ابدا ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي، الأمير محمد بن سلمان، واثقاً من الوصول إلى الطموحات التي تضمنتها خطة التنمية وتطوير الاقتصاد خلال الخمسة عشرة عاماً القادمة، وحدَّد الأمير محمد بن سلمان ملخص تلك الطموحات، في مقابلة له مع قناة "العربية" السعودية، بالتخلص من حال الإدمان على النفط الذي عطل تنمية قطاعات كثيرة.
وتعد "رؤية المملكة السعودية عام 2030" الأولى من نوعها في النهج الحكومي السعودي، بطرحها لرؤية تنموية اقتصادية متكاملة لا تعتمد على الواردات النفطية، التي حوّلت اقتصاد المملكة إلى اقتصاد ريعي، مهدد بالتراجع والتأثر عميقاً بتقلبات السوق النفطية والأزمات الاقتصادية العالمية، وحدث التأثيرات في أكثر من محطة، في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وفي العشربة الأولى من القرن الحالي، وتعيش أسواق النفط هذه الأيام انتكاسة مستمرة منذ ما يقارب العامين.
أبرز ما تضمنته الرؤية؛ "رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65 في المئة، ورفع نسبة الصادرات غير النفطية إلى 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى زيادة نسبة الاستثمار الأجنبي من الناتج المحلي إلى 5.7 في المئة من 3.8 في المئة حالياً، ورفع مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي إلى 97 بليون ريال بحلول العام 2020.. وزيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 بليون ريال إلى تريليون ريال، السعي إلى تأمين 9.5 غيغاوات من الطاقة المتجددة في 2023، ورفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من 20 إلى 35 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، ورفع نسبة التمويل المخصصة لتلك الشركات من خمسة في المئة الآن إلى 20 في المئة..".
وكان لافتاً حديث الرؤية عن "أهمية عقد شراكات عالمية في قطاع الترفيه، وتخصيص أراضٍ لإقامة متاحف ومسارح. ومساحات كبيرة على الشواطئ للمشاريع السياحية..".
أهداف إذا ما تم العمل عليها وتحقيقها ستحدث بالتأكيد نقلة نوعية في تركيبة الاقتصاد السعودي، غير أن ما جاء في نص الرؤية، والإيضاحات التي قدمها الأمير محمد بن سلمان، في مقابلته مع قناة "العربية"، يبقى منقوصاً لجهة إغفال أن التنمية الاقتصادية والمجتمعية غير ممكنة إلا في ظل بيئة قانونية وسياسية وإدارة مناسبة، تتطلب إصلاحات واسعة، بل وجذرية في العديد من جوانبها، تعيد بناء النظام السياسي السعودي، بما يتيح وجود مؤسسات ديمقراطية منتخبة عبر صناديق الاقتراع، مجلس تشريعي ومجالس محلية، وإخراج مجلس الوزراء والمناصب الحكومية العليا من قبضة الأسرة الحاكمة، واحترام حقوق المرأة وتمكينها من أن تكون على قدم المساواة مع الرجل.
ودون تحقيق هذا الربط الجدلي بين التنمية الاقتصادية والتنمية السياسية والمجتمعية لن نكون أمام رؤية مكتملة، ولن نكون متأكدين من أن الرؤية ستنفَذ وتحقق الأغراض التي وضعت من أجلها.
(المقال يعبر عن رأي كاتبه)