون يعرفون ما فعلته ولكنهم لا يعرفون من هو منتظر الزيدي… كيف تعرفهم بنفسك؟
الزيدي: أنا مواطن عربي، قومي الانتماء، ناصري الهوى، نشأت في العراق، حيث ولدت في بغداد، ولكن مسقط رأسي هو محافظة "ذي قار"، وهي أيضا مسقط رأس نبي الله "إبراهيم"، وهذه المحافظة لها أهمية وخصوصية كبيرة، فهي متفردة والعراقيون كلهم يعرفونها، فهي مدينة الشعراء ومدينة الموسيقيين، وهي مسقط رأي كبار الساسة العراقيين. وأنا متزوج من لبنانية، وأنجبت منها ابنتي "أميديا"، وهو اسم ملكة بابل القديمة.
سبوتنيك: بعض الصحف تناولت حديثك الأخير في إحدى القنوات الفضائية المصرية تجاوزاً دينيا بقولك "الله لا يستطيع ضبط من سرقوا ثروات العراق… لماذا قلت هذا؟
سبوتنيك: بعد حادثة الحذاء ألقي القبض عليك… حدثنا عن تفاصيل هذه الفترة؟
الزيدي: بعد القبض عليّ وضعوني في سجن الاستخبارات لمدة 3 أشهر خضعت خلالها للاستجواب، وبعدها نقلت إلى السجون العمومية ومكثت فيها نحو 6 أشهر، وخلال هذه الفترة خرجت قبيلتي "بنو زيد" بالكامل لتطالب الحكومة العراقية بضرورة الإفراج عني.
والآن أنا مقيم ببيروت، ولكني رفضت عرضا من البرلمان السويسري، أشكرهم عليه بشدة ولكني أرفضه، بمنحي اللجوء السياسي للعيش في سويسرا، بعدما منعوني من العودة مرة أخرى إلى بلادي.
سبوتنيك: نعلم أنك تنتمي إلى المذهب الشيعي… هل تعرضت لأي أزمات بسبب هذا الأمر في العراق؟
الزيدي: من يدعون أن العراق تفرقه المذهبية هم كاذبون، فنحن لم تفرقنا هذه الأمور أبدا، فأبناء عمومتي وبنات عمومتي من المسلمين الشيعة أزواجهم أو زوجاتهم من المسلمين السنة، والبلد كله يسير على نفس النهج، ومن يرتكبون المذابح سواء من تنظيمات شيعية أو تنظيمات سنية في العراق ليسوا سوى متطرفين، ولا يمثلون الشعب العراقي صاحب النسيج المتجانس والمتناغم. وقبيلتي التي أنتمي إليها "الزيدية" أو "بنو زيد"، تقدر أعدادهم بالآلاف، نصفهم من السنة والنصف الآخر شيعي، وهو أمر تجده طبيعيا في العراق.
كما أن الحديث عن محاولات نشر التشيع ليس سوى خرافة أو أكذوبة، فمثلا قبل العدوان كان هناك نحو 5 ملايين مصري يعيشون في جنوب العراق، وهذه المنطقة الغالبية العظمى من سكانها شيعة، وبالتالي كان من الممكن نشر التشيع بين نصفهم على الأقل، ما كان سيترتب عليه أن يعود إلى مصر بعد الحرب 3 ملايين مصري متشيعين، لينشروا الفكر نفسه هناك، ولكن هذا لم يحدث.
ولكن على المستوى السياسي قد يشكل الأمر عقبة أحيانا، فمثلا بإمكاني أن ألتقي ببعض قادة حركة حماس، ولكني أخشى أن ألتقي بقادة حزب الله كي لا يقول المتربصون "منتظر الشيعي يلتقي بالشيعة ويخططون لكذا"، وهو أمر وارد جدا أن يحدث.
الزيدي: بالطبع، فأمريكا تحاول طوال الوقت أن تغذي هذه الانقسامات الطائفية، ليس في العراق فقط وإنما في كل الدول العربية، وهي لعبة تجيدها، فمثلا نجدها حريصة على دعم تنظيم داعش في العراق، الذي يدعي أنه يحارب النظام الشيعي هناك، وأيضا تدعم بعض الفصائل الإرهابية في سوريا.
وهناك معلومة حصلت عليها من بعض قادة الجيش العراقي، الذين ساهموا في تحرير بعض المناطق العراقية من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، حيث عثرت قوات الجيش على مظلات أمريكية، معروف أنها يستعملها فقط الجيش الأمريكي، وكانت عليها مساعدات طبية وغذائية وأسلحة، واكتشفوا أن أمريكا كانت تلقيها لمقاتلي داعش في الصحراء، لكي يتمكنوا من الصمود أمام الجيش العراقي الذي يحارب الإرهاب.
أجرى الحوار: أحمد بدر